المنصورة المدينة المترفة قبلة كل من يتوق للحياة ، مدينة الطب والاطباء تحولت الى مدينة القتل المباح، اصبحت مسرح للموت لكل من يسير عليها ، أي شيء ارتكبته المنصورة فأوجعك ايها المحتل ؟ أي رجولة هذه التي يواجه فيها شعب أعزل مقابل رجل مدجج بالأسلحة على سطح مبنى عالي ؟ أي رجولة وانت تحارب كاليهود من وراء جُدُر ؟ أن كنت مؤمن بقضيتك فأنزل الى ساحة المعركة والعين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم ، هل قتلك للنساء والاطفال سيثنينا عن المطالبة بحقوقنا ؟ ماالفرق بينك وبين ذلك اليهودي الذي يقتل النساء والأطفال والشيوخ ، لا يوجد فرق فهو محتل وأنت محتل . أن مايحدث حاليا بالمنصورة هو ما تحدثت عنه في مقال سابق وقلت بأن ساحة المعركة القادمة ستكون في عدن ،ولن يهدأ للمحتل بال حتى يؤجج الصراع ، فقد فشل المحتل في زرع الفتنة بين ابناء الجنوب اللذين أحييهم على تماسكهم بقوة وصرامة تجاه قضية الوطن الجنوبي الذي لم شمل الجميع تحت سقف مطلب الحرية . ان مايقوم به الجنود حاليا هو " حلاوة روح " قبل الموت ، انه يقتل بلا هوادة فهو في معركة يصارع فيها الموت ، وهذه بأذن الله آخر مراحله ، هكذا الراحلون عنوة يحطمون كل شيء . هل هناك ذنب اقترفته تلك العروس التي كانت تستعد للبس فستان أبيض ليوم زفافها ، فستان أبيض من الساتان الغالي والمرصع بحبات اللؤلؤ ، فألبسوها ثوب أبيض بدون أكمام وبدون أن تدخل فيه إبرة خياطة ، ثوب أبيض من أرخص انواع الاقمشة وأعظمها حزنا لمن يلبسه ، كانت تحلم بدخول قفصها الذهبي لتبني حياة جديدة تخصها وتكوَُن عائلة وتصبح أم لأطفال ، فأدخلوها قبر مظلم أنهوا به حياتها الى الأبد المستقبل البعيد أصبح لحدٌ يكتم على انفاسها ويحول بينها وبين أحلامها ، احتضنتها باطن الأرض ولم تعطيها فرصة لأي حياة ، انقطعت أحلامها عن الحياة سرقوا منها المستقبل اسكتوها الى الأبد ، لم تعد لها احلام ولا مستقبل أصبحت جثة هامدة وكل ذنبها انها كانت تمشي على أرض جنوبية ، وهل هذا ذنب يقتل المرء بسببه . تحول العُرس من أفخم قاعة وأحلاها الى مقبرة أموات ، وأتشحت المعازيم بالسواد ، أدخلوها عالم آخر ليس عالمها ولا الذي كانت تطمح اليه . حال هذه العروس هو حال اهل الجنوب جميعا ، المنصورة تترنح والمعلا تأن وأبين تنزف وشبوة تدك بالطائرات ،لماذا كل هذا ؟ لماذا لا يعامل شباب ثورتهم وساحاتهم بالشمال بالمثل ؟ ان كانوا يريدوا عودة الحياة مثلما يزعمون الى الشوارع فليعيدوها هناك أيضا . هجوم على ساحة المنصورة فجرا وبعسكر يرتدون ملابس عمال بناء ويحملون أدوات بناء ولكن بداخلها أسلحة ، صوبوا اسلحتهم صوب الثوار اللذين كانوا لا يتوقعون ان يكون عامل البناء جندي مدجج بالسلاح ، هكذا هي وظيفتهم الغدر والخيانة ولو كان الثوار يتصرفون بالمثل لما سمحوا لعمال شماليين أن يدخلوا الساحة . ثوار مسالمين كل احلامهم أن يروا مجد بلدهم من جديد ، ثوار كل غرضهم أن ينعموا بحياة كريمة ليس لأي كان سلطان عليه ، ثوار سئموا من حال الجنوب وسئموا الصبر والسكوت ، ثوار أصحاب قضية بحجم وطن ، لا يطمحون بمنصب وزاري ولا حتى حكومي ، شباب يريد أن ينعم بوطن خالي من الشوائب ، نحن لسنا أولياء أمر الشماليين لكي نتحملهم أكثر ، أثنان وعشرون عام مضى كفيل بأن يعلموا جيدا اننا من نسيجين اجتماعيين مختلفين ، لم نستطع ان نتعايش معهم ،لا أفهم حتى حديثهم ، عاثوا في الأرض فسادا ، انتشر الفساد والرشوة وعلى طريقة مشي حالك . ان اقتحام ساحة المنصورة بتلك الطريقة الخبيثة هو دليل على أنهم يعلمون جيدا بأنهم لن يستطيعوا دخولها وشباب الجنوب صاحيين ، يعلمون جيدا بأنهم شباب يحملون كفنهم على أيديهم ، اتوهم بخبث ولؤم عهدناه منهم دائما ، فليس بغريب ذلك منهم .
تمسكهم المميت بالوحدة يعطينا دفعة قوية الى الأمام ، تمسكهم ذلك دليل على أننا أفضل منهم ، تمسكهم ذلك من أجل نهب خيرات الجنوب فقد وجدوا أرض منبسطة وتنططوا فيها وعليها . لن نرضى ان تزف عروس أخرى الى المقابر ، لن نرضى ان يقوم الجنود اللذين يحملون صفات الصهاينة بسحل والتمثيل بجثة جنوبي حُر آخر ، كل يوم يزف شهيد في ريعان شبابه الى العالم الآخر ،لن نرضى ان تسحق شبوة كأبين ، لن نرضى ولن نسكت ان يتم اغتصاب سمائنا يوميا بطائرات تفرغ حمولتها على أي كان .
ماهذا الذي يحدث في الجنوب ولماذا العنترية العسكرية لا تظهر الا على أرض الجنوب ، ثورتنا لم تأتي من فراغ ونعلم جيدا أن للحرية ثمن ، ثمن باهظ جدا والأرض التي تسقى بالدماء يوميا ستنبت ثوار جدد فكل حماقة يرتكبها الأمن اليمني هي بمثابة دفعة قوية للتمسك بمطلبنا وهو الحرية .