الشهيد جعفر طيب الله ثراه، لم يكن مناطقيا أو قبليا، بل كان مدنيا. قتلته مدنيته، ومشروعه الحضاري المتمثل في إعادة الاعتبار لمدينة عدن التي ولد وترعرع فيها، وأحبها كثيرا. لهذا دفع الثمن غاليا وباهظا، كما دفع أسلافه عبر كل المراحل الذين حملوا مشروعا حضاريا مدنيا، انتهى بهم المطاف إلى ما انتهى إليه شهيدنا، فقد فضل الموت على الحياة الهادئة الطيبة (لندن) مدينة الضباب، عندما قرر العودة إلى مدينة الصبا ومسقط الرأس عدن، مقاتلا وقائدا ومخططا لمعركة الحرية وتحريرها من براثين العدوان البربري الغاشم، فكان له ذلك ولكل أبطال هذه المدينة، فتحقق النصر. وبعد تعيينه محافظا لها أراد أن يحقق الحلم، والمشروع الذي ظل يراوده طويلا، ولكن أيادي الغدر والقتل وأعداء السلام والتحضر، أرباب الفيد والفساد والإفساد والخراب كانت قد تكالبت وعزمت على تصفيته في عملية تصفوية حقيرة ودنيئة. وباغتياله اغتالوا حلم عدن وكل الخيرين. فنم يا صديقي ورفيقي قرير العين، فقد كنت دوما كما عهدناك تتقدم الصفوف في أحلك الظروف والمواقف، شهم، ومقدام، مثقف وعسكري ماهر. واجهت الموت كثيرا فكنت آخر من غادر موقعه في حرب عام 1994م، ظليت تقاتل حتى آخر لحظة. تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته.