كان قدر ان اليمن أن تقبع رهينة لحكم عشائر وقوى قبلية وسياسية تتنافس على سيادة البلاد كصراع الثعابين على البقاء كان بمكان للرئيس هادي القدرة على اللعب على رؤوس الثعابين كوسيلة لتحرير اليمن من مراكز الكهنوت ليس كوسيلة لتمكين نفسه وأسرته من تحكم بالدولة وكما يعرف الجميع أن الدولة تحتوي على عنصريين أساسيين إذا توافرت وهي القوة العسكرية والمال الوفير إضافة إلى الحزب السياسي إذا الدولة تتبع نظام التعددية السياسية وهذه الثلاث العناصر توافرت في منظومتين سياسيتين في اليمن وهما حزب علي عبدالله صالح (المؤتمر الشعبي العام )و ( التجمع اليمني للإصلاح ) الحزب الذي ورثه حميد الأحمر من أبيه
فلم يكن هناك قوي في اليمن سوى هذه المحورين و من هذا الأساس تعامل الرئيس عبدربه منصور هادي لهذه الوقائع كما يجب فبعد استلامه السلطة بانتخابات توافقية أراد أن يصوّر انطباعا لكلاهما بأنه ذو شخصيته هشة يفتقر للقدرة على إتقان للعب على رؤوس الثعابين ويسهل السيطرة عليه من كل طرف منهم وتسابقوا لأجل كسبه في صفهم والرئيس هادي يدرك تكتيك كل فريق واحتوى جماعة الحوثي كطرف ثالث في المشهد اليمني وكان لابد منه السماح ان يقبلهم كفصيل سياسي معتمد من الحكومة ومرحب بهم في مؤتمر الحوار الوطني و ألمسهم الشعور بالاطمئنان إلى قلوبهم وليضرب ثلاثة عصافير بحجر التي هي طريقة علي صالح بدفع خصمه ضد الآخر حتى تصفو له الأجواء من معكر سياسي يمحي مستقبله كان ذلك أيضاً هدف لدى الرئيس هادي لكن بشكل مغاير تماماً وهو هدف وطني يرتكز إنهاء مراكز القوى المهيمنة على مفاصل الدولة كي يتسنى له تنفيذ مخرجات الحوار القائم على العدالة الاجتماعية وكان بيت الأحمر وحزب الإصلاح أول مراكز القوى تم تفكيكه ونزع مخالبه بجناحه العسكري الفرقة الأولى مدرع وتوجهت الأمور على اقتسام الكعكة اليمنية بتطور إلى الصراع بين جماعة الحوثي وحزب الإصلاح بشكل مباشر وأراد الإصلاح أن يستظل بظل الشرعية لتنوب الدولة في الحرب ضد الحوثيين وبطبيعة الحال عن الجيش اليمني فهو مقسم تقسيم حسب الولاءات والانتماءات الحزبية والقبلية أبت حكمة الرئيس هادي بالوقوف على مسافة واحدة من الطرفين وتحيد شرعيته عن الصراع أمام الرأي العام
وبقي علي صالح محتفظ بقوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي ولم يزج بها في هذا الصراع لكنه كان على تنسيق تام مع جماعة الحوثي للانتقام من أولاد الأحمر ولم ينتهي الشر الذي يحدق بهم وهو الرئيس هادي الذي وضعهم في نفق أدى إلى إطلاق صراخهم والتآمر عليه وادركو جدية الرئيس على معالجة القضية الجنوبية وعلى رفع الظلم التاريخي على أبناء اليمن الأسفل و منحهم حكم فدرالي كأقل رد اعتبار لتضحياتهم التي بدأت منذ 1918 . وليس هذا وحسب بل عمل الرئيس هادي على أدارج اليمن تحت البند السابع وفرض عقوبات صارمة على خلفه صالح ورأى علي صالح حينها لعبة هادي انتقلت إليه واستطاع هادي أن يشكل أكبر شرخ سياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام حصل على إثره انقسام كبير وعلم علي صالح أن هادي خرج عن الدائرة الذي كان يعتقد أنه محاط فيها ولم يعلم أن هادي يجيد اللعب على رؤوس الثعابين
بهذا التكتيك أحس علي صالح أن كيانه السياسي على وشك السقوط والهيمنة الزيدية السياسية تنهار فلم يجد صالح والحوثي سوى في التحالف بينهما لعل وعسى ينجح هذه المرة كما نجح تحالفهما ضد الأحمر وهذا ما طمح إليه الرئيس هادي أن يجمع عدويين منفصلين في بوتقة واحده واستطاع أن يؤقلم هذا العدو ليصبح ليس عدو لليمن فقط بل عدو الخليج ككل وأنهم بالفعل اذناب إيران و وكلائها في المنطقة وأظهرهم هادي على حقيقتهم ونجح في حشد كل الإقليم ضدهم ولم تجد الدول العظمى كروسيا وأمريكا مخرجاً لإنقاذ عملاء ايران للحفاظ على المصالح المشتركة
وبكل أمانة و وضوح كان الرئيس بحجم المسؤولية اتصف بالحنكة والدهاء جعل كبار السياسيين يقفون إمامه إجلالاً وإكباراً معلنين فشلهم وكسب ثقة الجميع بما فيهم قادة المقاومة الجنوبية واعتبروه نقطة قوتهم في نضالهم المشروع صحيح أن هادي نفسه طويل ولا يبربر كثير ويشطح ، لكنه يصبح خطيرا وفاعلا ويتمكن من قلب الأمور لصالحه حتى وان كانت أوراقه باليه انتصر هادي وكتب أسمه في أنصع سجلات التاريخ بأنه الرجل المنفذ الذي انتظرته اليمن والجنوب خاصة لانتصار ثورته