باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيد بشير الدبعي.. أسطورة نضال وقصة كفاح
نشر في أخبار اليوم يوم 18 - 08 - 2011


تقرير/سعاد القادري مراجعة وصياغة/وئام الصوفي
الشهادة هي لقاء الله سبحانه وتعالى وهي حلم الأنبياء وأمنية الأولياء ، كل أمر يصبح بمقارنتها أمراً تافهاً وصغيراً ولا قيمة له، هذه الأمنية هي من أهم الأمور التي يحصل عليها الشهيد ,بالإضافة إلى مجاورة الأنبياء والشهداء، لذلك نجد الآية الكريمة تؤكد على اللقاء الذي سيتفرع عنه كل رزق ونعمة، فالشهداء "أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
إن الحياة تحكي كل يوم على مسامعنا كيف يقتحم الشهيد القلوب ويحصل على ذلك العز العظيم والاستثنائي فيها والفخر الشامخ الذي تناله عائلاتهم ومجتمعاتهم رغم كل الجراح.
للعقول العظيمة هدف، وللعقول الأخرى أمنيات فقط.. كان هدفه أن يرى وطنه الحبيب ينعم بالأمن والاستقرار.. يتنفس الحرية ويستنشق عبير المجد.. ظل يسعى لتحقيق ذلك بكل ما يملك ..كفاحه ظل ملازماً له طوال فترة حياته ولسان حاله أقسمت يا أمتي أن تعتلي عرش الأمم.
بالفعل الشهيد/ بشير الدبعي أسطورة نضال وقصة كفاح.. إنسان عظيم بكل ما تعنيه الكلمة ببساطة خلقه ورحابة صدره، ومن هذا المنطلق انطلق بشير مهيوب الدبعي.
الشهيد بشير مهيوب حيدر الدبعي من مواليد 1974م قرية مائلة دبع الداخل الشمايتين ,متزوج له ثلاثة أولاد وابنتين أكبرهما رحمة 16سنة الصف الثاني ثانوي وعمر 12سنة الصف الثاني الإعدادي وأحمد 11سنة الصف السابع وريم 7 سنين الصف الثانيمعاذ سنة ونصف
حصل الشهيد على مؤهلات بكالوريس من جامعة تعز تخصص رياضيات وماجستير أصول التربية من جامعة الجزيرة السودان ,عمل مدرساً في مدرسة النور وموجهاً لمادة الرياضيات في مديرية الشماتين , كما عمل مدير تنفيذ لجمعية معاذ العلمية منذ بداية تأسيسها وحتى سنة 2008م وشارك في تأسيس مشروع تجاري لم يكتمل بنيانه حتى استشهاده .
دعونا نتعرف في هذه السطور على تفاصيل قصة استشهاده ومسيرة حياته
ا لشهيد/ بشير الدبعي
نبذة عن حياة الشهيد
نشأ وترعرع الشهيد في أسرة محافظة..ما يشدك إليه من أول لحظة تواضعه الكبير وبساطته المتأصلة فيه..رجل يتوارى عن الأنظار في الأفعال العظام الجسام..التي يكون الفاعل الرئيسي فيها القدوة الأول في كل شيء..يحسن إدارة العمل وإنجازه بإخلاص وإتقان ومسؤولية قد يضحي بحقوقه ويتحمل الكثير في أعماقه رغبة في كسب القلوب وتعزيز الثوابت.. لا ينتصر لذاته على الإطلاق... بل تجده سباقاً للدفاع عن الأخرين ومساعدتهم.
سمات الشهيد
مستقيم دون مغالاة يحسن الأعمال ويمقت الأقوال.. متواضع رغم مستواه الاجتماعي المرموق.. هادئ الطبع غيور على دينه وإخوانه.. شجاع.. صادق.. كريم، روعة سيرته جعلتنا نقف وقفة إجلال وتعظيم لشخصيته.. فأي مدرسة نهل منها هذا البشير ليترك فينا كل معاني الحب والإجلال.
