قبل عقود من اليوم أطلق الثائر الحر تشي جيفارا مقولته العظيمة التي لازال صداها يتردد في كل مكان وزمان الثورة يفكر فيها الدهاة ويقوم بها الشجعان ويستثمرها الجبناء ، هكذا يقول جيفارا وهكذا يحدث اليوم في اليمن بعد أشهر من الاحتجاجات التي نادت برحيل صالح. ظهر اليوم وانا أتابع الأخبار وهي تتوارد عن استقالات مسئولين كبار في الحكومة والجيش ويعلنون تأييدهم إلى ثورة الشباب والمقهورين في هذا الوطن المدمرة أحلامهم المنهكة قواهم من نظام الرئيس صالح أصبت بألم شديد فالثورة اليوم ولا غير اليوم تسرق وملابسها البيضاء تتسخ ونقائها يشوبه الكثير من السواد.
ما الذي يعنيه ان يثور الشباب في اليمن ؟ ما الذي يعنيه ان يخرج شباب في مقتبل العمر ليستقبلوا رصاص قناصة بصدور عارية كل ذلك لم يحدث إلا لان كل هؤلاء لم يجدوا في هذا الوطن إلا ساحة حرب كبيرة وواقع ظلم مرير وفساد عاث بالأرض شرقها وغربها ، وحينما خرج شباب اليمن إلى ساحاته في الشمال والجنوب كان الهدف من كل ذلك وقف آلة العبث هذه وخلق واقع جديد ونقي .
حينما صدحت أصوات الرفض في اليمن قاطبة لرفض نظام الرئيس صالح لم يكن الهدف من كل هذا شخص الرئيس صالح فقط بل كان الأمر بحد ذاته اقتلاع جذري لهذا النظام بكل مكوناته السياسية واذرعه وشخصياته الفاسدة .
المؤلم اليوم إننا نشاهد العشرات من الشخصيات السياسية والعسكرية التي يتوجب على الجميع تقديمها إلى المحاكمة وهي تعلن انضمامها إلى ثورة الشباب وغداً وبعد غد سنجدها تعتلي منصات الخطاب في ساحة التغيير وغداً ستعتلي درجات حكم جديدة في سلم الحكم فيما هو قادم من الأيام وحينها سيكون من الحق ان نتساءل لماذا ثار الشعب إذاً؟.
حينما يعلن شخص كعلي محسن الأحمر إنضمامه إلى ثورة الشباب فإن ذلك لايعني إلا ان ثورة الشباب في طريقها إلى الفشل والضياع والدمار فالكل يعلم في اليمن ان الرجل يملك أيادي ملطخة بدماء الكثير من الأبرياء في صعده وغيرها .
وحينما يعلن حمير الأحمر استقالته ودعمه لثورة الشباب أو ليس هو الرجل الذي طالما مرر عشرات القوانين التي تشرع الفساد ونصب نفسه مدافعا عن الفساد والظلم والنهب وأشياء أخرى كثيرة.
وحينما يظهر لنا فارس السقاف الذي جند نفسه سنوات طويلة مدافعا عن النظام لكي يحدثنا اليوم عن عظمة الثورة فإن كل ذلك يصيبنا بالغثاء فهذا البوق الكبير لطالما أهان دماء الشهداء مراراً وتكراراً واليوم يأتي ليتحدث عن تضحيات الشباب.
أود ان افهم شيء واحد فقط ماذا لو استمر وهو فعلا يحدث اليوم بوتيرة متسارعة ان قدم كل من حول الرئيس صالح استقالتهم من مناصبهم وأعلنوا انضمامهم إلى ثورة الشباب ما الذي سيكون لهذه الثورة ان تكون قد حققته !؟ قد يقول قائل إزاحة شخص الرئيس صالح عن الحكم وهل هذا هو المطلوب فقط؟؟
مشكلة اليمن يا سادة ليست في شخص نظام الرئيس صالح فقط بل هي مشكلة تكمن تفاصيلها في نظام سياسي متكامل بدء من وكلاء الوزارات وحتى شخص الرئيس صالح ، المشكلة في آلية تعامل هذا النظام بكل مسئوليه مع الشعب وإدارته لأوضاع البلاد فبالله عليكم هل يعقل ان ينتهي المطاف بهذه الثورة وهكذا يكون مصير كل التضحيات؟.
في خضم كل هذه الاستقالات التي يقدمها العشرات من المسئولين الذين نهبوا البلاد لسنوات ودمروا كل شيء يصبح الوضع مأسويا بالفعل ويصبح مصير الثورة في خطر .
ثورة الشباب في اليمن ليست عظيمة بمن قدموا استقالاتهم يومنا هذا بل ان كل هؤلا يجب ان تلفظهم الثورة بعيداً عنها لأنهم هم في الأساس سبب كل بلاء أصاب هذه البلاد خلا ل السنوات الماضية.
ياسادة الثورة عظيمة بتضحيات قدمها ابناء الجنوب في مواجهة نظام الرئيس صالح طوال 4 سنوات كاملة لأجل قضية دونما شك انها قضية منفصلة عما يحدث اليوم من دعوات للتغيير .
يا سادة الثورة عظيمة بأمثال قيادات رائعة وجميلة مثل توكل كرمان واحمد سيف حاشد هذا الرجل الذي تعرض للضرب بداية الاحتجاجات من قبل البلاطجة حتى سالت دمائه على الأرض .
ظهر اليوم والأصوات تتعالى معلنة انضمام رجال الدم والقتل والدمار و رؤوس الفساد وجدت انه يجب علي ً أخلاقيا ان ارفع سماعة الهاتف وأواجه له التحية لا لشيء إلا لان مثل هؤلاء هم قلب الثورة ووجهها الحقيقي وهؤلاء من يجب ان توجه لهم التحية لا حيتان الفساد وتاجر الحروب وقتلة الأطفال.
في خضم مايحدث لا استغرب ان يعلن الرئيس صالح ذاته اليوم انضمامه إلى ثورة الشباب ولا ادري ما الذي سيتبقى حينها من الثورة فما يحدث اليوم هو إعادة إنتاج لنظام الرئيس صالح من الباب الخلفي ليس إلا.