مرت قبل ايام وبالتحديد في الخامس والعشرين من فبراير الذكرى 57 على استقلال دولة الكويت الشقيقة اول داعمي مشاريع التنمية ( مدارس ومستوصفات وكليات وطرق ...الخ . الكويت التي تعد احد اكبر الدول التي تسير قوافل الخير والمساعدات الإغاثية الكوبت صاحبة الايادي البيضاء على هذا الشعب الكويت التي لن ينسى احد افضالها على شعبنا . ربطتنا بالكويت والكويتيين علاقة غير عادية، علاقة اكثر من علاقة الأخ بأخيه . 57 سنة تمر على ذكرى الاستقلال المجيد، يعيدنا بالذاكرة لاناس لا يمكن نسيانهم لرجال بقيت أعمالهم شاهدة عليهم ابو الاستقلال المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي تأتى الاستقلال على يديه فرعاه ونماه والطيب الذكر المرحوم الشيخ صباح السالم الذي سار على الدرب، وتوسع التعليم في عهده ورجل الخير والعطاء المرحوم الشيخ جابر الاحمد رجل السلام باني النهضة الحديثة في الكويت، وعضده وذراعه اليمنى المرحوم الشيخ سعد العبدالله رجل الحكمة والتسامح والصلابة المدرسة السياسية التي نهل منها الكويتيون الحكمة السياسية، بيد عندما نذكر المستقبل يتراءى لنا صاحب السمو أمير الانسانية ورجل الدبلوماسية أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وهو يصنع الامل بالعمل ليل نهار في اصعب الظروف ليجنب سفينة الكويت المخاطر والعواصف التي تعصف بالمنطقة العربية كي تظهر كل يوم صباح بسمة على شفاه الأطفال و الشعب الكويتي، فو الله لن ننسى الشيخ نواف الاحمد ولي العهد رجل المواقف الصعبة رجل الدولة والحنكة القيادية رجل الخبرة والاخلاص والتواضع. عندما نذكر كل هؤلاء إنما نذكر حكم العدل والمساواة والتسامح، فهم نماذج ابت الا ان تتقاسم رغيف الخبز مع اخوة لها في العروبة والدين فكل الحب والتهاني والتقدير نزفها للكويت وشعبها بالعيد السابع والخمسين على ذكرى الاستقلال المجيد. ان ما يميز العلاقة الكويتية مع ابناء الجنوب وساحل البحر العربي عن اي علاقة، هو خصوصية العلاقة بين الشعبين قبل اي علاقات سياسية بين حكومتين ونظامين تلك العلاقة التي ترتكز على عوامل تاريخية وبشرية وجغرافية ودينية واجتماعية التي يلفها نسيج متين وقوي يشكل مجموعة العادات والقيم والتقاليد المشتركة، فوفقا لحقائق التاريخ نجد ان العلاقة بين الشعبين، أزلية ضاربة في بطن التاريخ منذ القدم كالعلاقات الاقتصادية والتجارية عندما كانت تأتي السفن الى سواحل البحر العربي في المكلا والشحر والحامي وبروم وشقرة وعدن والتبادل التجاري بين الشعبين الذي مع مرور الوقت وظهور النفط في الكويت أدى الى بداية تشكل النواة للجالية في الكويت، كإحدى اعرق الجاليات العربية تواجدا في الكويت، لتأتي بعدها المساعدات والمنح والسخاء الكويتي للمساهمة في التنمية وبناء المدارس والمستشفيات والطرق والمنح الدراسية والعلاجية، ناهيك بالتبرعات والمشاريع الخيرية الاخرى التي قدمها اخوة وتجار كويتيون. حدثني ذات يوم والدي رحمه الله انه دخل الكويت للعمل في العام 1959 في فترة شهدت الكويت بدايات التنمية يقول: غادرت حضرموت ومجموعة من الأصدقاء للبحث عن مصدر رزق وعيش كريم، سفرا عبر البحر، واتجهنا