بشير والثورة
منذ اندلاع الثورة وبشير مرابطاً في الساحة، له الكثير من الأنشطة التي يسعى دائماً من خلالها لتحقيق أهداف الثورة بكل طاقته، فحرارة الإيمان المشتعلة بداخله قد أذابت لحام القيد.. لم يبالِ بوعورة الطريق أو ظلمته.
جمعة النصر في ساحة النصر.
بعد تلك المحرقة التي اقتحمت نيرانها ساحة الحرية بتعز على أناس عزل لا يحملون سلاحاً، بل حملوا شعار السلمية منذ اندلاع ثورتهم، ولم تنثنِ العزائم أو تترد الخطوات، برغم القتل الغادر والوحشية الهمجية التي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
توجه الشهيد بخطوات واثقة بما عند الله من فتح قريب ونصر أكيد، إلى ساحة النصر في أول جمعة (جمعة النصر) 3/ 6 / 2011م، بعد تلك المحرقة الدامية لتكون آخر صلاة يصليها الشهيد في هذه الساحة، لم يكن يعلم أن هذا اليوم هو آخر محطات حياته في هذه الساحة التي وحدت تحت سماها قلوب العاشقين للحرية والكرامة، فكثير ما ترددت خطواته إلى ساحة الجهاد منذ بداية الثورة، مرددا شعاره الدائم "النصر أو الشهادة".
قصة استشهاده
بعد أن أكمل صلاة الجمعة في الساحة، وبعد أن مرغ جبينه في ثراها الطاهر، وأثناء عودته إلى منزله، اتجه إلى السوق لشراء الفاكهة لأولاده الذين ينتظرون بشوق عودة أبيهم الحنون، ولكن ما هي إلا لحظات وإذا برصاصات غادرة تختطف منهم الأب العائد إلى أطفاله، أطلقتها قوات من بلاطجة النظام التي استحلت كثير من دماء الشرفاء من أبناء الوطن.
الإصابة كانت خطيرة ومروعة تلك التي اخترقت ذلك الجسد الطاهر فقد اخترقت الرصاصة رأسه واستقرت بعدها في منطقة الرقبة، أي غدر وأي حماقة ارتكبها النظام الفاسد ليقتل بشير العالي بالقيم والمبادئ ؟.
كانت الحادثة فاجعة ومروعة اهتزت لها قلوب كل المحبين له، من يعرفه ومن لا يعرفه.. نقل الشهيد إلى مستشفى اليمن الدولي، وظل بعدها في غيبوبة بين جدران العناية المركزة أسبوعاً كاملاً، أصبح وضعه حرجا للغاية وإصابته خطيرة جداً.. وكأن الله يهيئ القلوب لتقبل رحيل هذا البطل عن الوطن إلى الرفيق الأعلى حيث النعيم الخالد والحياة الباقية..
ومع هذا إلا أن الألسن لازالت تلهج بالدعاء أملاً بشفائه، والكل كان مترقب عودة الفارس إلى ميدانه، ولكن مشيئة الله فوق كل شيء... غربت روح بشير مع غروب شمس يوم الخميس 9/6/2011 .

موكب جنائزي مهيب
وفي صباح الجمعة 10/6/2011 شيع جثمان الشهيد الطاهر "بشير" في موكب جنائزي مهيب، وصُلي عليه في ساحة الحرية والتي استعادها الشباب بعزمهم وإصرارهم
كم كان يتمنى أن يصلي في ساحة الحرية بعد أن احرقها أحفاد نيرون، إذ كان بشير الفاتح لها وأول شهيد يصلى عليه فيها بعد إحراقها.. وهكذا ودعت تعز الحالمة أحد شبابها الثوار ليوارى بعدها جثمانه الطاهر في مسقط رأسه في قرية مائلة دبع الداخل (مديرة الشمايتين ).
حقا إن لله أولياء.. وإن الشهادة يختص بها أصفياء يصطفيهم الله دون خلقه، ليكونوا بجواره وتحت ظله يزفون إلى الحور العين في موكب ملائكي؛ أرواحهم في حوصلة طير يمرحون ويسرحون في الجنة كيفما يشاءون.. هنيئاً لك يا شهيدنا الحياة الأبدية.. وهنيئاً لأهلك شفاعتك لهم عند المولى سبحانه وتعالى.
