في اول تحرك علني منذ اعلان الحرب الثانية على الجنوب عادت القيادات العسكرية والامنية المسرحة قسرا الى الميدان وبالتالي الى طليعة المشهد المضطرب ليعيدوا الى الاذهان مشاهد تحركهم السلمي الذي افضى الى ثورة شعبية عارمة في الجنوب بهيبة النسور الجريحة عادت عزة جيش الجنوب الافل الى الصفحة الاولى عبر عدد كبير من الضباط الذين كانوا يشكلون العمود الفقري لجيش فرض توازنات المنطقة برمتها وكان العصا الغليظة التي تشهرها الدولة الجنوبية لسكان البر المجاور وعابري البحر القريب ويبدو ان عملية الاجحاف والضيم التي لحقت بفيالق الجبابرة في عهد الرئيس المخلوع لم تكن كافية لكسر صلابتهم فتابعت فرق الجراد والقمل الساكنة اعلى هضبة معاشيق ايذاءهم من خلال التجاهل وبتر الجسور لإعادة الاعتبار اليهم وقطع معاشاتهم على طريقة العصابات وقطاع الطرق .
لقد كان رتل البزات المدنية في معاشيق مؤذيا جدا والحق اضرارا جمة بالنياشين المسترخية بهيبة ووقار على اكتاف حملت اثقال زمن التحولات وصبرت على اجحافه وهزليته ..
ان الذي يتباكى على الامن والاستقرار وهيبة الدولة ويئن شاكيا من تمدد التنظيمات الارهابية وهو يمضغ اللحوم الحمراء في الفنادق والقصور هو نفسه من يعيق اعادة تكوين جيش حقيقي ينهل من خبرات هؤلاء القيادات ويمارس تجاههم مختلف طرائق الاقصاء والتهميش والتجويع ويرغب في استمرار مشهدهم الماساوي في سوق البخور والفل والقات والدواجن التي اضطروا للانخراط فيها لتوفير لقمة العيش طالما وانابيب النفط تسكب الذهب والفضة في حقائب المنظومة القديمة المتجددة والتي اثبتت للمرة الالف انها تمتلك سبعة ارواح للحياة الدنيا .
خلف انحناءة كل طربوش عسكري قصة مؤلمة للجور والبهتان والباطل الذي حاق بالجيش الجنوبي الباسل
والمؤسسة الامنية الفذة لادراكها وفهمها ينبغي قراءة كواليس التحرك الاخير الذي كسر الصمت والجمود ..فلعله يحمل عاصفة غضب تربك الكراسي الوثيرة والخدود المرفهة ..ان تجاهل الشرعية مطالب هؤلاء سيزيد حالة الاحتقان ويعطي المبرر الموضوعي لغضب عام ضد سياسات رسمية كاريكاتورية مضحكة ومبكية يقول احدها ان على منسوبي الجيش التوجه لصنعاء من اجل الفتات من الريالات المؤهلة للانتقال الى الزبالة ويقول الاخر ان عليهم السفر الى حضرموت وقضاء شهر باكمله لتسول رواتبهم ..انه استعداء صريح يستحق ثورة تطيح بالفاسدين والمرتزقة وتجار الحرب وتجلس جبابرة جيشنا الشرفاء في اماكنهم ..مالم فان كرامة الجيش وتاريخه وماضيه وحاضره في خطر جسيم.