حوت ذاكرتي أيام الكفاح المسلح ضد التنظيم الإرهابي -تنظيم القاعدة الذي احتل المكلا- أيام ممزوجة بالشهد والدموع كانت فرحتنا عارمة عند دخول المكلا وطرد عناصر الفكر الإجرامي من مدينة الجمال والحضارة المكلا والتي تغنى باسمها كل الوطن العربي طربا وعشقا. وكانت جراحنا أعمق بمن فقدنا في تلك المواجهات من خيرة شبابنا وابنانا ورجالنا وجلهم من حملة الشهادات الجامعية.
كان الأهم حينها كيف الحفاظ على هذا النصر وعدونا غدار وله أساليب خطيرة عجزت اكبر الدول امنا وقوة وتحصينا عن منعه من التفجير والقتل والتدمير.
بل خاض العالم كله حرب ضده لم تؤتي ثمرها حسب ما هو متوقع ومرجو …!!! فكيف بحالنا نحن الحضارم ولم نكن يومها نملك من الإمكانيات إلا أيسرها وابسطها وكانت البلد حينها مريضة من حكم القاعدة الذي دام سنة تحكمت في شؤونها الإدارية والمالية والاقتصادية والسياسية.
في تلك اليوم السوداء -من شهر رمضان – من تاريخ الحضارم كنت أتهيأ للإفطار بمعية زميلي محمد العامري, وقد اطفيت صوت المكيف وأزلت الستائر في احد غرف القصر الفيحا – قصر الضيافة – حتى يتسنى لي سماع صوت الاذآن.
انطلق صوت الإذن معلنا ساعة الإفطار انطلق معه انفجار ثم تتالت الانفجارت وقد تأكد انه من لواء حضرموت والذي يقع على شمال القصر وبالقرب من صالة مكة للأفراح.
تلك الليلة كانت أسوا ليالي عمري أصابني القهر وصدمت لحصيلة الضحايا والطريقة البشعة التي قتلوا بها وكانت صدمتي اشد عندما عرفت إني خسرت اعز أصدقائي من أبناء تريم والذين جمعتني بهم أيام عصية وحلوه في واحد وخمسين والريان عمقت روح الزمالة والإخاء بيننا هم : عبدالله مسيعود ومبارك بن حمدون.
خيرة شباب تريم وقد قدموا وقتها اكبر الملاحم والبطولة وقاتلو بشراسة حتى استشهدوا …رحمة الله عليهم .
كانت التفجيرات وقتها قد استهدفت الكثير من النقاط ومنها نقطة الجسر الصيني والتي تتبع لواء الدفاع الساحلي.
لم ننم في تلك اليلة وقد رسمت بشاعت الأحدث زيغ على كل الذين فقدوا أعزاء وأقارب… ولم تخف زحمة المتقاطرين على مكتب القيادة لأخذ ماذونيات الخروج من البوابة للبحث في المستشفى عن أشلا وبقايا لمفقودين.
أكثر ما وجع قلبي وأثقل صدري إن اغلب من استشهدوا في تلك أليلة كانوا بدون سلاح واغلب من قاتلو كان تنقصهم الذخيرة ….قاتلو حتى نفذت الذخيرة
أقول لكل قائد:
لا تكرروا ما حصل في رمضان … سوف تندمون ما حييتم ايه القادة، إن دماء شبابنا الغالية ليس رخيصة حتى نرخصها ونتركها عارية فريسة للأعداء.
ختاما :
تحية مضمخة بالمسك والإكبار لكل شهداء الدفاع الساحلي ولكل شهداء حضرموت .