الشهيد يكتب وصيته قبل استشهاده
تحدثت إلينا زوجة الشهيد بحرقة وبأعاصير من الألم حين سألناها عن أهم ما يتصف به الشهيد فقالت: أخلاقه النبيلة والسامية هي من أوصلته إلى ما هو عليه فوالله ما عهدته إلا هادئ الطبع متسامحا حنونا على أهله وأقاربه، يتفقد الجميع ودون استثناء.. يحل مشاكل الأسرة إن وجدت بكل يسر ولطف، قائد ومرب للعائلة بأكملها.
وأضافت: وجدت بشير منذ بداية أيام الثورة مناضلاً في ساحة الحرية، بل من السباقين في مسيرة الكفاح على الساحة، كان يعود إلى المنزل بعد صلاة الفجر أملاً في تحقيق الهدف المنشود من هذه الثورة، وكان في آخر أيام حياته كثير الصمت، أفعاله تغلب أقواله، لم يتحدث معي أنه يستعد للموت أبداً، لكنه جهز كل أوراقه الخاصة به، بل إنه جهز حتى وصيته قبل المحرقة الدامية.. بشير ظل كما عهدته دائماً دائم الابتسامة والأمل اللامحدود إلى آخر لحظات حياته.
وتابعت: حين تلقيت نبأ وفاة زوجي الشهيد بكى كل من كان حولي من العائلة لرحيل من كان بمقام الأب والأم لكثير من أبناء أفراد العائلة، ولم يكن البكاء إلا لحرقة الفراق فقط، أما هو فأنا أحسبه شهيدا عند الله ولكن ما أثار دهشتي هو صمود ابني أحمد حين دخل علينا ونحن في الغرفة نبكي، فصرخ فينا لماذا البكاء فقد اختار الله والدي شهيدا، قالها بصمود كالجبال وهذا ما رباه عليه والده .
وسألناها أيضاً ما أجمل ما تتذكرينه عن زوجك الشهيد؟ فقالت بشير هو كل ذكرياتي الجميلة التي عشتها وأعيشها بكل جزئياتها وتفاصيلها، لم أعرف عنه إلا رقة في الأخلاق.. وسعة في الصدر.. والله ما رفع صوته على أحد، بل كان يتحلى بأخلاق المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في معاملته لأسرته .
وكانت نظرته للواقع الذي نعيشه نابعة من روح حرة، كان يكره الذل والاستبداد يكره أن يرى الحقوق تنهب أو تسلب دون أي حق، وهذا ما دفعه إلى الثورة، كان يدفع بالناس للخروج ضد الظلم والاستبداد ليغير الواقع من حوله من أجل أن يضمن للإنسان أن يعيش في ظل حياة كريمة .
وأما عن أثر الشهادة في نفوس أبنائي ,فهم مفتخرون ومعتزون أن أباهم أصبح شهيدا، وأصبحوا هم يتطلعون أكثر للشهادة، أما النظام الفاسد فكل يوم يلقى النصيب الأكبر من الدعاء عليه بالزوال والفناء لتضل أرض اليمن طاهرة نقية.. سنواصل درب الشهيد بإذن الله. وهذا ما ختمت به زوجة الشهيد كلامها.
مخيلتي حافلة بذكرياته العطرة
أما ابنة الشهيد الكبرى رحمة التي تبلغ من العمر السادسة عشر , فهي تدعو في سجودها أن تكون أول من يلحق بأبيها تقول أنا عشت مع أبي أكثر ومخيلتي حافلة بذكرياته العطرة فأسأل الله أن أموت شهيدة وأكون أول من يلحق بأبي.
متعطشة لمزيد من حنانة
بالنسبة لريم والتي لم تتجاوز السابعة من عمرها ترد على أختها فتقول: لا بل أنا أول من سيلحق بوالدي .. لأني لازلت متعطشة لمزيد من حنانه.