بداية لإمارة رأس الخيمة، واستخرجنا جواز مرور ثم تحركنا عبر(الساعية ) الى البحرين ومكثنا هنالك أربعة ايام قبل التوجه اخيراً لنحط الرحال في إمارة الكويت التي كانت ما تزال تحت الحكم البريطاني، وكان يومها الشيخ عبدالله السالم حاكما للإمارة، وكنا حينها شبابا صغارا يافعين، لم يتعد أكبرنا سن ال 25 عاما ذهبنا للكويت وكان بعض من الأصدقاء والأقارب سبقونا في سنوات خلت للإقامة والعمل في الكويت منذ أواخر الاربعينات، استقر بِنَا المقام في الكويت، عمل بَعضُنَا لدى بيوت تجارية كويتية معروفة ( الغانم – الصقر – الخطيب – الخرافي – البراك – البحر – الكليب – الهدلق- الحساوي – الشايجي – المطوع – الياسين …الخ). كنّا ومازلنا نحن ابناءحضرموت والجنوب المفضلين للعمل في بيوت الكويتيين كسائقين و أمناء صناديق ومخازن في الشركات ومحلات تجارة الذهب والفضة والملابس و…الخ. كانت العلاقة اكثر من مجرد علاقة رب العمل (المعزّب ) بعامله، علاقة اخ بأخيه، علاقة اب بابنه، علاقة متميزة فيها الرحمة والعزوة لنا في الغربة، حيث لم نشعر بالغربة ابدافالكويت حكومة وشعبا كانت تذلل كل الصعاب التعليم والصحة و كافة المعاملات الحكومية مجانا. عملت وعمل أصدقائي من الحضارم بشرف وامانة وصدق واخلاص حتى ان سجلات الداخلية الكويتية نظيفة لم تسجل اي حالات مخلة بالامن والاجرام وهذا ما يشهده لنا الكويتيون أنفسهم بذاك . عشنا في الكويت كل مراحل البناء السياسي والنظام الديمقراطي ومشاريع التنمية منذ اعلان الاستقلال وقيام دولة الكويت الجديدة المستقلة والعضو في الاممالمتحدة، مرحلة مرحلة، شهدنا فيها زور وبطلان مطالبة عبدالكريم قاسم وخروجنا في مظاهرات الاستنكار في منتصف العام 1961م مرورا بعام النكسة 1967 وحريق المسجد الاقصى69 وحرب 73 واتفاقية كامب ديفيد78والحرب العراقية الايرانية 1980 وحتى فترة الغزو العراقي الغاشم 1990 اكثر من ثلاثين سنة بحلوها ومرها عشناها في الكويت شب جيل كامل ولد وتربى ودرس في الكويت، درسوا في مدارسها وكبروا في شوارعها تمتع باجوائها الحارة جدا صيفا والبادرة جدا جدا في الشتاء تطبب في مستوصفاتها ومستشفياتها .كانت الكويتبمثابة الوطن الحقيقي لنا ولكل الجاليات العربية قدمت لكم مالم يقدمه لكم وطنكم الام من عز وخير . الكويت أعطتنا ما لم تعطه لنا بلدنا. الكويت فتحت ذراعيها لنا وكانت مصدر رزقنا الاول، ماذا قدم لنا الوطن سوى الجوع والفقر، والسبب الذي هجرنا فيه وطننا هو نفس السبب الذي يهاجر منه شباب اليوم بحثا عن مصدر رزق شريف وعيش كريم اكثر من ستين عاما تمر والبلد كما هي طارد لشبابه لم يفعل الساسة طيلة السنين الماضية اي شيء سوى مزيد من الفقر والجوع العوز، حتى عندما نزور بين الفينة والأخرى بلدنا ونشاهد بأعيننا ما قدمته وتقدمه الكويت لنا الى يومنا، تستحق الكويت ان نحطها في وسط اعيننا (فجزاء المعروف كان في أهله ) ويجب ان يذكر للاجيال الحالية والقادمة من هي كويت الخير والإنسانية. فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: “اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت أهله، فإن لم تصب أهله فأنت أهله”.