بيضفوبيا على وزن اسلامفوبيا بما يعني الخوف او التخوف من البيض ...واسلامفوبيا هي ظاهرة عانت منها اوربا خصوصا بعد تفجيرات امريكا في بداية الالفية الثالثة .. واصبحت الشعوب الاوربية تتخوف من الاسلام وهو تخوف غدى كالمرض عند هذه الشعوب - كفزاعة - يتم تخويف الناس بها عبر برامج ودعايات واعلانات . يقول قائل ، بشيء من الإزدراء ... وماذا قدّم البيض ، لأجل قضية شعب الجنوب ... حتى يسمى قائدا ، إنما القائد ، هو من تعركه الميادين ؟ هكذا بكل استخفاف ، وبشيء أيضا من التأفف يسأل سائل ، ما هذا السؤال ؟ ... لست بعالم بما في الصدور ، أو بما تخفيه النفوس ... ولكن حتما ما يعتلج بالداخل ، تكشفه طريقة الكلام ، وأسلوب التعبير ... بما يعني أن من يطرح سؤاله ... بهكذا استخفاف وإزدراء ، وتأفف واشمئزاز ... لديه موقف سلبي مسبق ، ممن يطرح حوله تساؤله . وبالتالي هو في الحقيقة ، لا يبحث عن إجابة ... قدر ما يسعى إلى أن ينفث ضغائن النفس وشوائبها تجاه هذا الفرد ، هذا من جهة ... ومن ناحية أخرى ، هو يريد منك أن تجاريه في موقفه السلبي تجاه هذا الرجل ... وتطبطب عليه بقولك ( عفارم عليك ) ، لعله بهذه المجاراة والطبطبة ، يشعر بشيء من مشاعر الانتصار ... بل وربما بشيء أيضا من أحاسيس الانتقام ... في زمن تكالبت فيه هزائم الذات ... وكان لزاما على هذه الذات أن تبحث عن غريم لتنتقم منه ، جرّاء ما هي فيه من سوء أحوال ، وضياع عمر .
على كل حال ( علي البيض ) ليس منزها عن ارتكاب الأخطاء ... وليس فوق مستوى البشر إحساسا وقدرات ، وفعلا وتفكيرا ، ولن يكون أصلا ... هو بشر وضعته الأقدار فيما وضعته فيه من مواقع ومناصب ، وهو - كما نظن ونعتقد - في كل ما فعله في مسيرة حياته الكفاحية والسياسية الماضية ... لم يكن يهدف ويخطط ويسعى في المطلق ، كي يجني قومه وشعبه وأرضه الشقاء والعناء والبؤس والقهر والظلم ... قدر ما كان يهدف ويسعى إلى أن يوفر طرق للسعادة وللازدهار والتطور والحياة الكريمة لشعبه ... هو لا يمتلك روحا سادية يتلذذ بتعذيب الآخرين ، وشقائهم ... هو سعى فيما سعى إليه بهدف سامٍ . هكذا نظن ، وفق ما كان يعتقده من تصور وتفكير .. هكذا نحسن الظن في مشوار ، حياة نضال وكفاح رجل ، منذ بدايات حياته ... ليس البيض وحده ، بل جميع من هم على شاكلته ... ممن اختط طريق النضال والكفاح ضد الاحتلال ... وضد الظلم والباطل والذل والقهر ... وكافح من أجل خلق ظروف أفضل ... لتقدّم الإنسان وتطوره وازدهاره ... هذا من حيث المبدأ . يحدث الفشل هذا أمر وارد ... يحصل أن لا تتحقق الأهداف كما تم تصورها والتخطيط لها ، هذا شي طبيعي أن يحصل ... إذ أن التعامل هنا من أجل تحقيق تلك الأهداف والتطلعات ... هو تعامل ليس مع قدرات خرافية ، خارجة عن نطاق إمكانيات البشر ... وإنما هي أفعال إنسانية ، فيها الخطأ وفيها الصواب ، ومحكومة بقدرات البشر وتصوراتهم ... وبالظروف العامة المحيطة بهم في واقعهم وخارج واقعهم ... وبالتالي أمر فشلها وارد ، كما أن إمكانية تحقيق أغلبها ، أو أقلها شيء محتمل الحدوث .
ليس فيما قلته آنفا تبريرا ( لخيبات ) البيض - كما يحلوا للبعض أن يتشدقوا بذلك - وليس فيه تبرئة من تحمل البيض لمسئوليته المباشرة ... فيما حصل من أمور قادت إلى كوارث ومآسي على الأرض ومن عليها ... ولكن خيبات البيض ، ومساعيه وأفعاله التي قادت إلى ( كوارث ) ... متروك أمر محاكمتها للتاريخ ... تلك المحكمة التي لن تحتوي فقط على ملفات البيض وحدة ... بل ملفات مرحلة تاريخية كاملة ، بظروفها وناسها مسئولين وجماهير . ما يهمنا هنا في هذه الإطلالة أن نقول للسائل رويدا وعلى رسلك ... طوال ( 15 ) عاما ... ظل البيض محكوما عليه بالصمت الإجباري ، منذ لجوئه للسلطنة ... ورغم ذلك الصمت المعلن ، إلا أن الأحداث التي جرت في الجنوب ، منذ ما بعد حرب ( 94 ) ... من أعمال مناهضة للمحتل اليمني - كمثال واحد فقط جبهة حتم - كان البيض ورجاله بالداخل الجنوبي ... هم من يقفون خلفها تأسيسا ، وتمويلا ، وأفعالا . وحين قويت شوكة الفعل المقاوم للمحتل ... وظهر ذلك التحدي الجماهيري لهذا المحتل ... سوى في العاصمة عدن ، أو حضرموت ، وبقية مدن الجنوب ، على اختلاف درجة هذا الفعل المقاوم ... والذي ظهر فيما بعد تحت مسمى ( الحراك السلمي الجنوبي ) ... كان البيض في الصدارة ليس كقائد ، بل كمسئول تحتم عليه المسئولية الأخلاقية والسياسية ... أن يقف في صف جماهير شعبه ... التي انتفضت غالبيتها ضد المحتل اليمني .. بعد طول معاناة مع هذا المحتل ... وأفعاله القاتلة وسياساته الإقصائية ، الألحاقية ، واللاإنسانية .