عمو بابا أستشهد
ابنه أحمد الذي لا يتجاوز الحادية عشر من عمره في المرحلة الإعدادية تحدث إلينا:
والدي شهيد ولماذا البكاء.
وكانت ردة فعل خبر وفاة والده تواصل مع إحدى الزملاء المقربين إلى والده ليبشره بنبأ استشهاد والده قائلاً "عمو بابا أستشهد".
بصمة الشهيد في رحاب جمعية معاذ العلمية
وللشهيد قصة ومسيرة أخرى في حبه ودعمه لكتاب الله وحفاظه.
الشهيد بشير يعد من أحد أبرز مؤسسي جمعية معاذ العلمية التي تم إرساء قواعد تأسيسها في عام 1996 وفي بداية تأسيس الجمعية عمل فيها نائباً لمدير الجمعية ,ثم مديراً للشؤون المالية والإدارية.
الأستاذ/أحمد سعيد فرحان -مدير الجمعية -تحدث وعيناه تذرفان الدمع حين سألناه عن تميز الشهيد في هذه الجمعية المباركة قائلاً: ماذا أقول عن بشير فبشير هو جمعية معاذ وجمعية معاذ هي بشير ..
نعم فبصماته واضحة في صنع تاريخ هذه الجمعيةالقرآنية ,خدم القرآن فيها مدة لا تقل عن 15 عاماً ..بشير اسمه العطر يفوح شذاه لكل من أحب القرآن وأحب معاذ الخير.. أجل فهو أسطورة نضال وقصة كفاح.
مميز بأخلاقه وعمله
من جانبه قال الأخ/منير الوجيه يصعب عليَّ أن أختصر الكلام بكتابة أسطر قليلة ومختصرة وهذا ما أجده عندما أحاول الكتابة عن الحبيب بشير الدبعي الذي كان كتلة من المميزات ولا أزكي الله على أحد ولكن نحسبه كذلك مميزاً بأخلاقه وعمله كذلك كان فكره ورأيه سديداً, لقد فقدنا شخصية من أبرز الشخصيات القيادية الشابة
في المدينة إن لم يكن في اليمن ممن تركوا الآثار والبصمات في جميع الأعمال التي أسندت إليهم ,كان من الذين بذلوا جهداً مميزا في إرساء دعائم جمعية معاذ العلمية ذلك الصرح الرباني القرآني المتميز حتى بعد انتقاله إلى العمل خارج الجمعية ظل مساهماً في بناء وتطوير العمل القرآني.
وأضاف: كان إذا واجهتنا مشكلة يصعب علينا أن نجد لها حلاً كنا نسرع لنسترشد
من آراء بشير السديدة ,رحل أخانا الحبيب وعزاؤنا أنه ممن أختارهم الله تعالى كما إن عزاؤنا أنه كان مساهماً في رفعة كتاب الله فكل الحافظين والحافظات سيشهدون له عند المولى بإذن الله فإن الله لن يضيع أجر العاملين وتلك المساجد الموزعة في سهول وجبال وقرى تعز شاهدة لمن ساهم في إعمارها ونحسبه واحدا منهم
وأخيراً نعاهد الشهيد أننا على طريقه ونهجه سائرين ذاكرين فضلك يا بشير ومناقبك ونسأل الله عنك بأولادك ليكونوا ذخراً لهذا الوطن ولتلك القيم النبيلة التي كنت تحملها وإنا لله وإنا إليه راجعون.
المبادئ أبقى من المصالح
من جانبه تحدث الأخ/نشوان الفاضلي قائلا: بشير الدبعي اسما عرفناه وسمعنا عنه الكثير، فهو من الرجال المخلصين لدينهم ووطنهم، جسد حياته في صناعة الخير وتقديمه للآخرين في أبهى صوره وأسمى معانيه، فكان متفانياً في كل ميادين العمل
التطوعي الذي يسهم في بناء الوطن.
