غلت الأسعار، وارتفع الريال والدولار، وازداد جشع التجار، وأصاب اليمن وأهله ألم من هذه الأخبار الموحشة، والانخفاض لعملتنا المتردية.. كل يوم نسمع بارتفاع العملة أمام عملتنا. الدولار يناطح الخمسمائة اليوم، والريال السعودي يبلغ الخمسة وثلاثين ومائة. الشعب يعيش؟ نعم يعيش، ولكن كل مرحلة قصيرة يتخرج فيها مجموعة من المتسولين والكادحين والجائعين. الزمن الجميل كان إذا أصيب بمثل هذه البلية: استغفر، وتصدق، وساعد الجار جاره، والصديق صديقة. أما اليوم، فتغير الحال، وتغيرت الناس، وتغيرت الأسعار.. الناس في الزمان السابق إن أصابهم الجدب صلوا، وتضرعوا، وأقلعوا عن الذنوب والمعاصي، وكفوا عن الظلم والمظالم، وتابوا من السرقة والرشا. كانو إذا ضربت هذه الجائحة بلدانهم، ازدادوا تمسكا بالله، وتوحيدا، وثباتا، وإيمانا ويقينا.. وصلاة واستغفارا. تسامحوا فيما بينهم، وكفوا عن الأحقاد والضغائن، وعزلوا الفاسدين والعصاة، وتبرؤوا من المردة والطغاة، آه لنا، كيف لنا أن نفعل ما فعلوا؟! أولئك أصلحوا صفهم الداخلي، وتماسكوا، وأبعدوا الدخن والغثاء من داخل مجتمعهم، وعلموا أن البلاء لا يأتي إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة. فهم باختصار: شخصوا المرض، واستأصلوه. نحن اليوم: مجتمعنا ولّاد بالفاسدين والمفسدين، متغاضٍ عن أفعالهم، والبراءة منهم، أو ساكت صامت لا ينكر ولا يغار. بالله عليكم: كيف يمكن لنا أن يصلح حالنا ونحن لا نتناصح عن الخطأ، ولا نتناهى عن المنكر؟ ونريد تحسن عملتنا، وأسعار حاجاتنا؟! أضللتم، أم قد مسختم؟ الظلم، والسرقة، والربا، ومشاقة ولاة الأمور، ومنابذة السلطان، والسعي في خرم الصف، وشق اللحمة، وموالاة الأعداء، أهذه عندنا هامشية لا تفسر لنا شيئا مما نلقاه من عذاب وحصار؟ أهذه محض المصادفة، ونتيجة الطبيعة، ولا دخل لها بما عملنا، وبما نعمل؟! مجتمعنا مليء بالمثالب، وكلنا ننجر وراء هذا التيار بين مقل ومكثر إلا من رحم الله. ارتفعت الأسعار، وفينا :الكافر بنعم الله تعالى، وفينا المذنب والعاصي، وآكل الربا الماحق للبركة، وفينا عدم الوفاء في الكيل والميزان، وفينا الكذب في البيع والشراء، أضعنا الحل، وأخطأنا الباب للأسباب الجالبة للبركة فلم نعلم أن: الإيمان بالله وتحقيق التقوى من أقوى تلك الأسباب، شكر الله تعالى على النعم، والاستغفار، والتوكل على الله تعالى، والصدق في البيع والشراء، والبكور في طلب الرزق، والوفاء بالكيل والميزان، والزكاة والصدقة، وصلة الأرحام، وسخاوة النفس وعدم الجشع والطمع، والزواج وعدم المغالاة في المهر.. كل هذه أسباب أصلية غفلنا عنها، ولم نستشعرها، وقصرنا في استحضارها في حياتنا، فحاصرتنا العملات النقدية، وزاد حال بلادنا سوءا، والعجيب أننا نريد الحل، وهو بأيدينا فلا نعمله. ثم نريد الريال السعودي ب 57،والدولار ب200. فعلا نحن لا نستحق أن تتحقق لنا هذه الإرادة. فاللهم إليك نشكو حال أنفسنا، وبلادنا، واقتصادنا!. 14/ 1/ 2018م