هنا حانت الفرصة للبيض ، بأن يتخلص من تلك القيود التي فرضت عليه قسرا ، ساعة لجوئه إلى عمان ... فغادر عمان حين شعر بأن هناك أغلبية شعب بالداخل ، لن يخذله في مسعاه ... الذي هو ذاته مسعى ، وهدف هذه الجماهير . هنا أعلن أن على عاتقه تقع مسئولية استعادة دولة هذه الجماهير ... دولة ذهبت ضحية مرحلة زمنية ... مليئة بشعارات حماسية خادعة وعواطف زائفة ... وسياسات حالمة تهدف لتحقيق ... وهم متخيل غذته شعارات تلك المرحلة التاريخية ... وهي تضحية تأتي أيضا كهروب من واقع ملئ بالسوء والأحباط ... وكان على البيض وفقا وتلك المسئولية ، أن ينحاز إلى هذه الجماهير ، ومطالبها المشروعة . تخيل أيها السائل ، لو أن البيض استمر في صمته الإجباري ... أو إنحاز إلى صف سلطة الاحتلال الجائرة ... ونال المكاسب والمغانم الذاتية ... وغدى كغيره ممن انتفخت كروشهم ، وتضخمت أموالهم ... ولم يعلن وقوفه بصف شعبه ... فأيّ موقف تريده للبيض أن يقفه ؟ لقد قال كلمته المشهورة في أول ظهور علني ... قال أنا معكم ، حتى أوصلكم إلى عدن ، وبعدها البركة في الشباب ... لم يقل أنتم معي ، بل قال أنا معكم ، فيما تناضلون من أجله ... فكلنا خدعنا ، كلنا طعنا ... كلنا كنا ضحية شعارات تربينا عليها ، وناضلنا بصدق وإيمان ، من أجل تحقيقها ... وحين توهمنا بأنها تحققت وإذا بها تسفر عن حقيقتها الكاذبة ... وتكشف عن مدى ما كنا فيه من خداع ودجل ، وكذب على مستوى التفكير والطموح ... أنا معكم يا شعب الجنوب ، كمسئول عما حصل لكم ، وكمواطن جنوبي ... حتى نستعيد دولتنا ونحقق استقلالنا الثاني .
كان البيض من الشجاعة أن يتخلى عن تلك الأوهام الشعاراتية ... التي تربى عليها ، منذ بواكير شبابه الأولى ... والتي قادته في النهاية لأن يصبح خائنا ومطاردا في وجوده ... ويعيش كلاجئ بعيدا عن وطنه ... الذي حلم ذات يوم ، بأنه سيكون خطوة أولى ، لوطن كبير مزدهر ومتطور . وإذا به وقد وجده مجرد اقطاعيات صغيرة تتوزع بين قبائل ، وأصحاب نفوذ ... يديرونها بعقلية السيد والعبد والتابع والمتبوع ، وتقهقر في كل شي ... فمن حلم التحديث والعصرنة ، إلى واقع التخلف والجاهلية ... من حلم دولة النظام والقانون والعدالة ، إلى مشيخة الأعراف البالية ، وذبح الثيران والإقطاع .... الخ هنا أعلن إنحيازه لصف شعبه ... ولم يقل لهم أنا قائدكم ، وأنتم معي ، ورائي ...لا ... بل قال أنا معكم ، فيما تريدونه وتطلبونه من أهداف ... فهل من الضرورة ، أيها السائل أن ترى البيض في الميدان ، وهو بهذا العمر ، حتى تقتنع وتسميه قائدا ؟ ... أليس النضال له أوجهه المتعددة ؟ ... ومن يصلح للميدان ، ليس بالضرورة ، أن يصلح للأعلام ، والتوجيه ، والعكس صحيح ... وليس كل من في الميدان ، يمكن أن يسمى قائدا !!! هناك مستويات متعددة للنضال ، وهناك من الاستحقاقات والاعتبارات ... ما هو مطلوب توفرها ، في من يستحق أن يطلق عليه قائد ... لا أقول إن تلك الاستحقاقات ، والاعتبارات ، قد توفرت في السيد البيض ، أو إنها لم تتوفر ، لا ... فالأمر هنا خارج التقدير الفردي ... وللموضوع بقية ... قادمة ...