ويضيف: من خلال ما كنت أسمع عنه، جعلني أحبه وأكن له احتراماً وتقديراً كبيرين.. كان رجلاً مخلصا في عمله صادقاً مع أخوانه غيوراً على وطنه محباً له ومدافعاً عنه، صدق مع الله فصدقه الله واصطفاه شهيداً من بين خلقة... الشهيد بشير ترك كلمة ومفادها أن الوطن مقدس ومن أجله تهون كل التضحيات... رحم الله شهيدنا وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
بشير شيء آخر
من جانب آخر تحدث الأخ/ فاروق الشميري مدير الإعلام بجمعية معاذ، وهو يرثي الشهيدقائلا:
أخي بشير هكذا نناديك حياً بيننا ..لأنك لم تمت فينا.. مازلت مشعلاً للنور, وهادفا للخير، هو شامة في جبين الوطن وقدوة للمخلصين ومنارة للسائرين, بل لقد أصبح عنوانا كبيراً للعيش الكريم، وبوابة كبرى للشرف الأعلى، ومصورا لإلهام الحياة والأحياء، يتزاحم الناس حول صورك التي تزين الجدران،ويتبارون لسرد روايات ارتباطهم بالعز, ويتمنون السفر للخلود مثلك ومثلك لا يموت.. وكيف تموت وأنت البطل الشهيد.. والشهداء "أحياء عند ربهم يرزقون ".
أخي بشير.. شرُفنا بك كثيراً اليوم، مذ عرفتك وما زلتأتذكر لحظة لقائي بك، ونحن في الجامعة في العام 1995م، "وجه سموح حنون يأسرك للوهلة الأولى.. وعيون تدفعك إلى الأمام "، من يومها يا أخي كلما ازددت معرفة بك زاد إعجابي وحبي وتقديري لك.
أخي بشير.. خبرتك شاباً يتوقد همة، وداعية لا يشق له غبار، يحمل هم دينه وأمته، يتولى كثيراً من الأعمال الدعوية ويمضي بهمة عالية، لا يقف عند حدود المعوقات، بل يبتكر الحلول ويجتهد بتيسير الأمور لإخوانه من الدعاة، يقدح من روحه شرارة ليستضيء من حوله.. فينطلق العمل بنجاح.
أخي بشير.. كنت أخاً صادقاً لكثير من الناس، تحظى بثقتهم واستئناسهم، ولذلك كنت مكمن سرهم ومستودعاً آمنا ً لخلجات نفوسهم، وقد كنت أنا أحدهم.. فرغم انشغالك كنت تجلس معنا، وتجتهد في تقديم المشورة المناسبة إلينا والرأي السديد حتى في الأمور الخاصة.. وبذلك كنت شيئا آخر.
أخي بشير.. عرفناك وتعاملنا معك وأنت تسير وتدير دفة أنشطة جمعية ليست بالصغيرة الخدمة أو النشاط، بل هي جمعية معاذ العلمية لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية، منذ التأسيس وأنت تجتهد وتراقب وتشرف وتحقق الأهداف, فاستقام سيرها واشتد عوها.. كبرت الجمعية وكبرت مسئولياتك وزادت مشاغلك، ومع ذلك ازددت تواضعاً وتفانيا وإخلاصاً، تتشرف بخدمة القرآن وتتمثل أخلاقاً كريمة تسيح في الأرض وتسري في الكون،.. فكنت شيئاً آخر.
أخي بشير.. يوم أن قررت أن تخوض تجربة التجارة خضتها بروح المؤمن، وأخلاق التاجر المسلم الأمين القنوع، الذي يعتبر التجارة عبادة وأخلاقا, كم من الأشياء كنت تقدمها دون فائدة، بل وتجتهد في توفيرها من تجار آخرين دون زيادة، وإذا ما احتاج عمل خيرٍ لدعم، فأنت لا تتردد.. ولهذا نجحت في سوق القلوب قبل سوق التجارة، فأحبك الناس ونلت محبة كثير من التجار المنافسين،.. فكنت شيئاً آخر.
