مما لا شك فيه بأن هناك قضايا جوهرية عالقة في جسد القضية التحررية للجنوب أرض وإنسان , وأن عدم الإعتراف بها والهروب من مواجهتها بكل شجاعة لن ينتج عنه سوى ترحيل هذه القضايا إلى استحقاقات المرحلة الراهنة التي نعيشها مهما حاولنا القفز على واقعها دون تعاطي معها بإيجاد حلول جذرية لها .. فمن جملة هذه القضايا الجوهرية التي نحاول تجاوزها بالقفز على الواقع , هي إننا لا نعول برهان على الإرادة التحررية لصفوف شعبنا في الداخل , بل نرهان على شخوص القيادات السياسية في المكونات الثورية في قدرتها على إقناع السياسية الخارجية للمجتمع الاقليمي والدولي بان توهب لشعب الجنوب حق الحرية والاستقلال على مدى سنوات النضال والكفاح حتى اللحظة الراهنة .. بينما هناك قاعدة تحريرية ثابتة متعارف عليها في كل ثورات شعوب العالم بأن (حرية الشعوب لا توهب بل تنتزع بالإرادة الثورية والتضحيات لنيل الحرية), ولكننا للأسف رهنا إرادتنا الشعبية على أن يوهب لنا الخارج حريتنا لأننا عاجزين عن التضحية قيادة وشعب بتقديم أرواحنا وأموالنا لتمويل ثورتنا ذاتيا دون ان ننتظر بأن يأتي الدعم من الخارج .. فإن أردنا ان نعرف حقيقية عدم المراهنة و التعويل على إرادة الشعب في الداخل , من قبل قادة المكونات بما فيها حتى المكون الحالي المجلس الانتقالي , سنجد المعضلة الرئيسية أن النخب القيادية أصبحوا يتبعون أجندة المال السياسي للدولة الممولة التي تساوم وترابح بالقضية الجنوبية على المستوى الاقليمي والدولي , بالإضافة الى تدني مستوى الوعي الثوري وغياب الروح الوطنية تجاه الوطن .. ولم نستفيد من مقولة زعيم الثورة الفيتنامية في قولة ( بان الثورة التي يغدق عليها بالمال من الخارج تتحول إلى ثورة للصوص ومجرمين) و (الثورة التي تفتقد للوعي تتحول إلى ثورة إرهاب ضد ثوارها) وأجزم بأن شقي المقولة أصبحت تنطبق على ثورتنا الجنوبية, بما نشاهده من بعثرة للأموال الخارجية على طريقة الصوص والمجرمين دون الاستفادة منها في خدمة التنظيم الثوري وما نشاهده أيضا من إرهاب بصرف صكوك التخوين ونياشين العمالة والارتزاق ضد الثوار الذين لديهم وعي ثوري ويطالبون بتصحيح مسار السياسه الثورية.. فبالله عليكم يا من تسمون أنفسكم ثوار ومناضلين جنوبيون , اسألوا أنفسكم سؤالين فقط , لماذا لم نستطيع ان ننظم صفوفنا في إطار تنظيمي على مستوى المكون الواحد من الحي السكني إلى القيادة العليا للمكون على مدى عشر سنوات من عمر الثورة ؟! ولماذا لم يستطيعوا قادة المكونات على مدى عشر سنوات من إنتاج وتجهيز مشورع سياسي وطني جنوبي؟! حتى نستطيع تقديمه دون عناء البحث والإعداد في الاستحقاقات السياسية بالمرحلة الراهنة لما بعد عاصفة الأمل.. فمن هنا أستطيع أن أجزم بأنكم لن تستطيعوا أن تجيبوا على السؤالين بلغة العقل والمنطق , وتعترفوا بأننا لم نعمل بالحديث النبوي الشريف ( رحم الله امرئا عرف قدر نفسة) وللأسف فأن الغالبية العظماء لا تعرف قدر نفسها ممن يتربعون عروش القيادة , وأصبحنا في زمن الرويبضة يأتي الجاهل والفاقد لأي تأهيل علمي أو خبرة عملية وسياسية و يتحدث في أمور عامة الشعب على أنه الزعيم الملهم لمشروع الحرية والاستقلال الذي لن يتحقق على أيدي الرويبضات .. مالم نعرف قدر كل عقل ونضعه في مكانه المناسب , وعلينا نضع نصب أعيننا عملية التخطيط لمشروع الحرية من خلال الإجابة على الثلاثة التساؤلات:- ماذا نريد؟! كيف نحقق مانريد؟! متى نحقق ما نريد ؟! فإن تجاوز هذه الحقائق الجنوبية وعدم التعاطي معها بواقعية هو بمثابة القفز على الواقع الذي حتما سيعيدنا الى مربع تصفير العداد الثوري ..