حينما تنظر إلى الواقع العربي والإسلامي تجد العجب .. وتصاب بالإرباك بالارتباك .. مساحة شاسعة .. وثروات هائلة .. في الأرض والإنسان والحيوان .. ومع ذلك لم نستطع ولم تستطع دولنا أن تضع بصماتها في عالم اليوم .. ! العالم ينطلق نحو الفضاء .. يسعون في خدمة البشرية .. بهدف الارتقاء بالإنسانية .. وبني قومي يرجعون آلاف السنين إلى الوراء .. ! في ذات الوقت الذي يجب على العرب أن يكونوا فيه في وضع توافق ووفاق .. ترى قادة العرب وحكامهم هم من يزرعون بذور التفرق والشقاق .. !
شاء الله أن نلد في أرض عربية بين العرب نتكلم لغة عربية ..وندين بدين الله الحنيف .. نقتدي بنبي عربي .. ونتلو كتاب الله الذي نزل بلسان عربي مبين ونصلي لله كل يوم خمس مرات في اتجاه قبلة واحدة .. !
حتى نطق التأريخ قائلا في سطوره أنه لا توجد أمة من الأمم تمتلك قواسم مشتركة تجمعها أكثر من الأمة العربية والإسلامية .. في اللغة والأرض والأصل والدين والثقافة والتأريخ والحضارة .. ومع ذلك لا توجد أمة تقاتلت فيما بينها وتصارعت مثل الأمة العربية والإسلامية كما هو حاصل في تأريخ العرب والمسلمين .. وكما هو حاصل اليوم .. صراع ونزاع .. قروووووح وجرووووووح ونزوووووح .. ورائحة الدماء من كل قطر عربي تفووووح .. ونحن من غيِّنا إلى غيِّنا نغدوا ونرووووح ! العراق إذا نظرت إليها وجدت قبور القتلى .. وسمعت أنات الجرحى .. وآلم قلبك مناظر حزينة لكبار السن وللأطفال وللنساء .. فهل تمت زراعة عروق الشر في العراق حتى صار من الصعب القضاء عليها ؟
تعال يا حبيبي .. خذ لك نظرة إلى سورية .. ماذا تجد فيها سوى الدمار والخراب وآثار مطلة على بلاد حزينة وأرض كئيبة على عروشها خاوية من أهاليها خالية كان فيها حياة في يوم ما .. ! القتلى بمئات الآلاف والجرحى أكثر من القتلى والنازحون واللاجئون بالملايين حتى صار في كل دولة من دول العالم أثرا لإنسان لاجئٍ من سورية ! فهل يا ترى سيعود السرور إلى سورية ؟! مع العلم بأنني لستُ مؤيّداً لنظامٍ قاتلٍ أهلك الحرث والنسل ، وجعجع وأوجع وأجوع شعبه ليبقى في كرسي الزعامة إلى ما لا نهاية بلا رحمة ولا رأفة ! .
نعم في واقع اليوم تمت زراعة عروق الشر في العراق وزراعة المرارة في مصر وتمت عملية سرقة دولية ل (سرور ) السوريين ول (أمن ) اليمنييين ول (لُبِّ ) عقل الليبين .. ومحاولات كثيرة للقرصنة على ( أُنْسِ) التونسييين .. وبالعلن ومحاولات بائسة لردم اقتصاد الأردنيين ولإحداث مجازر في الجزائر ومحاولات خائبة لفصل الصحراء الغربية عن المغرب العربي حتى تغرب شمس المغربيين التي بدأت في السطوووع ! وفي اليمن بلاد الإيمان والحكمة تمت عمليات كثيرة لزراعة جماعات مسلحة تقوم بسرقة (أمن ) اليمن .. وصرنا طوائف كثيرة .. وجماعات متعددة وأحزاب شتى !
وبالعلن وأمام الملأ لم نجد من يقول لليهود .. كفانا قتلا .. وتدميرا .. وخرابا .. !
وعلى مستوى كل مجال من مجالات الحياة بني قومي لا يتطورون بل يتقطقطون .. ولا يتقدمون بل يتخلفون .. ولا يبنون بل يهدمون .. ولا يرعون بل ينسون .. ولا يتوحدون بل يتفرقون فمتى يا ترى بني قومي يعقلووون ؟ ؟ ؟ الواقع اليوم يحزنك ويبكيك .. مع كثرة مراثي الوطن لن تجد يا عزيزي من يرثيك .. ! وضع البلاد يشقيك .. ووضع العباد يفنيك .. وإذا حاولت أن تصنع لبلدك العربي خدمة أو تقدم له منفعة إذا بحاكمك العربي من بلادك ينفيك .. أو في السجن يأويك ..أو من كأس الردى يسقيك ..ومع ذلك تراهم يظنون أنهم يحسنون عملا .
نحن في عالم اليوم كثيرون وأقوياء .. وأغنياء .. لكن كثرتنا فوضوية .. وغنانا بيد قلة مسيطرة وقوتنا إما بيد قيادة طائشة جعلت من الصديق عدوا ومن العدو صديقا أو بيد جماعة متمردة مدللة مسموح لها بذلك من قبل أرباب القوة في عالم اليوم .. أما من هم أصحاب الحق ومن يمثلون قضية الحق فغير مسموح لهم بتشكيل أي قوة دفاعية بل هم متهمون بالإرهاب وهم من هذه التهمة بريئون .. !
كثرة المسلمين العددية مهمة جدا .. لكنها لن تفيدنا شيئا إذا لم نحقق الكثرة النوعية بكل معانيها .. لن تغني عنا الكثرة العددية شيئا إذا لم نكن كثرة منظمة .. منسقة .. مرتبة .. موحدة .. متقاسمة المهام ، موزعة الأدوار ،مخصصة الوظائف ، مستغلة القدرات ، موحدة الأهداف ، مرنة الوسائل ، صادقي العزيمة ، ممتلكي الإرادة ، فاعلي الإدارة .
نستطيع القول حول اليمن بأنه لا خير فيمن لا رؤية له للحاضر والمستقبل .. وهذا هو حالنا اليوم .. نسير بلا رؤية ! نعم لا خير فيمن يتصارع مع رجليه .. ولا خير فيمن يتعارك مع يديه .. ولا خير في روح تتقاتل مع روحها الأخرى ! فهذا الصراع .. وذاك التعارك.. وذلك التقاتل .. بين بعضك والبعض الآخر .. بين أبناء الملة الواحدة .. بين أبناء الأرض الواحدة .. لا يفيد أحدٌ على أحدٍ من الأمر في شئ ٍ!
أنفسٌ تقتل ، وأرواحٌ تُزْهَق ، ودماءٌ تسيل .. وجروح تفتح .. ومآسٍ جديدة تشترى .. وقادة الصراع في فنادق أو كهوف .. والوطن والمواطن ضحية استمرار الحرب والمعاناة ..
نعم في اليمن وجد عمليات عسكرية جوية وبرية وبحرية ضد الجماعة الإنقلابية .. متخذة سياسة النفس الطويل مع غياب في الرؤية .. وتخبط في الهدف .. وبطء في الوسيلة .. وثقل في الحركة .. ومشاكل أخرى الله يعلمها ويمكرون والله خير الماكرين .
حينما تمثل الحق فينقلب الباطل عليك ويسيطر على الأرض فتطلب المساعدة من غيرك .. فيلبي الغير طلبك ويستجيب لك فترة من الزمن ثم تكتشف هذا الغير وهو يساعد غيرك بلا خجل وبلا وجل كي يكون بديلا عنك .. فهل يا ترى سيظل صاحب الحق في حقه ؟ أم سينتصر البديل؟