ظهرت على الساحة الجنوبية منذ 2007 الكثير من المكونات الحراكية والمجالس الثورية والسياسية، ولكنها لانقول أنها قد فشلت أو أضمحلت، ولكن نقول أن دورها كان يتراجع دائما ويتراخى ويضعف مع الوقت حتى كاد أن يتلاشى، ولا ننكر أن هذه المكونات قد أدت دورا هاما في مرحلة من مراحل النضال الجنوبي الطويل. وعلى الرغم من أهيمة هذه المجالس الثورية في اذكاء جذوة القضية الجنوبية وابقاءها حية في وجدان الشعب الجنوبي على طول الوقت. ومع ذلك فقد كانت هذه المكونات والمجالس الجنوبية تتسم بالضعف والتشرذم وعدم القدرة على الاستمرارية والتماسك على الرغم من وضوح القضية الجنوبية، بسبب غياب الاجماع الجنوبي وانعدام القدرة على توحيد الصف والكلمة والهدف والغاية الواحدة، وغياب الثقة والاخلاص وحسن النية من مختلف الاطراف. وهو ما جعل الجنوب يعجز عن أن يكون طرفا قويا ومؤثرا في أي معادلة أو مساومة أو حلول قادمة للقضية اليمنية بشكل عام.
وقد قام مؤخرا القيادي والكاتب والمهندس علي المصعبي الأمين العام لحزب جبهة التحرير بمحاولة جديدة منذ ايام قلائل لتوحيد الصف الجنوبي وإنشاء حامل سياسي جنوبي جديد يمثل القضية الجنوبية ويمدها بأكسجين وأكسير الحياة مرة أخرى بعد أن كادت أن تصاب باختناق شديد وخطير نتيجة غياب الاجماع بسبب عدوى التفرّق والشتات التي أصابت القيادات والمكونات الجنوبية في الداخل والخارج، وتقلد الكثير من القيادات الميدانية مناصب لدى حكومة الشرعية، وهذا مطلوب أيضا وليس خطأ، ولكن حكومة الشرعية لا تمثل القضية الجنوبية، وليس هذا هو الدور المطلوب منها ولا من فخامة الريئس عبدربه منصور هادي حفظه الله ورعاه في هذه المرحلة وهو الذي يتطلب منه التزام الحياد الايجابي في تمثيل كل اليمنيين في الشمال والجنوب بصفته رئيس دولة الوحدة التي مازالت قائمة حتى الآن وإلا فقد شرعيته التي تمنحنا المسوغ القانوني والمشروعية في مقاومة طغاة صنعاء ومران ومنع التدخل الايراني السافر في بلادنا.
أما القضية الجنوبية فهي موضوع أخر وتحتاج إلى طرف أخر يمثلها في مختلف المحافل الداخلية والاقليمية والدولية ويكون نابعا ومستمدا من الشعب الجنوبي وعبرا عن تطلعاته. مع الحرص على التكامل والتنسيق مع الشرعية وقوى التحالف العربي وعدم التعارض مع هذه الاطراف باي شكل من الأشكال. وقد أكد المهندس المصعبي في هذا الشان بأن هذا المكوّن الجنوبي الجديد سوف يشكل رافدا جديدا وسندا للشرعية وقوى التحالف العربي ويساعد في محاربة كافة مظاهر التطرف والإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في الجنوب والمنطقة بمساندة دول التحالف العربي والعالم.
ويعتبر المهندس على المصعبي من أبرز الناشطين السياسيين في القضية الجنوبية وأكثرهم شجاعة وتعبيرا عن هموم شعب الجنوب، وهو يتحرك ويصرح ويناضل على أرض الجنوب ومن الداخل، ويشارك الشعب الجنوبي معاناته وهمومه اليومية، ولا يتحدث من الفنادق أو من مضائف أوروبا أو من المنافي والمهاجر كما تفعل الكثير من القيادات الجنوبية وهو ما يجعله أكثر إحساسا وتفاعلا وإندماجا وتعبيرا عن القضية الجنوبية، ويظهر ذلك بوضوح للمتابع الحصيف من خلال تصريحاته ومقالاته وأفكاره، وهو ما يعطي المصداقية لهذا العمل الجديد ويمنحه فرصة النجاح والجدية. إذا توفرت له العوامل المساعدة الأخرى ومنها تعاون القوى الجنوبية المختلفة في الداخل والخارج وتفاعلها مع هذه الصرخة الجنوبية وهي مباثة صرخة استغاثة أخيرة قد تكون قبل الغرق الأخير إن لم يصحَ الجنوبيون من سباتهم الطويل وتخاذلهم.