بداية: ما أشبه الليلة بالبارحة... يا ليت كل ما أمله وأتنبئه لهذه البلاد من خير فقط يتحقق على الفور..حيث اتصلت بي إحدى صديقاتي في حال تناقل وسائل الإعلام أمر الفتوى الجديدة لتهنئني على صحة توقعاتي. كنت قد أخبرتها قبل أيام قليلة أنني أشعر وبشدة أن (علي صالح) بعودته الانتقامية سيبحث له عن غطاء شرعي زائف فهو اليوم كالغريق الذي يبحث له عن قشة ما في عرض المحيط فحالة الانسداد السياسي والاحتقان الشديد ومسلسل الاغتيالات الدرامي الذي تعيشه البلاد أشبه بالمشهد الذي سبق الحرب الأهلية في صيف1994م, أجزمت ساعتها ولا أدري من أين أتيت بهذا اليقين؟؟ أني أشتم رائحة فتوى جديدة تلوح في الأفق..استبعدت صديقتي تنبؤاتي تلك واتهمتني بالتشاؤم الشديد حاولت أقناعها بصحة ما أقول لكنها لم تكترث. وبعد أن سمعت بنفسها أمر الفتوى تلك أصبحت تتصل بي كل وقت لتسألني عن توقعاتي التالية؟؟ صرت أضحك من اتصالات صديقتي كضحكي على نفسي أيضاً فالرجل قد فاق(شكسبير) دراما وتراجيديا والشعب قد فاق كل التوقعات في الصبر والثبات والإيمان بحقه في الحرية والحياة. فتوى شيطانية جديدة ممن يسمون أنفسهم علماء دين ليسوا سوى بقايا مرتزقة لنظام قد طغى وبغى والدين منهم براء أقول لهم لن تسقط دماء الشهداء بالتقادم وفتواكم المريضة سترد على أعقابكم وتجعلكم خائبين وخاسرين مما أقترفتوه من إثم وضلال واستهتار بثورة شعب ومتاجرة باسم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل فيكم. رجل واحد يتحدى برعونة إرادة شعب , رجل لا أستعبد عنه أن يأتي يوماً ما يكرر فيه النسخة الفرعونية فيصيح في جموعه في (السبعين) ويقول: أنا ربكم الأعلى..صدقوني لم أعد أستبعد عنه أي شيء. هاهي صديقتي تعاود اتصالاتها وأنا أكتب لكم هذه السطور لكنها هذه المرة لم تطلب شيء من توقعاتي بل طلبت مني مشاهدة مسلسل تركي على أحدى القنوات وأن أخبرها بالتفاصيل والأحداث لانقطاع الكهرباء عنهم و على ذكر تركيا أخبرتها أنهم سألوا يوماً رئيس وزراء تركيا(رجب طيب أردوغان): كيف استطعت أن تحول خزينة تركيا من عجز إلى فائض؟؟؟ فأجاب: (بكل بساطة لم أسرق). وأردفت قائلة: بصراحة أشتي فتوى ثالثة تبيح لنا استلاف (أردوغان) من الشعب التركي أو حتى أن نتعاقد معه لسنة أو سنتين ليحكم لنا البلاد وليضمن لن يطالبه أحد بالرحيل يوماً ماضحكت صديقتي علي وأغلقت الخط. شاهدت لها حلقة من ذلك المسلسل التركي وعدت أقول لنفسي لا شيء أشد دراما أو أكثر تشويق من الدراما اليمنية والفتاوى الشيطانية التي تتهاوى تباعاً على رؤوسنا فطيلة السنوات الفائتة لم نسمع فتوى مضادة توضح لنا أحقية حرمة دماء المسلمين أو حتى تعتذر عن فتوى حرب 94م والتي ذقنا بويلاتها الأمرين.. لم يعد حتى يفيد الاعتذار الآن.. فالحرب الأهلية تترك الجميع متساويين في ساحة الهزيمة والنظام قد أنتصر فيها عسكرياً لكنه قدم أنهزم سياسياً وأخلاقياً شر هزيمة. لم نسمع عن فتوى تحرم عبث النظام لست سنوات قاسية عاشتها صعدة هدمت فيها البيوت والمساجد وروعت النساء والأطفال وشردت الآلاف..وحتى تدركوا المعنى الحقيقي للحرب؟؟ أسألوا عنها أحد أطفال صعدة أو طفل ما في أبين حيث تتكدس أجسادهم الصغيرة بين جدران المدارس..بشاعة حقيقة تعجز عن وصفها الكلمات. لم نسمع فتوى تدين أو تستنكر طائرات العدو الأمريكي التي قصفت (المعجلة) في أبين الصمود وكأن الأبرياء الذين راحوا ضحايا هذا الغدر لا يحسبون على الإنسانية بشيء كما أنا لم نسمع أي فتوى تدين عمليات القمع الوحشي لمسيرات الحراك السلمي الجنوبي طيلة خمس سنوات متلاحقة..حين كان الجميع ساكتاً وشعب الجنوب ينزف حتى الأعماق, لم نسمع أي فتوى تستنكر العبث والعشوائية والفساد للأسرة الحاكمة طيلة هذه السنوات!! لم ينطق ساعتها أي عالم أو شيخ أو أمام ألا يعلموا أن الصمت جريمة حرب والساكت عن الحق شيطان أخرس بينما اليوم لم يعد هناك شيطان أخرس بل كل الشياطين برعوا في الكذب والزيف والدجل كما برعوا في تنميق الكلام وتزيين العبارات وتحريف النصوص لكن ألا يعلموا أن الشعوب الحرة أقوى وأبقى من حكامها الطغاة؟؟؟ وفي الأخير لن يصح إلا الصحيح.. هامش أخير: رأيت جرذاً يخطب عن النظافة وينذر الأوساخ بالعقاب وحوله..يصفق الذباب..(أحمد مطر)