إنها فرصة حقيقية ومواتية جدًا للحراك الجنوبي السلمي كي يعلن للعالم أجمع، قائلاً : "أنا هنا .. في الشارع العدني .. بقوة الناس .. في مقدمتهم ومن أجلهم"، إذا توجَّه بالنداء الفوري إلى قواعده في مديريات عدن، يدعوها للخروج إلى الشوارع في أيام وأوقات محددة للاحتجاج العام السلمي المنظَّم والمتواصل ضد انقطاعات الكهرباء - غير المعقولة - في عدن، على نحو ما يحدث هذه الأيام بطريقة لا أخلاقية نهائيًا، مستفزِّة ومُهينة جدًا لعدن وسكانها كافةً. لا فرق بين حراكي وغير حراكي، أو بدوي ودحباشي، أو عدني ((XXL وصومالي ( نازح) .. فالجميع في العذاب سواء، وسيكونون مع الحراك جنبًا إلى جنب. لأن الانقطاعات الكهربائية تجاوزت كل الحدود وصار طغيانها اليوم أشد من أي طغيان وفوق كل تقدير وتوقع أو تصور لما هو طغيان ممُنَهَج وموَجَّه من الخارج بوضوح تام، حيث أن لسان حال هذا الطغيان يقول لنا جميعًا وبلا أي استثناء: " كم أحتقركم يا عيال عدن الضعفاء المغفَّلين .. ولا أكترث لأحد منكم حتى ميسوركم والمسئول فيكم، ولا أبالي بالطاعنين في السن منكم أو أطفالكم الرُّضَّع ولا بمرضاكم ولو كانوا في النزع الأخير، ولا تهمني (حريمكم) الحبالى أو من هن في حالة طلق ولا من لم يكملن الأربعين يومًا بعد الولادة. فماذا ستفعلون؟ وأنتم ستموتون أذلاء من قهري لكم وهيمنتي عليكم. باختصار يا عيال عدن، أنا طغيان كهربائكم، سَيدُكم المُطْلَق لا أراكم أكثر من نفاياتٍ أو حشراتٍ في أحسن أحوالكم. وأنا مسرور كثيرًا جدًا ليس فقط لحرمانكم من حقكم الإنساني في الاستقرار النفسي، إنما كذلك من حقكم الطبيعي في النوم الهادئ والذي يمكن أن أسمح به للحشرات الأخرى ولا أسمح لكم به .. فواجبي الأول والأخير، هو إقلاقكم على مدار الساعة وتحطيم أعصابكم وإحراق دمكم وسحق ما تبقَّى لكم من صحة الجسم والنفس حتى أبلغ ذروة استمتاعي – البطيء ولأطول وقت ممكن – باحتقاركم وإهانتكم واستفزازكم بانتظام يومي، خصوصًا في عز صيف عَدَنِكُم التي يركبكم الجنون في حبكم لها وقيضها الذي لا يُطاق ورطوبتها الخانقة. وكم أتمنى لو أستطيع أن أجمعكم – يوميًا خلال هذه الشهور الثلاثة وبينها شهر رمضان بالتحديد كيلا تصوموا، فتتأكد فيكم جراثيم الشيوعية والاشتراكية والمدنية التي تجري في دمكم يا أعداء ديننا وشريعتنا وفتاوى علمائنا قَاتَلَكم الله – تحت شمس الظهيرة المتعامدة، في العراء، وأجعلكم تسكبون عَرَق جباهكم ووجوهكم في براميل كبيرة، لأطير من السعادة فوق رؤوسكم وأنا أَشُخُّ عليها وعلى براميل عَرَقِكم. " لذا، وفي مواجهة هذا الطغيان البليد والجائر بلا حدود، لن يبقَ أحد من سكان عدن وضيوفها حتى في سكنه وسيخرج الكل إلى الشوارع - من الأمهات المُرضِعات إلى العجزة على عكاكيزهم - إما قاتلون وإما مقتولون، إما فدائيون وإما شهداء حتى يرحل طغيان الفساد عن كهرباء عَدَنِهم الغالية مثل أرواحهم. وهنا بالضبط، سيكون الحراك الجنوبي السلمي - في عدن من حيث المبدأ - سيد الموقف عن جدارة أخلاقية واجتماعية وسياسية. كما سيكون في عين اللحظة أداة تقارب بين قواه في الجنوب كله. فهل سيجرؤ قادة الحراك الجنوبي السلمي - في عدن بالذات ومن بابٍ أَوْلى - على اجتراح المعجزة؟ أثق بذلك تمامًا مثلما أثق بإخلاصِ ووفاءِ وإنصافِ ابن عدن: قائدها الأمني المخضرم، الشجاع، الشهم والحصيف اللواء صادق حيد حماه الله معنا وبيننا في حنايا عدننا الرءوم.