لا أرى في المبادرة الخليجية ذات الخمس نقاط وملحقاتها سوى إنها تشكل صفعة في وجه من وافق عليها من المعارضة , بل وإهانةة واضحة للشعب وللثوار بما حملته هذه المبادرة من إغفال واستهانة بعذابات شعب ظل يعاني على مدى أكثر من ثلاثين عاما وما زال حتى اللحظة شتى صنوف القهر والاستبداد وسلبت فيها ثروات بلده, وسفكت فيها دماء بريئة وطاهرة وذاق فيها كل ألوان القمع والإهانةة على أيدي قوات النظام الحاكم وبلاطجته وفا سديه .. إن مبادرة كهذه بما شابها من ضعف وانحياز إلى صف الباطل تؤكد بالملموس أن من أعدها وساهم فيها وأشرف عليها لا يعنيه مطلقا لا من بعيد ولا من قريب ماعاناه ويعانيه المواطنون في اليمن , كما إنها تؤكد أن من قبلها ووقع عليها من المعارضة لا يحترم إرادة الشعب التي تطالب بخروج صالح ومحاكمته هو ومن معه , وهم بفعلهم هذا إما أنهم لا يعون ما يفعلون أو أن هناك خطوطا تتشابك في المصالح بين هؤلاء والنظام الفاقد للشرعية يوظفها هذا النظام كأوراق ضغط ترغمهم على هذه المهانة .. لاشك أن الثورة الشعبية في اليمن لها خصوصياتها, ولكن الذي لاشك فيه أيضا أن هذه الخصوصية لا تعني أننا أقل شأنا وطموحا ومعاناة من إخواننا في بقية الدول المحررة من الأنظمة الفاسدة التي نشأ وترعرع نظام علي صالح في أحضانها وتشرب من أفكارها وأخذ من قوانينها وطرق عملها وسلوكيات أفرادها الكثير ليمارسه علينا , وبناء على ذلك فإنه من المنطقي بل والعدل ألا نقبل بأقل مما حققه ووصل إليه أخواننا وفي مقدمته اقتلاع نظام علي عبد الله صالح من جذوره ومحاكمته هو وجميع من داسوا على كرامة أبناء الوطن ونهبوا خيراتهم واستباحوا حرماتهم وألا ننبطح الانبطاح المهين بقبول هذه المبادرة التي تمنح الطاغية وقواديه الخروج الكريم والحصانة بعدم المتابعة والملاحقة القانونية في الوقت الذي مازال فيه هذا الكيان المتخلف الموبوء يمارس هوايته يوميا في قتل أبنائنا وقتلنا وتدمير بلادنا بوعي كامل ... إن المبادرة الخليجية وما تلاها حتى هذه اللحظة من تنازلات ومحاولات لمراضاة رأس النظام الملطخة أياديه بدمائنا إنما هو فعل يندرج أخلاقيا تحت مسمى جريمة الخيانة العظمى وهو في جانبه الآخر يقود إلى عدة تساؤلات :هي هل نحن ضعفاء إلى الدرجة التي تجعلنا نقبل مثل هذه المبادرة , وهل هذا النظام الفاسد يمتلك القوة التي تجعلنا نذعن لذلك ونقبل بمبادرة تحمل نقاط مضمونها إعطاء الحق للنظام ممثلا ب(الحكومة) التي ستشارك اللقاء المشترك بتشكيل حكومة مناصفة خلال سبعة أيام من توقيع المبادرة أي أن النظام بعد كل ما اقترفه في حق الشعب من جرائم سيبقى مبدئيا ولو بنسبة (50%) !!
مع احترامنا للإخوة في اللقاء المشترك وتقديرنا أن لهم الحق والخصوصية في اتخاذ ما يرونه مناسبا لمواجهة ألاعيب نظام خبروه على مدى سنوات خداعه الطويلة , إلا أنني أرى أن الأخوة في المشترك قد جانبهم التوفيق في اختيار الوسيلة الأفضل في التعامل مع الثورة الشعبية وما أفرزته من تأثيرات وتحولات على الأرض , بل
أنهم لم يوفقوا في توظيف الأوراق التي امتلأت بها أيديهم بفضل اندلاع الثورة الشعبية واستمروا على الأسلوب نفسه الذي اعتادوه في التعامل مع النظام , الذي يقوم وفقا للمثل(خذ من الظالم حجر) ولم يدركوا إن الثورة قد جعلت من هذا الظالم مجرد جسد خاو وكسير ينتظر ما يتفضل به الآخرون عليه !!
لاشك أن الثورة اليوم أمام مفترق طرق , فإما أن يفق الشارع من حالة التنويم التي تمارس عليه ويعلن رفضه للمبادرات أيا كان مصدرها وشكلها إذا لم تتضمن أهدف الثورة الواضحة ويوجه تحذيرا إلى الدول المجاورة بعدم التدخل في الشأن الداخلي للبلاد ويقوم ومن دون تأخير بإعلان الخطوة التي لابد منها , التي كان تأخيرها حتى اللحظة سببا رئيسا في ما وصل إليه الوضع وهي الاستعداد والإعلان الفعلي للمضي نحو محاصرة رأس النظام من خلال تطويق القصر الجمهوري بصنعاء ومباني الإذاعة والتلفزيون , والزحف على مكاتب المحافظين وتطويقها في بقية المحافظات ومنع دوائر حكومة الفساد كافة من ممارسة نشاطها الذي يعد أحد الأعمدة ألرئيسه التي يستند عليها النظام المتهالك في إستمراريته من خلال ما تمده به من أموال تقوم بجبايتها يوظفها هذا النظام لشراء الذمم والضحك على البلهاء ممن لم يكتشفوا حقيقته بعد , أو القبول بالمبادرات الحاملة للإهانة لنا جميعا دون استثناء !! قد يقول البعض أن النتائج ستكون وخيمة إذا ما توجهنا لتنفيذ هذه الخطوات وأدعوهم إلى أن يعودوا إلى الخلف قليلا ويتذكرون خطاب النظام المصري المخلوع وأفعال بلاطجته الذين يملئون السجون اليوم , وذلك قبل أن يخطو الشباب المصري الثائر خطوته المباركة بمحاصرة الخائن حسني مبارك , وينظرون بالمقابل إلى النتيجة اليوم التي تمخضت عن تلك الخطوة الجريئة فعلينا أن لا نصغي للإشاعات والأقاويل وخطط التخويف التي يروج لها أعداء الثورة وأرباب النظام المندسين في أوساطنا , فإذا لم يكن هناك مفر من الشهادة في سبيل الحق فلتكن لهذه الشهادة ثمرة فالموت الذي يروج له المرجفون بأنه ينتظرنا إذا ما خطونا باتجاه الخطوة الحاسمة هو موجود أساسا ونتعايش معه يوميا ولحظة بلحظه في الساحات , فلا يمر يوم إلا وسالت فيه دماء الشهداء والجرحى من ثوارنا في جميع المحافظات , فما الذي يدفعنا إلى تأخير خطوة الحسم ونعلن (يوم الرحيل) للطاغية وقواديه !!