للأسف نحن الجنوبيين لا نزال ومنذ القِدم فاشلين سياساً، فما نبنيه على الأرض من إنجاز نهدمه بإيدينا بمعول السياسة الرعناء التي ننتهجها، ولا داعي لضرب أمثلة تاريخية على حماقاتنا السياسية المتكررة فتوقيع الوحدة الإندماجية عام 1990م يكفي. الآن نعيد الاخطاء السياسة مرة أخرى؛ فبعد الحرب الأخيرة الغاشمة التي شُنت على الجنوب وتقديم كمية دماء لا تعد ولا تُحصى؛ وبعد الإنجاز العظيم عسكرياً بتحرير الأرض من مليشيا وجيش الاحتلال توقفنا عند نُقاط فرعية، وأصبحنا نمشي في تخبط دون استراتيجية أو رؤية سياسية واضحة.
الكُل مشغول بشؤون فرعية/جانبية دون إلالتفاف لتتويج الإنتصار العسكري بنصر سياسي يقربنا بأكثر قدر ممكن لتحقيق حلمنا كجنوبيين بإستعادة أرضنا ودولتنا.
الحقيقية أن الحرب في حد ذاتها وسيلة ضمن عدة وسائل متتالية/متتابعة لتحقيق غايات وأهداف، فمثلاً التحرير العسكري الذي أنجزه الجنوبيين يعتبر وسيلة نحو استقلال الجنوب(الهدف)، لكن تفقد هذه الوسيلة (الكفاح المسلح) مفعولها إذا لم يلحقها إنجاز سياسي يترجم النصر العسكري لورقة ضغط سياسية، فالحروب والثورات لاتندلع بالأغلب إلا لتحقيق مكاسب سياسية أو إقتصادية، وفي حالة عدم تحقيق النصر السياسي تكون الدماء والشهداء والتضحيات مجرد حديث شعبي في المقاهي وكُتب التاريخ.
العمل نحو نصر سياسي جنوبي يحتاج لتوحيد الجهود وتنسيقها، والإحتفاظ بالسيطرة على الأرض، ونحن هنا بحاجة مُلحة وضرورية لوجود حامل سياسي جنوبي حقيقي يمثل إرادة الشعب الجنوبي، ووجود نصر سياسي يعتبر دِرع أمان للقضية الجنوبية، لماذا ؟
لأن النصر السياسي سوف يؤدي لتقريبنا من تحقيق حلم الإستقلال، بأقل مجهود وتكلفة ووقت ممكن، وثانياً يؤمن عملية الاستقلال فإذا حقق الله مُرادنا بالإستقلال فسوف يكون ما تم تحقيقه سياساً شبه ضامن للأمن الداخلي/الأهلي الجنوبي، ويضمن بشكل كبير عدم حدوث صراع لاحقاً.
ولكن، هذا على المدى البعيد تقريباً، ماذا عن المدى القريب ؟ ماهي ضروراته ؟ بإعتقادي أننا نحتاج لتحقيق نصر سياسي لضمان عدم سرقة الانتصار العسكري أو تلاشيه -لاقدر الله- فمن المعروف أن الإصلاح اليمني وبعض أطراف الشرعية تحيك الًمؤامرات على الجنوب وتسعى لنسب الإنتصارات لها،وقد شاهدنا كيف نُسب النصر العسكري في باب المندب للإصلاح في محافظة تعز، وهذه خطوة أولى لسرقة النصر مِنا.
بالوقت ذاته تكمن ضرورة توحيد الصف السياسي الجنوبي و العمل بإسرع وقت لتحقيق نصر سياسي في أن الطرف الآخر لن يسكت، وعوامل القوة لدينا ليست للأبد وسيسعون جاهدين( الاصلاح أو الحوثيين وصالح) لتفكيكها وإشعال صراعات داخلية مثل ماحدث مؤخراً في العاصمة عدن، ولاننسى أن لهم عملاء باعوا أنفسهم للاحتلال. على أية حال؛الوقت عامل مهم جداً وكُل ما مر الوقت دون وجود عمل نحو تحقيق منجز سياسي كلما زِدات إحتمالات سقوطنا سياسياً للمرة المِليون.
من جانب آخر أن وقوف/تضامن دول العالم معنا وخصوصاً دول الإقليم وإنشغال مايسمى بالشرعية في ملفات أخرى لن يدون للأبد كذلك، وقد تتبدل المواقف وموازين القوى سواء إقليمياً أو دولياً ومايحرك الدول المصالح وكلنا لاحظنا كيف بدأ بتجاهل العالم الشرعية ، وعدم عملنا لتحقيق نصر سياسي سيكلفنا الكثير وسيعيدنا ربما لمربع الصِفر أن لم يكن دونه.
ولابد أن أقول هنا: للأسف أن جميع الاطراف تقريباً بالمشهد السياسي اليمني تعمل سياسياً بنسبة 80% وعسكرياً بالنسبة الباقية، بينما نحن الجنوبيين فالعكس تماماً نضحي عسكرياً ثم ننام سياسياً.
وأخيراً من باب الفكاهة أنني أخشى أن تتقاسم الأطراف اليمنية(الاحتلالية) الكعكة لاحقاً بعد أي تسوية سياسية ! ويأكل كُل طرف سياسي قِسمه، بينما نكتفي نحنُ الجنوبيين بتغسيل الصحون لاحقاً ونحنُ نتذمر.