منذ أن خرج آخر جندي بريطاني من الجنوب في الثلاثون من نوفمبر 1967 والجنوب لم ينعم بخير بل وأصبح ساحه للصراعات الداخلية من أجل السلطة والخارجية من أجل الموقع والثروة ومع هذا تجدنا نحتفل كل عام بخروج آخر جندي بريطاني ومن يشاهد احتفالاتنا يظن أن بريطانيا كانت محتله لنا بل أنا على يقين أننا نحن من كان محتل لهيبتها وعظمتها ففي تلك الحقبة كانت لنا قيمه بين الشعوب لما تفضلت علينا به من خدمات لم يكن لها ان تصل إلينا لولا إخلاصها للأرض التي وجدت فيها المكانة المناسبة لمصالحها في المنطقة ولكن بمقابل يعجز العرب والمسلمون اليوم عن تقديمه لشعوبهم فكيف بالشعوب الأخرى . يرى الكثيرون أن بريطانيا دولة احتلال ولكن هي غير ذلك تماماً فما نعرفه عن المحتل هو التدمير بينما بريطانيا قامت بالتعمير وهنا لا أقصد البنايات وإنما عمّرت الإنسان بالعلم وبعدها قدمت له الخدمات ليصبح الجنوبيون هم السباقون بالعلم والتقدم في جزيرة العرب في وقت كانت تُحكم دول الجزيرة العربية من الخيام .
جعلت بريطانيالعدن مكانه لا يمكن لها أن تكون إلا في عهد بريطانيا فقد شهدت عدن ازدهار بعد أن اصبحت أشبه بالقرية بعد أن هجرها السكان المحليون وتوجهوا مع التجار إلى المخاء فعادت عدن إلى الواجهة العالمية بعد أن اصبح مينائها ثاني موانئ العالم بعد نيويورك .
ما تحقق لعدن في ظل احتلال كمان نراه لم ولن يتحقق في اي عهد إلى أن تقول الساعة مهما بلغت من التقدم والازدهار فكل ما سيأتي لها في السنين القادمة إن تفاءلنا بخير فسيكون من بعد دول أضعف منا مكانه وثروه بينما في عهد بريطانيا كان لنا السبق في كل شيء في الجزيرة العربية فقد تم افتتاح اول إذاعة واول تلفزيون واول معرض للطيران واول صحيفة واول نادي كرة قدم وكل هذا في عهد بريطانيا بينما بعد خروجها تم تدمير ذلك أولاً بالصراع الجنوبي الجنوبي وثانياً بالاحتلال الشمالي للجنوب فهل بريطانيا دوله محتله ؟
أعتقد انه بدل أن نحتفل بخروج آخر جندي بريطاني يجب علينا الخروج والاعتذار للمملكة المتحدة عن خطأ ارتكبناه بحق أنفسنا ظناً منّا انه كان قرار صائب عندما قررنا إخراج الإنجليز من أرضنا وما نعانيه اليوم هو نتاج لذلك القرار فمنذ ان فكرت بريطانيا بالخروج من أرضنا إلى هذه اللحظة فقدنا أضعاف ما فقدناه في صراعنا معها من البشر وهي التي أحتلتنا لفتره زمنية لا تقل عن 128 عام .