تابعت أحداث الأسبوع المنصرم بكل قلق حيال ما تتعرض له المؤسسة الأكاديمية من تهديد، واستبزاز، وكأننا نعيش في دولة تخلو من القانون، الدولة التي تكفل لكلّ فردٌ ممارسة حياته بكل حرية، وديمقراطية. إن الذي أصابني بالقلق العظيم، هو أن دكتورين جامعيين، يتّتلمذ على يديهما الأف، أن لم يكن مئات الألاف، من الطلاب، والطالبات، وتخرج، ويتخرج من تحت شراعهما العلمي كوادر علمية عدة، يتعرضا للتهديد، والاستبزاز، من قبل شخص مجهول الهوية، عبر اتصال هاتفي، ولا يعلم أحد ماذا يريد هذا الشخص، أيريد مالا؟ أم يريد أن يخرس، ويسكت قلم هذين الأكاديميين. نعم.. أتحدث عن عضو هيئة التدريس في #كلية_الأداب بجامعة #عدن، الدكتور ناصر علي مقراط اليوسفي، الذي تعرض لتهديد مباشر، عبر اتصال هاتفي، قبل أسابيع، من قبل شخص مجهول، ولم نعلم ما هو سبب استهداف الأكاديميين؟ كذلك أستاذ الفلسفة والتاريخ والحضارة، نائب عميد كلية الأداب للشؤون الأكاديمية، الدكتور قاسم عبد عوض المحبشي، تعرض، هو الأخر، الأسبوع الماضي للتهديد من قبل شخص مجهول الهوية، عبر اتصال هاتفي، ولولا تسرّب الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الالكترونية لما كان أحدا عرف ذلك، حيث قام الدكتور المحبشي بابلاغ الجهات المعنية فقط، والتزم الصمت، ولم يخبر أحدا بذلك، حسب قوله في صفحته عبر #الفيس_بوك، ومن خلال تواصلي الشخصي معه، وذلك كي لا يقلق سكينة الأهل والاصدقاء، وتجنبا لمألات قد لا تسر البعض. ورغم وصول خبر تهديد الدكتورين للجميع، فإني أستغرب، كثيرا، من هذا السكوت غير العادي الذي أصاب مجتمعنا حيال هذه الحادثة؛ حيث يعتبر السكوت عنها، رضى بقانون القوي يأكل الضعيف.. #القانون الذي لا دين له، ولا ملة، ولا أخلاق، ولا موروث.. قانون يسمى، في أبجديات من يمارسه، ب(قانون القوة والرجولة)، وللأسف الشديد، حينما يكون تفكيرهم بهذا الشكل المقزز، فيفكرون بأن هذه الأعمال تُعد من الأعمال التي يمارسها الرجل الشريف والنزيه، وانها تُعبّر عن الرجولة والآصالة، وأتأسف كثيرا عليهم، وعلى عدم معرفتهم بمعنى الرجولة الحقيقية، عن حق، بل ربما لم يكلفوا انفسهم بالبحث عن معناها، لا ليكونوا مثقفين، أو ملمين بها، فمثل هؤلاء لا يرجى منهم خيرا، ولكن، كي يعرفوا ماذا يفعلوا، وماذا يمارسوا، ويعلموا الفرق بين ما يمارسونه، وبين الرجولة التي يزعمون انهم يمارسونها. لقد أجبر التهديد الذي تعرض له الدكتور المحبشي، على العيش بالمنفى، وسبب لاولاده وأسرته حالة من الهلع والخوف غير العاديين. ابن #يافع الشموخ، الدكتور المحبشي، الذي ولد عام 1966، لا تجد في كتاباته إساءة، أو عنصرية، أو تزمت، وتراه يتجنب المناكفات #السياسية، ويتجه قلمه للكتابة عن #الحب، و #المحبة، و #السلام، والمدنية، والود والأخلاق، فهكذا عهدته، كذلك هو الحال لدى الدكتور مقراط، فمن المعروف أن أغلب الأكاديميين يتجهوا للكتابة عن ما يصلح البلاد. ليس حديثي هذا يعبر عن حبي للدكتور المحبشي، رغم اني احترمه كثيرا، واعتبره بمثابة الموجه، ولا لكونه دكتورا في كلية الأداب، لا، بل لان هذه الحادثة ليست من سمات وعادات أبناء مجتمعنا، وتعتبر ممارستها بالخروج عن المألوف، والمعتاد، حيث ارجوا ممن قام بهذا الفعل لو انه يعدل عن فعلته، ويقدم اعتذاره، العلني، للدكتور المحبشي، وللدكتور مقراط، وكفى المؤمنين شر القتال. كما لا انسى هنا، أن أوجه حديثي إلى أبناء المجتمع، من أكاديميين، وكتاب، وصحافيين، ومثقفين، ومتعلمين، الذين أن حاولوا السكوت عن مثل هكذا قضايا، وأحداث فإن مصيرهم لن يختلف كثيرا عن مصير الدكتور المحبشي ومقراط، فكما تُدين تُدان. صحيح انني قرأت كثيرا من البيانات، والتضامنات، والادانات، منها بيان #اتحاد_الأدباء_والكتاب_اليمنيين في عدن، وتضامن عدد، لا بأس به، من الاكاديميين والصحافيين والناشطين والمثقفين والشعراء، عبر بيان نُشر على نطاق واسع في وسائل التواصل، أضافة إلى وقفتين تضامنيتين لعدد من الدكاترة والأكاديميين، الأولى في باحة كلية الأداب بعدن، والأخر في باحة #كلية_التربية في #ردفان، عبروا فيه عن رفضهم للحادثة، لكن كل ذلك لا يفيد، بقدر ما يلزم علينا القيام بأمور عدة، تعبر عن رفضنا الكامل للحادثة، غير السهلة، وأن مرورها يجب أن لا يكون مرور الكرام. واستغرب، أيضًا، من موقف #جامعة_عدن الضعيف حتى اللحظة، والتي لم تُصدر أي بيان، أو توضيح بذلك الشأن، بأعتبر أن الدكتور المحبشي ومقراط أحد كوادرها المتميزين، وسأترك ذلك التساؤل للدهر، فهو كفيلا بالاجابة. واقترح، حيال تلك الحادثة، أن يقف كل المثقفين، والصحافيين، والكتاب، والمتعلمين، وكافة أبناء المجتمع الجنوبي، وقفةً جادة مع هذه الحادثة، وأن نعبر عن رفضنا الكامل لهذه الممارسات المنحطة، التي من شأنها أن تزيد أفراد المجتمع توحشا، ويستفحل، من خلالها، كل مظاهر العنف، والجبروت، والسلطوية، ليسود، بعدها، مبدئ إلا دولة، مبدئ الغابة النتنة، وحينها لا يفيد الندم، ولذا، فإن على جميع أفراد المجتمع، الخروج في وقفةًً تضامنيةً كبيرة ضد ما تتعرض له الموسسة الأكاديمية، وأن نعبر عن رفضنا الكامل لهكذا ممارسات في مجتمعنا المدني، المتحضر، الذي عُرف، ويُعرف، بالمجتمع المسالم. أخيرا.. أعلن تضامني الكامل مع الدكتور المحبشي ومقراط، وارجو أن لا يستمر سكوت الجهات #الأمنية، و #الحكومية أكثر من ذلك، ومن ثم، ولكون المحبشي ومقراط من الاكاديميين الجنوبيين، اُُطالب، #قيادات_المجلس_الانتقالي_الجنوبي بضرورة الاسراع في التحرك حيال هذه الحادثة، وأن يقفوا عندها وقفةً جادة، وحازمة، وصارمة.