مُنذ فجر تاريخ الوجود البشري على كوكب الأرض ولد الاختلاف ليكن سمة البشرية وكثيراً ما تحدث المشكلات بسبب الاختلاف. إن الجزيرة العربية التي استوطنها أدم وزوجة بأمر من الله عز وجل لها قداستها فموقع هذه الجزيرة بالنسبة للعالم محوري وهام وللجزيرة قيمة عظيمة تاريخاً وديناً فهي مهبط الرسالات السماوية ومنها انطلقت الدعوات إلى عبادة الله ومعرفة أسباب الوجود البشري على الأرض ولله تعالى الحكمة في اصطفا هذه البقعة من العالم لينتمي لها نسل البشرية. الآن تعيش هذه الجزيرة حالة أشبه ما يكون بالجنون "فوضة خلاقة لكوارث إنسانية" كأنها آذن لنهاية العالم مثل ما كانت بدايات العالم منها، فهي قلب العالم والقلب مصدر الطاقة وهو المنبع لكثير من الأوجاع أيضا. حالة شحن واستقطاب نجدها في العراق وسوريا تحالفات وصراعات تختصر بتعريف حرب بين السنة والشيعة مع أن بداياتها لم تكن هكذا لكنها أُدلجت عصبياً لتصير حرب عقائدية، وهو ما لا يقبله إنسان عاقل واعي ينتمي الى هذه الأرض بحكم الميلاد او النسب او المرجعية الدينية، إنها حروب وجدت وإن كان ظاهرها اختلاف عقائدي لكن باطنها مصالح لأطماع توسعية كما يسمى بلغة السياسة. ورغم وجود عوامل عديدة في جزيرتنا العربية وباقي الدول العربية في شمال افريقيا للتوافق وفاءً لمصالح الشعوب ونبذ الاختلاف وأهم العوامل وحدة البقعة الجغرافية ووحدة اللغة والرؤى القومية التي حملها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر رحمة الله عليه أبان فترة التحرر من التبعية للغرب ورفض الاستعمار، تأمر الكل على الجزيرة العربية والمنطقة العربية بأكملها لإحباط أي مشروع للنهوض بأمة إن كانت تعي تماما لعلمت أن المشاريع والأجندات الخارجية مصيرها المحتوم الفشل للاختلاف في طبيعتها مع مشروعنا. لدينا اختلاف لكنها تزيد من ثرائنا وتنوعنا الثقافي والحضاري اذا وجدت الحكمة في إستغلالها، للأسف لعب حكامنا وساستنا أدواراً معيبة سيشهد لها التاريخ ولن ينجوا من الجزاء، لقد غلبوا مصالحهم الشخصية وخانوا الأمانة "الكثير منهم" فقد تدرع المخلوع صالح وأعوانه "من حزب الإصلاح سابقا ثم حلفائه مليشيا الحوثي" ولازال يفعل تدرعوا بالحرب على الإرهاب لقتل الحناجر المنددة بهم وأطماعهم، فقد يتهم شعب بأكمله أنه إرهابي فقد حشد المخلوع صالح وجماعة الحوثي الحرب على عدن بدعوى ملاحقة وقتال الدواعش نحن نعلم أنها أطماع وتكريس واقع أحتلال، لكن في خارج محيطنا العربي يراها باقي العالم حرب بين السنة والشيعة. إن استمرار التسويق لهذه الحرب من أي طرف لا يصب في مصلحتنا لأن مشروع نضال الحراك السلمي منذ العام 2007 معروف، كما أن ارسال شباب الجنوب للقتال في صعدة خطاء جسيم فهو كمن يزج بنفسه في النار، ينبغي علينا تأمين مناطقنا المحررة والالتفاف الى إعادة الإعمار. أن القفزات والشطحات على تطلعات الشعوب في كل ثورات البلاد العربية من قبل الحكام والساسة العرب أغرقتنا في حرب لا يبدوا لها نهاية، ليست حربنا ضد التواجد الزيدي في صنعاء، وإن كان التشيع هو الجديد في المنطقة وأن تتزعم إيران حركة التشيع بحيث يتسنى لها انسياب أفكار ثورتها البعيدة عن مصالحنا والمختلفة كليا حتى مع توجه المذهب الزيدي، لكن مع وجود فكر متطرف ينشئ ضد له فكر متطرف مناهض له ولذلك لن ننتهي الحرب حتى ينتهوا وهم لن ينتهوا. لذلك يجب أن نعود إلى نقطة البداية لماذا انتفضنا..؟ لنعرف كيف نتخذ قرارتنا وكيف نمضى.