سيكتب التأريخ مخلداً ، أن رئيس الدولة اليمنية الشرعية ، فخامة المشير عبدربه منصور هادي ، عندما كان جالساً في عرشه بدار المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن ، جاءه المبعوث الاممي الذي يدعى مارتن غريفنت ، وطرح إمامه مبادرة ومقترح لوقف الحرب مابين الدولة والشرعية والانقلاب عليها ، تقتضي بانسحاب جماعة الحوثي الانقلابية من مدينة الحديدة وميناءها مقابل ان تنسحب الشرعية من محافظة صعدة ، إضافة إلى قيام الشرعية بدفع رواتب الموظفين في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي ، فما كان من الرئيس اليمني هادي إلا ان رفض هذه المبادرة التي جاءت على شكل مقايضة تضمن للحوثي السيطرة على صعدة مقابل انسحابه من الحديدة ، وهذا ما جعل المبعوث الاممي يظهر في موقف ضعيف امام الرأي العام الدولي والإقليمي ، وظهر ضعيف ايضاً امام جماعة الحوثي التي يسعى لتحقيق مكسب لها على الأرض اليمنية تحت دعوى الجلوس على طاولة المفاوضات والتصالح ، وهو الامر الذي اظهر انحياز المبعوث الاممي في صف الانقلاب على الدولة لا سيما وهو من قدم قبل ذلك مقترح لمجلس الأمن يطلب الاعتراف الدولي بجماعة الحوثي. لو قبل الرئيس هادي بطريقة المقايضة كعامل لتحقيق صلح وإيقاف حرب ، فأن هذا الامر لن يقتصر على الحديدة وصعدة فقط ، بل سيكون الانسحاب الحوثي من ما تبقى من تعز مقابل انسحاب الشرعية من صنعاء وجبهة نهم وعدم التقدم نحو أمانة العاصمة ، وسيكون الانسحاب الحوثي من إب مقابل عدم توجه الشرعية نحو ذمار ، وسيكون الانسحاب الحوثي من البيضاء مقابل عدم توجه الشرعية نحو عمران ، وسيكون الانسحاب الحوثي من محافظتي ريمة والمحويت مقابل انسحاب الشرعية من محافظة حجة ، وهنا يضمن الحوثي وفق مبادرة حل أممية ، بقاءه في مساحة كبيرة من الشمال كاقليم آزال ومحافظة حجة ، وهذا ما سيمكنه الخروج من هذه الحرب بما يحقق له مشروعه في اليمن كتحقيق مشروع حزب الله اللبناني الإرهابي في جنوبلبنان. فخامة الرئيس هادي حفظه الله ، عندما رفض مقايضة الحديدة بصعدة ، سجل موقفاً قوياً وشجاعاً وذكياً ، أثبت فيه قوة إرادته وعدم مساومته بأي شبر من تراب اليمن ليبقى تحت سيطرة وجود مشروع انقلابي على الدولة وإتاحة بقاء مشروع الحوثية الفارسي الايراني في ارض اليمن اصل العروبة ، بل أثبت فخامة الرئيس انه لا مناص من تحرير صنعاء والقضاء على جماعة الحوثي اما بطريقة الحسم العسكري او بانسحابها الشامل من كل مؤسسات الدولة وتسليم أسلحتها للشرعية . رفض مقترح مقايضة الحديدة بصعدة ، دلل على ان الرئيس هادي قوياً من منطلقين . الأول : قوياً من منطلق الإيمان والفكر والثبات والشجاعة والذكاء والسياسة والمبادئ والثوابت والارادة والهمة والعزيمة . الثاني : قوياً من منطلق القوة العسكرية على الارض، فعندما تتحدث عن الحديدة وانت واقف في اطراف مدينتها وإقدامك في مطارها ، فأنت اقوى مما تتحدث عن الحديدة وانت في المخا وخارج الخوجة . تحرير محافظة الحديدة من الخوخة حتى مطار المدينة وتحرير حيس والتحيتا وأجزاء من الجراحي وزبيد ، جعل الشرعية في موقع قوة ، ووضعت عدة أوراق ضغط على الانقلاب ورسمت عدة نقاط تضعف حساباته وتحجم قياس مركزه . من جانب آخر ، فأن الموافقة التي ابدتها جماعة الحوثي للمبعوث الاممي حول انسحابها من الحديدة مقابل انسحاب الشرعية من صعدة بل ان هذا في الأصح هو مقترح حوثي ، هذا يدل على انكسار جماعة الحوثي وتقهرها وهزيمتها وضعفها وتراجعها امام الشرعية في الميدان العسكري والقتالي ، ايقنت جماعة الحوثي ان نهايتها أصبحت حتمية امام الشرعية ، ولذا سعت على ان تحافظ على جزء مقابل الانسحاب من جزء وفق مبادرة حل وشرط الجلوس للمفاوضات ، وما كان بدايته شرط فنهايته التزام وتنفيذ ، وبدل ان تخسر الحديدة وصعدة ، ستنسحب من الحديدة مقابل ان تبقى وتحافظ على صعدة وفق حل يمنحها البقاء الدائم والمستمر كونه سيستمد ذلك من الإشراف الاممي عليه والوقوف الدولي خلفه ... ولكن رفض الرئيس هادي لهذا المقترح اغلق الباب امام طموح جماعة الحوثي ومخططاتها ، وامام الحيل والوسائل والأجندة التي تسعى لتحقيق عدة مكاسب لمشروعها .