الثورة تعيد ولادة نفسها في كل عيد، والحديث عن ثورة 26سبتمبر في ميلادها ال54 لا يمكن حصره في عيد او احتفال كسابقيه .. اليمن كتاريخ ..والشعب كأجيال متلاحقة ادركوا مؤخرا عظمة ثورة أجدادهم ، التي رأت النور بعد مخاض عسير ، أثبتت صلابة الثوار ،ومكر حاكم ديني متعجرف؛ قبل أن يخطف طفولتها البريئة حاكم دموي ملحد باسم الجمهورية والوحدة، وبقت ذكرى من ماضِ ولى ومات.. في هندسة محكمة يرسمها اعداء الثورات والإنتهازيين. وثورة السادس والعشرين من سبتمبر نجحت في إقتلاع رأس الهرم من الإماميون وكسرت الحق الإلهي لحكم آل البيت وكانت فعلا مرجعية لثورة 14 أكتوبر في الجنوب. لكنها فشلت كثورة نشيطة ومستمرة بعد ركون الشعب وخضوعه لسلطة أمر الواقع التي عبر عنها ملهم الوطن البردوني في قوله "الثورة قامت فنامت".
وظلت الروح الثورية غائبة التي كان يفترض أن تطال جوانب الثقافة والاقتصاد والعسكري والاجتماعي إلى جانب السياسي التي حولته اخطائية إلى ديكتاتور، كان يفترض أن تسوي اعوجاج المسارات المدمرة لليمن ، كبلد عربي مسلم ينشد الرقي والتقدم مستقبلا. ثلث قرن كان قادر أن ينعش كل الحياة في اليمن المتخلف الذي عزل عن أحداث العالم تحت مسميات الفقر والإرهاب وبقت دولة تعيش على إستعطاف الأخرين للمنح والهبات والمعونات التي تسد رمق مسؤولون حمقى .. خلو من إنابة الضمير الذي يعود اليهم في خطاباتهم المتناقضة لدغدغة مشاعر العامة لا سواه.
تلك سبتمبر في ثورتها ضد الجهل والحاكم المنزل من السماء "بقرطاس" وقد ولدتها الحاجة الملحة .. وهذه فبراير التي صنعتها الظروف العصرية لازالت تشتعل وتحي كل الثورات ..تقاوم بشراسة تبعات الثورات الرئيسية لتكون سقف لها، وتوجد دولة العدل والقانون والمساوة التي كرسها ديننا الحنيف قبل كذبة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
الثورات لاتموت فهي تولد صغيرة وتكبر ككرة الثلج بالدحرجة ،وهاهي فبراير تنتصر لسبتمبر من خلال وعي شعبي يكاد يكتمل - إذا استبعدنا حكام صنعاء في الوقت الراهن - وتحاول ايضا الإنتصار لنفسها وهزيمة الثورة المضادة التي يقودها رأس الهرم بنفسه بعد الفشل في اجتثاثه ككل مما حولهم إلى عقليات حاقدة ومريضة تريد عودتنا 54 عاما إلى الورى..همسة في آذانهم (أنتم تحلمون). المجد لليمن الكبير ولثورته.