" تحدثنا من سابق عن الرافضة و الآن نتكلم عن ( حزب ) الحراك فضحه الله ، هذا (الحزب) قد فُضح ومن الأمور التي فضحت هذا (الحزب) هو ارتباطه بدول تبحث عن مُلك داخل بلادنا فهذا الحزب " حزب الحراك " قد ارتمى بين أحضان إيران وهذه مؤامرة أتى بها البيض لا بيض الله وجهه!! هناك انحراف عظيم في الحراك وهناك من لا يصلي واعلموا أن ديننا هو المستهدف من كل هذا فأول من حاربهم (حزب ) الحراك كانوا العلماء .!! " الحديث أعلاه منسوب بحسب خطبة صوتية انتشرت على شبكة الإنترنت للشيخ محمد الإمام .. الشيخ السلفي الشهير صاحب دار الحديث في معبر ذمار ، بالحقيقة لست معني في الرد والتعقيب على جوهر ما قاله فالأمر بالتأكيد سيترك لذوي الاختصاص ، ما يهمني هنا هو توضيح مالتبس حول تحزيب الحراك وإخراجه من تعريفه المتعارف عليه في كونه ثورة شعبية !! للكيان الحزبي تعريفات كثيرة واختلفت هذه التعريفات باختلاف وتنوع الأيديولوجيات والمفكرين الذين تناولوا هذا الموضوع بالبحث والتحليل ، فهناك من ركز على أهمية الأيديولوجية الواحدة لعدد من الناس ، هولاء الناس جميعهم يعتنقون العقيدة السياسية والفكرية ذاتها ، بينما رأى آخرون أن الأحزاب تعبير سياسي عن الطبقات الاجتماعية وهناك تعاريف عديدة أخرى لا يهمنا منها سوى إسقاطها على حركة النضال الجماهيرية الجنوبية " الحراك " لنرى هل تنطبق عليه أم لا . بادئ ذي بدئ أقول أن الحراك الجنوبي السلمي هو ثوره شعبية ، هبة غضب ومقاومة جماهيرية ، الحراك ليس كونتينر حزبي ولا كيان منغلق أو جمعية ، وهنا سأحاول بهذا المقالة تفصيل الأمر ليوضح الفرق بين الكيان الحزبي وبين " الحراك " ومنه سنعرف تماما بإن الحديث عن الحراك كحزب هو نوع من الأوعي و سيكون ذلك بعدة نقاط . * المقوم الرئيسي للأحزاب هي واحدية الأيديولوجية، أي أفكار ومبادئ وقناعات مشتركة تجمع كل عناصرها فالأحزاب دائما ما تتبنى فكراُ ثابتاً وصبغة واحدة ولذا فعند الحديث عن حزب الإصلاح سنتحدث عن ايديولوجية إسلامية وعند الحديث عن الإشتراكي سنتحدث عن فكر ومنهاج إشتراكي ولكن عند الحديث عن (حزب) الحراك الجنوبي كما يتحدث البعض فعن إي إيديولوجيا سنتحدث ؟...
اعطوني إصلاحيا واحداً في الاشتراكي إن وجد وهذا مستحيل لتجدوا ألف إصلاحي في الحراك ومن قادته كبامعلم والعقلة وعقيل العطاس وكثر غيرهم ... حدثوني عن عضو اشتراكيا في الإصلاح لأشير الى عشرة الف اشتراكي في الحراك ... لا يوجد هناك حزب حقيقي في هذا الكون له ايديولوجيتين ولكن ولإن الحراك ثورة شعبية وهبة غضب جماهيرية من الجميع وجدنا فيه الف أيديولوجيا وأيديولوجيا .. ثورة شعبية حاوية لمشارب وأفكار شتى فبه السلفي وبه الإصلاحي وبه الإشتراكي وبه العلماني وبه الجهادي وبه اليساري الليبرالي وبه إمام المسجد وخطيب الجامع ودكتور الشريعة والجامعة وبه للإسف طبقات رثة اخلاقيا وهذا لا ينكره احد ، بإختصار الحراك هو عينة مأخوذة من شعب لصنع ثورة وليس حزبا منغلقا على ذاته وفكرة . * في تاريخ نشأة كل الأحزاب فإن البداية تكون دائما من القمة ( القيادة ) الى القاعدة (الجماهير) بمعنى ان مجموعة اشخاص يؤطرون انفسهم بفكر معين ثم ينشرون فكرهم ليمدوه للجماهير بينما يكون الأمر في الثورات الشعبية معاكس تماماً فالعربة هنا قبل الحصان والثورة الشعبية هي من تصنع قادتها ورموزها وليس العكس ومثل ذلك الأمر في ثورة الحراك فالحراك الجنوبي لم يصنعه الشنفرة ولا الخبجي ولا النوبة بل العكس تماما هو ما حدث وهذا عكس فكر الأحزاب وطريقة قيامها فالأخوان وأحزابهم في المنطقة العربية والإسلامية مثلاً هم بذرة الإمام حسن البنا وعلى هذا الأساس نقيس الأمر . * الأحزاب السياسية ترسم أهدافها لتكون مفتوحة السقف غير محددة مسارها النهائي فتارةتجدها حاكمة وتارة تجدها محكومة وبين هذه وتلك تصارع بينما الثورات الشعبية توجد لهدف بإطار عام له سقف محدد فمثلا الثورة التغييرية اليوم في اليمن وقبلها في مصر وتونس وليبيا كان هدفها هو إسقاط النظام ومثل تلك فثورة حراك الجنوب هدفها إستقلال الجنوب وهذا هو سقفه الذي يسعى له وحسب وهنا وجب الإشارة إلا أن الأحزاب السياسية لا عمر انتهاء لها فهي تتجدد بتجدد الواقع أيا كان ولا تقيد بواقع معين وهذا عكس الثورات الشعبية التي تصبح في حكم المنتهي بمجرد تحقيق مطالبها فثورة 25 يناير في مصر انتهت بمجرد تنحي مبارك لإنه كان هدافها ومثل ذلك الأمر مع ثورة الحراك الجنوبي الذي سيصبح هو الآخر منتهيا بمجرد حصول الجنوب على دولته . في الختام ... الحديث عن الحراك كحركة شعبية لا يعني تجاهل ضرورة إرفاقه بالبناء المؤسسي والتنظيمي وهنا لا تناقض في الكلام فالهبة العفوية والتحرك الجماهيري لابد له من إطار قيادي وتنظيمي يسرع وتيرة عمله ليصل الى هدفه بكلفة اقل وبطريق اقصر , هناك محاولات قد تمت ولكن و للعشوائية التي سارت عليه بدت معيوبة وبدلا من أن تساهم في تعظيم الحراك أدت الى تشققه وتصدعه , نتمنى أن نرى في الأيام القادمة خطوات صحية وسليمة تستفيد من أخطاء الماضي وتتلافى سلبياته .