أخي بشير.. جاءت الثورة وكنت من أوائل أبطالها، قدمت الكثير والكثير، ملأت الشوارع جيئة وذهابا والساحات اعتصاماً وثباتاً, والثوار تشجيعاً وتحفيزاً والناس إقناعاً وتنويراً، رويت بدمائك الزكية ساحة انتصرت فيها تعز لنفسها، واستعادت بها كرامتها، فسميت ساحة النصر والكرامة.. فرحنا بها كثيراً وكانت فجيعتنا بك كبيرة... كنت كريماً في كل شيء، تجود بأغلى ما تملكه، حتى وإن كنت تحبه، لأن محبتك وعشقك للعطاء والبذل فوق كل الأشياء.
صدقني والله إني مازلت غير مصدق مغادرتك حياتنا أبداً، بل ومازلت أحس بوجودك بيننا، لا أدري أهي روح الشهداء، أم هي مبادؤك الحية فينا؟؟ هل هي بساطتك وابتسامتك المعهودة، أم هي كثرة الأماكن التي ألفنا وجودك ونشاطك فيها؟؟ أم هو كلامك القيم الذي غالباً ما كنت تخصنا به في أذاننا؟؟.
حقاً لن ننساك أبداً... فأنت أكبر من حياتنا وأوسع من ذاكرتنا.. أنت خارج حدود النسيان.. لن ننساك لأنك شيء آخر.
عملاق يحمل همَّ خدمة كتاب الله
مشرفة اللجنة النسائية بجمعية معاذ العلمية، الأخت/ مخلص مدهش، التي من جانبها تحدثت قائلة: لم تجمعنا مواقف كثيرة مع هذه القامة السامقة، لكن ربما يكون موقف واحد أو اثنين يكفي لنعرف نوعية
هذا البشير النادر.. والذي بموقفه معنا نحت في ذاكرتنا نحتاً لا ينسى، ووضع في النفس بصمة تصل إلى مرحلة المدرسة المتكاملة في جوانب الرقي النفسي.. عهدناه داعماً للقرآن الكريم، يعيش همَّ الجمعية، وتحمله بين جوانحه روحٌ رفيعة ندية.. عندما عزمنا على تنفيذ مهرجان التميز والإبداع لطالبات الحلقات القرآنية، أحسسنا بمدى المسئولية بالوفاء بالوعد، والالتزام أمام جمهورنا في نوعية الجوائز وأحجامها.. فعرضنا عليه الموضوع... فما كان منه إلاَّ ما يكون من عملاق يحمل همَّ خدمة كتاب الله.. أثلج صدورنا حيث حمل همَّ المهرجان أكثر مما كنا نحمل..
كما كانت سعادة الطالبات كبيرة ولا توصف، بما قدمه لهن من جوائز تحفيزية.
وتضيف: لا يسعني إلا أن أقول أيها الشهيد.. نعم هذا الشهيد برغم أني لا أعرفه جيداً ولم أره إلا في صور استشهاده.. إلاَّ أني شعرت بتضارب المشاعر في داخلي في لحظات استشهاده، فرح لكون الله قد اصطفاه وحزن لفقدانه علم قرآني كنا نؤمل عليه الكثير.. هنيئاً له الاصطفاء.. وأجرنا الله في مصيبتنا وأخلف علينا بخير.
يشهد له الجميع بكرمه
كما تحدث إلينا الأخ/ أيوب الوافي، قائلاً: الشهيد بشير الدبعي ترك في حياتنا آثاراً وبصمات واضحة، فقد كان مدرسة في الأخلاق الفاضلة وحسن التعامل، صاحب رأي سديد ونظرة ثاقبة وذكاء حاد، ومع هذا كان قمة في التواضع.. تقبله الله شهيدا مع الأبرار، وأضاف: سألت عنه بعض الناس، والله الكل قال: هذا الرجل صاحب فضل عليَّ بعد الله تعالى...
بالتأكيد فقد عرفته متحسساً لمعاناة إخوانه وآلامهم، خدوما للصغير والكبير دون استثناء، فجزاه عنا خير الجزاء.
