المعلم والمدرسة والتعليم بهؤلاء سجلت النهضة الحضارية في العديد من الدول ارقاما كبيرة ونقاطا مرتفعة بسياسة الاولويات المتخذة. وذلك باعطاء الجانب التعليمي المركز الاول من حيث اهتمامات الدول الصاعدة وتكريس الجهود الرسمية في خدمة ورفاهية التعليم والمعلم وسن القوانين والتشريعات الكفيلة بصون مكانة وكرامة المعلم ليتسنى له التفرغ التام لصناعة جيل المستقبل الذي ستراهن عليه الدول في كل المجالات المدنية والعسكرية فالمعلم والمدرسة بيئة تنفق عليها اموال طائلة لانها مسئولة عن صناعة الطبيب والمهندس والطيار والبحار والعامل والفلاح وعامل النظافة وعمال المناجم والجنرال والوزير وغيرهم. لهذا لايعتبر خسارة ما انفقته على التعليم بل هو اكبر مكسب حققته في نهضتها ورقيها فتكريم المعلم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وإحاطته بهالة من الهيبة والوقار من قبل السلطات هو عنوان الاولوليات في اجندتها . فلقد اتفقت السياسات التطويرية على وضع فئة المعلمين في الدرجات الاولى في سلم الاجور والمرتبات. حتى ان المستشارة الالمانية احتجت على القضاة عندما طلبوا مساواة اوضاعهم بالمعلمين. فقالت مندهشة. .. كيف اساويكم بمن علموكم. ? . بمعنى ان القاضي ومع اهمية وظيفته وحساسيتها الا انه لايعلو على المعلم. وهذه موازنة اجتماعية للوظائف اوصلت دولا مثل المانيا او اليابان الى المستوى الحضاري المعروف. وذلك بسبب نظام الاولويات المتوازن.. .... لقد شهدت بلادنا في فترة سابقة تشابها في نظام الاولويات حيث اعطت للتعليم والمعلم قدر كبير من الاهتمام حتى اعتبرت اليمن الجنوبي في الثمانينات من اوائل الدول في المنطقة اهتماما بالتعليم ومكافحة الامية واستمرت كذلك حتى وقعت الدولة بيد فئة عابثة اسقطت منظومة القيم في كل المجالات وليس التعليم فقط وحرفت نظام الاولويات عن مساره فجعلت التسليح وبناء الجيوش والانفاق الحكومي. واستشراء الفساد طاغيا على كل الاهتمامات ونزل رصيد التعليم والصحة الى ذيل القائمة فاسقطت هيبة المعلم ومكانته واسترخصت وظيفة التعليم ورسالة العلم ودفعت بعجلة البناء الفكري نحو الهاوية حتى وصل الحال بالمعلم الى افتراش الارض تحت اقدام المارة ليبيع كتاب او كراسة او طعام مكشوف او يمسح احذية او يجر عربة يبيع فيها خردوات اويسوق تاكسي ويوصل الطلاب الى المدرسة ليمد يده ويستلم منهم اجرة التوصيلة. وفي الاخير اقرت الحكومة العسكرية الحربية وفق نظام الاولويات لديها رفع رواتب العسكر وهذا حق لهم لانستقله على جهودهم الجبارة المشرفة ، حتى صار راتب مجند مستجد عمره 18 سنة يساوي زيادة 50 % عن راتب أستاذه في الثانوية يحمل شهادة بكلاريوس وخدمة في التدريس عشر سنوات في مقاييس الاولويات عندنا فريد من نوعه ، فصار المعلم يعجز عن مجاراة الصعود الكبير للاسعار وهو يملك راتب دام اكثر من عشر سنوات لم يرتفع فيه ريالا واحدا في الوقت الذي سقطت القيمة الحقيقية للراتب بواقع 60% بمعنى ان المعلم صار يستلم ما يساوي 40 % من القيمة الحقيقية لراتبه وهو الموظف الوحيد في البلد الذي يفتقد لكل خدمات التأمين الصحية والنفسية والاجتماعية والقانونية والانسانية ...... وال.... ومكانته وفق اهتمامات الدولة من قيمة وحجم الخدمات التي يحصل عليها والامتيازات التي تمنحه الدولة وفق سياسة الاولويات لديها وبسياساتها المتناقظة صار راتب التلميذ اعلى من راتب المعلم ياعالم ياناس. ياعلماء يامفكرين... ... مالكم كيف تحكمون.... اليس فيكم رجل رشيد