حين يتخلى المسؤول عن واجبه، وينصرف نار سخط الناس عن قضيتهم، وجب علينا لفت اهتمامات قيادة الشرعية بتعز إلى علاج الأسباب عوضا عن الغرق في الرد على ردود الأفعال. قد تحط المناطقية من موقف مناهضي التشدد، في المقابل، ظروف الحرب ليست مهربا لقوات الشرعية والسلطة المحلية من تحمل مسؤولياتهم في حماية المواطن من الإنفلات بتعز. واقتصار دور البعض بذم إنزلاق خطاب بعض شباب تعز إلى هاوية المناطقية تعتبر محاكمة انتقائية لردود أفعال كون التحذيرات لم تأتي بعد تحركات ميدانية تستبق الكوارث الآتية. بإمكان هذا الطرف أو ذاك الناشط تبرير الإنفلات من زواية مصالحه، والأخطر تعاظم السخط الشعبي مع مرور الوقت، وعدم الإسراع بوقف الكوارث يحط من نبل موقف المقاومة. تكمن قوة تعز في تنوع أفكار وتوجهات سكانها، ولن يستطيع طرف سياسي أوديني مصادرة حريات أبناء مدينة تعد قلب ثورة 11 فبراير، وقبل نصف قرن كانت منطلق لثورثي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر. إذا غابت السلطة المحلية، وصمتت قيادات المقاومة والجيش الوطني سيتغلغل الإرهاب ويتزايد الإنفلات، وبعدها، سيصبح مناهضة انفلات الأمن معركة للفرز المناطقي والسياسي والديني، ولهذا تتطلب البدايات الكارثية معالجات جذرية. يجب إنهاء أسباب تشدد/انفلات أولئك المسلحين، ومنعهم عن حشر أنفسهم في شؤون الناس، والأنفع لتعز الآن إطلاق حملة إنقاذية (أمنية، وسياسية، ودينية)، وإلزام كل مكون مقاوم بتوعية أفرادهم بمخاطر استهداف الحاضنة الشعبية لهم. والواجب على السلطة المحلية التنسيق مع قوات الشرعية والإسراع في حملة ميدانية غايتها أمن المدنيين قبل أن يصبح الإنفلات خطراً يعجل من مخطط الإنقلاب لإسقاط تعز من الداخل. ثمة فرص سانحة الآن لتأمين ظهر الأحرار بوقف تداعيات إنفلات الأمن، أولها، وقف جرائم السلب والنهب، وإنهاء التطرف الدخيل على روح المدينة الصامدة وسط جحيم مليشيات الحوثي وصالح منذ عام و نصف. ستظل تعز قبلة للتمدن، وعاصمة للثقافة، وساحة للإبداع، و حاضرة التعدد السياسي رغم المحاولات المستمرة للكائنات الذميمة والمليشيات الإنقلابية الساعية إلى تحويلها إلى مدينة للأشباح. ننتظر قيام المحافظ، ومدير الأمن، وقوات الشرعية بواجباتهم في تعز، ولكن :
أين السلطة المحلية؟ أين إدارة الأمن؟ ومن يعرقل عملها؟ أين قيادة مجلس تنسيق المقاومة؟ أين قيادة وضباط الجيش الوطني؟ ولماذا يصمت الجميع ازاء ما حدث؟ ومن يمنع إعادة تفعيل مؤسسات الدولة؟