من المستحيل ان يكون العالم بكل ما أوتي من إمكانات إستخباراتية يجهل ما تتهم به دولة قطر اليوم من إتهامات قد ترقى معظمها الى وقائع لا يمكن لقطر نكرانها. ومن غير المنطق ان تصريحات بسيطة نسبت لقيادات قطرية هي من أيقظت الأمة من سباتها العميق لتصحو مذعورة وتتهم دولة قطر بدعمها ورعايتها لجماعات وتنظيمات اسلامية يكاد يجمع العالم على تصنيفها ارهابية. وكيف لمثل ذلك العمل الذي يتهم به النظام القطري ان يظل مخفي لسنوات في الوقت الذي تتسابق فيه كل الانظمة وتتفاخر بمحاربتها للارهاب لتثبت ولائها وطاعتها لقوى العالم الكبرى؟. ليس الأمر كما يبدو لنا من مظهره وصدى ضجيج اعلامه، فالحقيقة تتوارى في ثنايا بحث علمي عكفت عليه الولاياتالمتحدةالامريكية لسنوات، وما دولة قطر وكلما تمتلكه من أموال الا وسيلة وأداة من أدوات ذلك البحث استخدمت بعناية فائقة. ولذلك يجب على إشقاء قطر ان يرفقوا بشقيقتهم الصغرى فهي في النهاية ليست الا ضحية استخدمت دون وعي ليثبت مستخدميها للعالم كله الأثر الفاعل لدعم التطرف ورعايته حتى وإن كان حجم الراعي صغيرا. لقد انتهى البحث العلمي وظهرت نتائجه، وبذلك ينتهي دور قطر الذي يخشى منه ولابد ان تقتفي أثر شقيقاتها دون إكراه. لا يوجد هناك مفهوم متفق عليه يعرف الارهاب ولكن كل من يعادي الغرب ومصالحه يعد إرهابيا وان كان من ملائكة الرحمة. ومن المعروف ان التنظيمات الاسلامية المتطرفة لا تكن في أدبياتها لدول الكفر خير، والدول المعنية تدرك ذلك جيدا وهو ما يجعل الاسلام المتشدد في نظر تلك الدول هو الارهاب الحقيقي الذي يخشى. ولذلك عكفت دول العالم الكبرى وعلى راسها الولاياتالمتحدةالامريكية على دراسة الاسلام الجهادي دراسة متأنية خصوصا بعدما تبين لهم سرعة إستجابته وقوة مفعوله في إفغانستان حين أعيد تفعيله بعد ان دعت له أمريكا ودعمته ابان الاحتلال السوفيتي لافغانستان. لقد رأوا انه من الحكمة إيقاظ المارد من نومه قبل ان يستيقظ على حين غرة ليسهل عليهم تتبعه ودراسة فاعليته فوقع الاختيار على دولة قطر لصغر مساحتها وكثرة إمكانياتها وأهلية قادتها فأوحي لها بصورة غير مباشرة ان ترعى وتدعم تيارات أسلامية مختلفة منها من يخفي نظرية الجهاد ومنها من يمارسها علانية. وما غض الطرف عن قطر خلال كل تلك السنوات الا لتكتمل دراسة الاسلام المتشدد في ظل الدعم والإسناد.
لقد اثبتت الدراسة، في تقديري الشخصي، للباحث الغربي ان ما يقرأونه في كتب التاريخ الاسلامي من بطولات وانتصارات خارقة لم تنته بعد طالما هناك عقيدة محركة لها ستظل تنبض بالحياة ولا يمكن لكائن من كان محوها أو تغييرها، وأنه لم يمنع المؤمنين بوجوب الجهاد من تكرار بطولات أسلافهم الا قلة الدعم المادي فقط دون غيره. لقد تبين للباحث بالتجربة طويلة الأمد ايضا ان الدعم المادي للجماعات الاسلامية المتطرفة سريع الأثر وإن مواجهتها عسكريا في ظل إستمرار الدعم لم لم يفلح في هزيمتها ولا حتى الحد من انتشارها وتوسعها. ولذلك أتخذ القرار بتوقيف دعم ورعاية كل ما يصنفونه إرهابا. تلك أمة لا تؤمن الا بالعلم والبحث العلمي والذي لم تكن دولة قطر وما تمتلكه من أموال الا أداة من أدواته ينتهي دورها بظهور نتائجه، وها هي قد ظهرت.
ان دولة قطر ليست بالحجم الذي يستدعي كل ذلك الضجيج ولو ان الدول العربية تريثت قليلا لصدرت أوامر التغيير من واشنطن ولكنها استغلت الضو الأخضر المقصود الذي لابد ان إدارة ترامب قد اشارت به لشقيقات قطر فسارعن في اتخاذ إجراءات مفاجئة وغير مسبوقة ضد دولة قطر. لا ترغب الأدارة الامريكية ان تفقد أي مصدر من مصادر المال الواعدة فتحاشت المواجهة المباشرة مع قطر وعوضا عن ذلك ستتولى دور الوسيط الآمر لتقنع قطر في النهاية لتقتفي أثر أخواتها دون المساس بماء وجهها. ان دولة قطر في نظر الدول الكبرى أصغر من ان تهاجم أو تهدد، فبمثلما أوحي لها ان تبدأ عملها التجريبي لدعم الحركات الاسلامية المتطرفة سيوحى لها إنهاءه.