بشراك يا بشير
أما الشيخ/ محمد هزبر إمام جامع الإيمان في تعز، فقد قال: مذ عرفته تعلمت منه الكثير؛ فسلوكه مدرسة مستقلة وقدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه من القلائل الذين يحسنون فن إدارة الآخرين بلياقة فذة، وهذا الفن يفتقده الكثير منا.
ويواصل الشيخ حديثه قائلاً: رأيت بشير في منتصف ليلة المحرقة في ساحة الحرية متجها إلى موقعه، تاركا أهله وتجارته، مهتما بهموم وطنه العظيم...
ليلة المحرقة من الليالي الحاسمة في تاريخ ثورة اليمن الشعبية، وقد ذهب ضحية هذه المحرقة عدد من الشهداء، ولكن شاء الله أن يؤخر بشير إلى حين آخر يكون فيه منفردا، فبعد خمسة أيام أصيب في يوم جمعة النصر، حيث أذل الله تعالى فيها الظالم وأعوانه وأنتصر للمظلوم وإخوانه، وكان الاصطفاء السماوي والفوز النهائي بعد تسابق عشرات الآلاف في هذا اليوم، وكان هو الوحيد الذي نال هذه الدرجة الرفيعة، كم كان ماهرا في إدارته ومتفوقا في تعليمه وتعليم الآخرين، ومتميزا في سلوكه وناصحا في تجارته وصادقا في وعده وثابتا في مبادئه ومحققا لأهدافه وموفقا في أمنيته فاستجاب الله دعوته.
فبشراك يا بشير.. فلقد علمتنا الكثير حيا وميتا؛ حيا بأفضل الأخلاق والمثل، وميتا بأفضل الألقاب والأوسمة.. بشراك بانتظار الحور العين والنعيم المقيم وشفاعة السبعين وحلة الكرامة، من منا سيصل إلى هذا الشرف يا ترى؟ إنه الفوز الحقيقي والسعادة الأبدية، والنعيم المقيم فالسباق السباق
محطة تزود ومدرسة في التعامل
كما كان الشهيد بشير يعمل تاجرا لبيع الأدوات الإلكترونية، كان نعم التاجر الأمين يشهد له الكثير بمدى تعاونه مع الزبائن وتسامحه معهم الأخت رحمة الأغبري إحدى العاملات في مشروع التمويل الأصغر في مركز نماء سابقاً، تحدثت إلينا قائلة: تعاملت مع الشهيد بشير لمرات عديده لمست فيه أخلاقه العالية، ورقيه في التعامل، كان دائم الحرص على كسب زبائنه، يقدم خدماته بكل أدب وذوق، يتنازل
كثيراً عن الأسعار حتى لا يرد الزبون خائبا، كان يقضي حوائج الناس محتسبا ذلك
عند ربه، ووالله ما عرفته إلا مسارعا لقضاء حوائج الآخرين، لم يكن يحرص على
المال بقدر حرصه على قضاء الحوائج وكسب الدعوات من الناس، فتجارته كانت مع المولى سبحانه وتعالى وبإذن الله.
وأقول للشهيد أنت مدرسة عليا في القيم والأخلاق، وأنت محطة تزود نقف عندها لنتعلم منها الكثير والكثير.
هنيئاً لك الشهادة
أخيراً نقول: هكذا هم الأبطال ستظل ذكرياتهم تُحلِّق في سماء قلوبنا، فنزداد حنينا وشوقاً لنخوض غمار الحياة بكل جدية وصبر.. نتسلح معها بالإيمان القوي الراشد والذي يدفعنا لأن نقدم ونضحي بكل ما نملك لأجل الوطن، لنرسم بعدها على جبينه أروع صفحات البطولة.. فنسقيه من دمائنا ماء العزة، وتجلله تضحياتنا بأنوار العلا والمهابة.. فهنيئاً لأرباب الهمم وصولهم القمم.
رحمة الله عليك أيها الشهيد الحي.. رحمة الله عليكم أيها الشهداء الأبرار، لقد رفعتم رؤوسنا.. حقاً ستعلو بكم الرايات.. وستظل خفاقة فوق القمم إلى الأبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.