رغم الإثارة الطفحية التي حاولت أن تفتعلها صحف العدوان السعودي، إلا أن زيارة ولد الشيخ يومي 13 و14 من يوليو 2016م حققت أقصى ما يمكن أن نعتبره من قدرات كامنة في الدبلوماسية الدولية التي يومي إليها المجتمع الدولي إلى جميع الأطراف لمعرفة مغزى التوقيت بسبب الزيارة والتحرك الميكانيكي من المطار إلى لقاء الزعيم علي عبدالله صالح، والاستماع منه الكثير مما كان يتم تجاهله، وفي اليوم التالي يغادر وفد المؤتمر بصحبة المبعوث الدولي للاستقرار عند خيار الحوار وسيلة للخروج من الراهن اليمني. صالح بدوره رد الجواب على الرسالة الدولية بأحسن منها، فشرحه لأصل المعوقات العقبات ربما حسب كلمة الزعيم تتمحور في أربع محاور تحتاج من المجتمع الدولي والأطراف أن يعودوا إليها وتحويلها إلى مبادئ، الأولى أن المؤتمر الشعبي العام واحد من أهم ضمانات جميع الأطراف المحلية والإقليمية للتواصل إلى مبادئ ومفهوم للتسوية السياسية قادرة على مواجه العقبات والتحديات التي ما زالت تعيق التقدم نحو فكرة القبول بأن الحل السياسي هو الممكن الوحيد، وجدد الزعيم مفهوم ومضمون الحل السياسي بسلام الشجعان، وقبول المملكة كمحرك رئيس للمشاريع والأطراف الخارجية والداخلية للقبول بهذا المبدأ. الثاني أن اللقاء الذي اتسم بالصراحة والوضوح وضع دون مواربة ثلاث إشكاليات لا يمكن دون إزاحتها إما بالتدرج أو عبر المفاوضات الوصول إلى تسوية سياسية تجعل الكويت نقطة صفر دون حقائب عقبات أو تحديات حتى تكون العودة مغايرة لكل الأشكال القديمة من التفاوض، وهذه الحزم التي رماها الزعيم علي عبدالله صالح تشمل إيجاد تعريف متميز وواقع ويخدم مصالح الشعب لتحركات وقرارات الحوثيين الذي توجوه بالانقلاب والإعلان الدستوري والذي لا يريدون أن يتراجعوا عنه داخلياً ويفضلوا استثماره إقليمياً ودولياً، مع ما يحمله ذلك من أعباء لاحقة وراهنة لمجرد البقاء في خانة المتمردين والانقلابيين أي حل معضلة مركزهم التفاوضي أخلاقياً وسياسياً، وترميم مطالبهم مقابل إطلاق جزء من الشعب والدولة المغتصبة المرهونة بيدهم، والثالث أوضح الزعيم أن عدوان 26 مارس الذي لا تبرره حجة ولا يستدعيه داعٍ بما في ذلك معالجة انقلاب الحوثيين الذي كان بمقدور أي وزير خارجية أو ملك قد خلف آثاراً تتجاوز أهدافه وأصبحنا اليوم أمام حقيقة التعامل مع تدمير وحشي شامل يدّعي أنه يريد استعادة شرعية هادي، ولكنه لم يترك شيئاً غير الحوثي ليكون الآمن الوحيد ليتفاوض معه في الرياض والظهران، الأمر الذي يجعل العدوان عنواناً لملف يمكن القفز عليه دون الجلوس مباشرة أمام المملكة الراعي والممول لهذا العدوان. والرابع المجتمع الدولي الذي بعث بنواياه المدروسة في التعامل مع قائد تشمله العقوبات ربما يكون واحدة من الاستثناءات النادرة في سلوك المجتمع الدولي إزاء الأزمات ربما حمل أقسى اعتراف ضمني أنهم يتحملون بإصرارهم ليس فقط صيغة القرار، ولكن مبدأ القرار الذي مكنوا بريطانيا أن تختبر ثقافتها في شن الفتن حداً تجعلهم يحتربون على كلمة هنا وكلمة هناك، لكن زيارة ولد الشيخ أعلنت بوضوح سقوط العقوبات كمبدأ كما فتحت الزيارة أمام الوفد المفاوض آليات مناقشة التوجهات الدولية خارج وصاية من يعتقدون أن صيغة القرار 2216 هو صك أو وثيقة الاستسلام على الخيار الوطني أن ينحني أمامها. زيارة ولد الشيخ ولقائه بالزعيم ربما هو أهم اختراق رمزي نحو تأسيس أرضية لتفاهمات قبل أن نقول أتت الزيارة بكل أكلها ودائماً يقولون الصبر مفتاح الفرج.