في مشهد متكرر من الوعود المتآكلة، أعلنت رئاسة الوزراء في الحكومة الشرعية بالعاصمة المؤقتة عدن بدء تنفيذ العلاوات السنوية والتسويات لأعضاء هيئة التدريس والأكاديميين والتربويين والعاملين في القطاع الصحي. لكن هذا التصريح، في جوهره، لا يعدو كونه حبرا على ورق، وفراغا في المضمون، أمام واقع مأساوي يكشف أن مرتبات شهري مايو ويونيو 2025م لم تصل إلى مستحقيها حتى الآن، رغم تدهور قدرتها الشرائية لتصبح مجرد فتات لا يسمن ولا يغني من جوع، وسط الانهيار المخيف في قيمة الريال اليمني. ما جدوى العلاوات السنوية والتسويات إن لم يكن الأصل - أي المرتب الشهري - مضمون الصرف وفي موعده؟ كيف تصر الحكومة على الحديث عن تحسين أوضاع الموظفين وهي تعجز حتى عن الوفاء بالحد الأدنى من حقوقهم؟ كيف لحكومة أن تتحدث عن إصلاحات في ظل وضع مالي متردي وسوق متهالك وعملة فقدت ألكثير من قيمتها؟
أما ملف الكهرباء، فقد صار العنوان الأبرز في كابوس المواطن العدني. فعلى الرغم من التصريحات الرسمية التي تبشر يوميا بتحريك ناقلات النفط إلى محطة بترومسيلة لتأمين التيار الكهربائي، إلا أن الواقع يزداد سوءا. ساعات الإطفاء تتضاعف، والخدمة تسير من السيء إلى الأسوأ، وكأن الحكومة تبيع الوهم للمواطن وتسكب المزيد من الملح على جراحه المفتوحة.
أما التسويات للأكاديميين، فهي حكاية أخرى من مسلسل المماطلة، إذ لا تزال فتاوى الاستحقاق تراوح مكانها في دهاليز وزارة المالية منذ أكثر من سبع سنوات بلا تنفيذ، حتى بات الحديث عنها ضربا من السخرية.
الأسئلة المؤلمة باتت على كل لسان: إلى أين تسير بنا حكومتنا؟ أين تحالفاتها؟ أين سلطتها؟ أين مواردها التي تتبخر بلا أثر في حياة المواطن؟ وهل تعي هذه الحكومة أن هذا الوضع المتفاقم ينذر بانفجار لا يمكن لأحد أن يتحكم في توقيته ولا في نتائجه، بعدما لم يعد للمواطن شيء ليخسره؟
إن ما يحدث اليوم لا يمكن اعتباره سوى سياسة التخدير، وذر الرماد في العيون، ومحاولة مكشوفة لصرف النظر عن الحقوق الأساسية للمواطن، الذي فقد الثقة، وبدأ يفقد الصبر.