بما لا يدعى مجالا للشك بأن السواد الأعظم من الجنوبيين ومعظم النخب القيادية تتغلب عليهم في الطابع العام العاطفة السياسية ، وتعمي بصيرتهم عن حسن فن الإدارة السياسية عن تسخير الفرص الممكنة والمتاحة نحو أفق الانخراط في العملية السياسية الراهنة كشريك فاعل لا يستثني ولا يتم ترحيل دوره من المساعي الدولية الحثيثة التي يقوم بها المبعوث الدولي البريطاني لدى اليمن .. فلو كان هناك من الجنوبيين من يتابع ما أدلى به المبعوث الدولي بشأن الأزمة اليمنية القائمة ، حيث قال في تصريحاته بأن المساعي الحميدة التي يبذلها حالياً على جدول أعماله بأولوية قصوى تكمن في إيجاد حل سياسي بين الشرعية والانقلابيين الحوثيين ، ولا يمكن أن تبذل مساعي لحل القضية الجنوبية إلا بعد حلحلة الأزمة بين الشرعية والحوثيين ، ومن هنا تم التأكيد بأن القضية الجنوبية تم ترحيلها إلى مده لاحقاً عن المساعي الدولية الراهنة .. ومن خلال ما أدلى به المبعوث في هذا الشأن هناك سؤال يفرض نفسه علينا بالطرح : متى سيدرك الجنوبيين فن الإدارة السياسية لمواكبة ما أدلى به المبعوث الدولي ؟! .. فإذا كانت قضيتنا الجنوبية مرهون حلها بإيجاد حل وتسوية بين الشرعية والانقلابيين ، كشرط أساسي يسبق أي تسوية لحل قضيتنا السياسية العدالة ، فإن هذا الواقع السياسي الراهن يحتم علينا كجنوبيين بأن لا نقف في محطة الإنتظار السياسي حتى تتم التسوية بين الشرعية والانقلابيين ومن المؤكد بأن أي تسوية بينهما سيكون لها تأثير شكلي وضمني على قضيتنا المؤجلة والمرهونة بما ستمضي عليه نتائج الحل بين الأطراف السابقة .. ومن هنا يجب على النخب والقادة الجنوبيين أن يبتعدوا عن العاطفة و يدركوا حسن فن الإدارة السياسية بأنها لا تنتظر مجئ الأحداث بل هي من تصنع الحدث ، ولطالما إن واقعنا السياسي بين طرفي الشرعية والانقلابيين ، فعلينا أن نحسبها سياسياً أيهما أفضل كلفة سياسية يمكن لنا صناعة تحالفات مرنه معها للخروج من محطة الإنتظار ، والتحرك بما يمكنا من المشاركة والإسهام الفاعل في صيغ التسوية بما يصب في خدمة ومصلحة تسوية قضيتنا الجنوبية اللاحقة .. وبما أن الفن في الأداء السياسي يبنى على أين تقف مصلحتي أقف ، تأتي حسبة الوقوف مع أي طرف، فإذا كان الانقلابيون ذو توجه إيراني غير مقبول في المنطقة والوطن العربي فإنه لن يخدم قضيتي ، ويما أن طرف الشرعية تحضئ بقبول المنطقة والاقليم والعالم ، فيمكن استغلالها لخدمة قضيتي، فلابد أن أصنع تحالف مرن معها والانخراط في صفوفها بالمشاركة السياسية التي تمكني من الحصول على نصف وفدها السياسي المفاوض الذي يقابل وفد الانقلابيون.. ومن على طاولة التسويات السياسية التي يرعاها المبعوث الدولي البريطاني ، وبدل أن أكون جزء منتظر الحل أصبحت جزء مشارك في صناعة الحل ، فإن كان عدد مفاوضين الشرعية والحوثيين بعدد (28) وسيكون عدد المفاوضين الجنوبيين (14) في جولة التسوية اللاحقة بين الثلاثة الأطراف سيكون الى جانبهم (7) جنوبيون ممن هما في طرف الشرعية وسنقلب الطاولة التفاوضية بالندية (21) مقابل(21) الذي سيكون عدده يمثل يوم إعلان فك الارتباط ويوم الإنقلاب على شرعية الوحدة اليمنية ..