حينما تقوم سياسة دولة ما منذ مهدها على اجندات تتبنى دول اخرى ويكون الولاء مبنيا بقداسة ليس لها نظير مع هذه الأجندات والتي من المؤكد أن تتقاطع مصالحها يوما ما مع مصالح الدولة محليا وإقليميا ودولياً لن يكون لها الحظ ولن يكتب لها الإستمرارية في تسيير شؤون البلد نتيجة الهوة الكبيرة ما بين مصالح الشعب وتباين الرؤى في تسيس البلد وتسييرها وفق مسارات عكسية لا تتوافق مطلقاً . حينما تلعب العاطفة دورا مهما في تجييش مشاعر البسطاء وعلى وتر المشاعر تلعب الأصابع المقتدرة في بلورة مستقبل الشعوب المنهكة عسكريا ومعيشيا واقتصاديا ... وانطلاقا من الأسس الغير متوافقة مع نهاياتها تبنى العلاقات التي من شأنها أن تمثل علاقة دولية في المستقبل القريب بين دولتين يمتلكان السيادة والحدود الجغرافية لكل من الدولتين! فمع مرور الوقت رويدا رويدا تتكشف بعض الأوراق وتظهر ملامح مشوهة لاتبشر بخير لمستقبل البلد وتنذر بالشؤم في أحيانا كثيرة حتى تسقط جميع الأقنعة ونرى الواقع المخفي والمخيف في نفس الوقت بعد فوات الأوان وهنا تكون ردة فعل متأخرة لكن ليس بالكارثة فمتى ما وعت الشعوب حجم الخطر المحدق بأمنها وشعبها وأرضها وهويتها تطايرت أوراق الدخيل وتهاوى أمامه كل شيء . حينما تكون حركة التغيير قد تبنتها دولة اخرى ( أجنبية) في تغيير الداخل وفق اعتبارات الدولة الداعمة فمن المؤكد ان تغيير كهذا سيكون نهايته صدام داخلي محتم نتيجة لاختلاف الرؤى على كافة مستوياتها السياسية والاجتماعية وحتى الدينية وهناك أمثلة كثيرة تشبه واقعنا الى حد لا نكاد نجد نقطة اختلافا واحدة بين الصورتين... فحينما كان الإتحاد السوفيتي في أوجه ولما صدر معتقداته السياسية والاخلاقية الى بلدان أخرى في سبيل نشر الشيوعية والاشتراكية على نطاق واسع في الأوساط النامية منها والمعروف عنها بمجتمعاتها المحافظة لم يكتب لهذه الخطوة النجاح حتى وان ظلت سنين عدة على رأس الهرم فلا يحسب لها النجاح كونها فكرة قومية يؤمن بها الكثير وقاتل عنها روادها بكل ما يملكون ولكنها في الاخير لم تستمر نتيجة التصادم والمفارقات والتبايانات بين الفكر الدخيل وبين المتلقي . حينما تمثل ثلة قليلة مجتمعا وشعبا بأكمله وترى احقيتها في ترتيب الهرم المجتمعي سياسيا واجتماعيا وفق رؤيتها المنفردة والمنطوية على نفسها يكون الانقسام ويحصل الانشقاق بين المجتمع الواحد ... فهي سنة كونية لا يمكن لأحد تغييرها وفق مفهومه الخاص فتظل المجتمعات منسجمة فيما بينها حينما يحفظ لكل هرم فيه بحقه في الحياة وفق ارادته الشخصية المنطلقة من عبق حضارته الضاربة في الأزل وفي عمق التأريخ. حينما يكون التدخل سافرا في كل شؤون البلد عن طريق اتباع عبرهم يكون تمرير الأفكار في وريد الشعب حتى يصبح الجسد متهالكا لا يقوى على النهوض تتزايد ضربات قلب الجسد المتهالك ويسمع صداها يتردد بقوة في مسمع كل غيور على وطنه محافظا على هويته لا يرضى بأن يكون مجرد تابع لشخص أصغر سنا وأحدث تاريخا لتنطلق بعدها شرارة الدفاع عن السيادة والهوية والأرض حاملة هم المستقبل للأجيال الصاعدة وتأمين حياة تخلوا من التبعية لينشأ جيل متشرب للحرية والشموخ يحمل بين جنباته هم بلده ومصلحتها في الأول والأخير. عبر التاريخ الحاضر والقديم لم نسمع ولم نقرأ لدولة استعانت بأخرى دون المساس بأمنها وشأنها الداخلي ودونما أن يكون لها تواجد على الأرض منا وأذى على فتات قدمته بغية الوصول إلى أهداف مغايرة تختلف وتتقاطع مع مصالح وأمن الدولة وهكذا دواليك يكون دأب كل تدخل في بلد آخر يحمل في طياته الكثير والكثير من الامور الصادمة والتي من شأنها أن تكون عقبة أخرى في مسار نهوض البلد مرة أخرى تحتاج مجهودا مضاعفا لتصفية الصف أولا ثم ترتيب أولوياتها في النهضة .... غدا أو بعد غد سيعي هذا الشعب المغلوب على أمره خطورة ما يمر به من أزمات وكوارث وحينها سيكون القرار يستمد من إرادة لا يمكن لأي قوة مهما كان حجمها أن تقف في طريقه .... وحتى غد سنرغب البزوغ وحتى غد سنظل نؤمن إيمانا صادقا بحب الوطن وهويتنا وتاريخنا وتراثنا .