عندما ادركت بأن انحدار الامم يبدا من الخشية على مصير النفس أكثر من الخشية على وجود الامة علمت بأن اقتحام المجهول غاية الفكر المقدس لإدراك المواجهة التي ستقع حتماً طالما أنت ضد الشر ... أنه ذاك المجهول الذي يحدثك عن تلك المسافة المهمة بين نفسك والحرب .. المسافة التي يصنعها الظلاميين كي نحيا الاحتلال الوهمي قبل وقوع الحرب المحسوسة ولهذا استعدوا دائماً لاقتحام معاقل المجهول ونسف اوهام الاعداء كي لا تسقط اسقف الزمن على حاضرنا لنبقى اسرى الماضي ننقب عن ذواتنا في مشاع الضياع .. لقد ظن ساسة ُ الغرب ومعهم عبيد المشرق بأنهم استطاعوا وضعنا في مواجهة المجهول الذي لا تستطيع العقول إحاطته وتصور معالم غموضه السحيق ولهذا سوف " تهاب عقولنا مقارعته " لتقوم بوضع سيوفها جانباً وبهذا تنزع اليقين من قلوب فرساننا وترميه في قاع الاستسلام الذي يكتظ بالخونة المأجورين .. هم أرادو هزيمة عقولنا قبل أجسادنا لنكون اسرى الخوف في انتظار الفناء .. أن هذا العالم المتوحش لا يعلم بأننا أمة لا تصغي للواقعية التي فرضها هو لقد توهمت أمم الغرب المتحضر أنها تملك القدرة على ذبح وصلب فرسان الابجدية بجبروت نفاقها الفكري بعون ومباركة ممالك الشهوات والاحقاد الاعرابية .. من منا لا يعشق بنادق فرسان تتحول صرخات رصاصها إلى أصوات نايات في ليل مقفر من الروح بل وتصبح نيرانها شموع عظيمة تجعل من سطوة الظلمة نور ومن زمهرير الخوف دفئ وهي ما تزال قبالة جيوش الجحود ذاك الموت الناقع ......... كيف لا نصلي ونرتل المحبة لرشقات رصاصً تتحدث لغة فارس من صميم الشمس واصبح عاصفة من نار تدفع القتل عن كل شيخ وامرأة ويتيم وطفل ورجل .. كيف لا نبارك ونقدس كل قنبلة رماها مقاوم جنوبي على عباد الدماء .. نيراننا جعلت الاطفال ينامون في أعشاشهم بسلام بينما نيران معتقدات أعدائنا حولت أطفالهم إلى موت متفجر .. هذا هو الفرق بين الجمال والقباحة .. أنها حرب يخوضها السلام ضد من يوحدون ويتخذون الكراهية رباً لهم ... الحرب ليست بذاك الجمال ولكن من يمنحها القداسة هو الدفاع عن بقاء صوت أمك حي والعثور على كل من تحب حي وحتى ذاك الشخص الذي كنت لا تتمنى مجالسته يوماً تتمنى أن تعانقه اليوم ... أنها لذة الحرب التي تشعرك بأن كل شيء في الوطن اصبح ثمين أكثر مما كنا نعتقد وكأن الحرب تكشف في أنفسنا عن كل نفيس نجهله .. طوبى للمناضلين والمقاومين والثوار والصابرين والمرابطين والانسانيين وكل المظلومين .. طوبى للعقول التي تزف افكار معتقه برحيق السموم في مواجهة الفساد والفاسدين واللحى النامية على وجوه دامسة .. هم الذين اوقدوا عقولاً أطفأتها سطوة الجهالة في بدايات الحرب .. هم انعكاسات لتلك الذات المقتبسة من عاصفة ضوئية وجدت لكي تواجه ملوك الطغيان والظلمة .. للذين ظنوا بأن الفلك الفكري يحتاج للمظهر الديني والعسكري ما قدروا العقل حق قدره فقد رفعوا المظهر على الفعل وتأثروا بعقد الافتقار للشكل دون المعنى وأعجبتهم القوة قبل العقل .. هذه هي الكواكب تقيم طقوس الابدية دون أن تتغير ملامحها مع تغيرات هذا العالم فكم مرة نادى احرارك يا وطني للحرية والعيش الكريم وقد تعلمنا بأن الوطنية ليست بالمظهر وإنما بالفعل المخلص ولهذا كان كل من قاوم في الجبهات المقابلة للموت لنيل الشهادة . قدر المحبة أن تنتصر وأن يكون لها فرسانها .. نحن لا ندافع عن أنفسنا فقط .. نحن ندافع عن المحبة والانسانية وعن كل من أعتنق المحبة ً مذهباً ... ولهذا ادعوكم لتكونوا جميعاً من طائفة واحدة .. طائفة المحبة والانسانية . فهي الطائفة الناجية من الحرب .