إذا بتر شخص طرفا من أطرافه-قدما او يدا مثلا- فليس هناك ثمة أمل له في ان ينمو طرف جديد يعوض ما خسره وفي المقابل هناك نوع من أنواع السحليات التي تستطيع إعادة تجديد طرف كامل فقدته بكامل مكوناته (لحما وعظما وعصبا وجلدا) وفي زمن لا يتعدى الأسابيع
الفرق الرئيس هو ان السحلية تُبقي على الخلايا الجذعية-المتعددة القدرات- لديها كل حياتها بينما تختفي من جسم الإنسان بشكل شبه كامل- الا باستثناء محدود - في سن مبكرة
انا أعطيت مثلا في بتر طرف ولكن هناك أمثلة أكثر شيوعا وإيلاما ومن ذلك عندما تتلف خلايا الدماغ نتيجة لسكته دماغيه او خلايا القلب نتيجة لسكته قلبيه فعندها لا سبيل لإعادة هذه الخلايا لطبيعتها اولنشؤء خلايا جديدة لتعويضها فيبقى المريض في شلل نصفي او في ضعف في عضله القلب مستديمان على التوالي وان أصاب التلف خلايا معينه في الدماغ الأوسط لنتج عن ذلك " داء باركنسون" ( وهو ما يعاني منه الملاكم الشهير محمد علي كلاي) وان أصاب "جزر لانجرهانز" في البنكرياس لأصبح الشخص مصابا بعله السكري.
الخلايا الجذعية خلايا أساسية وبدائيه متطابقة المواصفات غير متخصصة يطلق عليها ايضا "خلايا المنشاء" ولهذه الخلايا سمات ثلاثة خاصة بها غاية في الروعة وأية عظيمه من آيات خلق الله سبحانه وتعالى وهي:
1. القدرة على تقسيم وتجديد نفسها لفترات طويلة،(ظاهره التكاثر واستنساخ الذات)
2. · أنها غير متخصصة
3. · القدرة على التخصص او التمايز عند الحاجة (إي التطور إلى خلايا متخصصة كخلايا عصبيه او عظميه او عضلية او إلى إي من 200 نوع من الخلايا المتخصصة الموجودة في جسم الشخص البالغ)
لنبدأ القصة من البداية
عند تلقيح النطفة (المحتوية على 23 كروموسوم) لبيضه الأنثى (المحتوية على 23كروموسوم) تتكون خليه واحده وبدائيه من 46 كروموس و تنقسم هذه الخلية إلى خليتين ثم إلى الأربع ثم ثمان ثم إلى 16 خليه بدائيه متطابقة دون تمايز بينهم او تخصص وظيفي لديهم ( وتسمى في هذه المرحلة بالتوتية) وهكذا
عدما تصل الخلايا إلى 64-128 خليه تسمى عندها "الكيسَةُ الجَنينِيَّة" ويكون ذلك بعد 5 ايام من لحظه التلقيح (شاهد الفيديوعلى الرابط في اسفل المقال)
المدهش في الامر ان هذه الخلايا الغير متمايزه باي شكل من الاشكال سيشكل قسم منه (ويسمى هذا القسم بالأرومة الغاذية) المشيمه و سيشكل الجزء الاخرمنها (ويسمى كتلة الخلايا الداخلية) الجنين نفسه وستكون خلايا كتلة الخلايا الداخلية هي المصدر والمنبع الوحيد لاكثر من مائتي خليه ذات اختصاصات غاية في التمايز عن بعضها البعص شكلا ومضمونا ووظيفةً ومهمه. ويتم ذلك عن طريق برمجه الهيه غاية في الدقه والجلال برمجه محكمه مقدٌره في الوقت والمكان خلال تطور الجنين ونموه.
فنشوء خلايا متخصصة للمخ تبداء في الاسبوع الخامس وللعيون والاذان في الاسبوع السادس إلى السابع والرئه في الاسبوع الثامن ويتمكن الجنين من الحركه في الاسبوع السابع غشر ومن السمع في الاسبوع العشرين ويكون من الممكن سمع نبضات الجنين في الاسبوع الثاني والعشرين وهكذا
وبناءا على هذه المعطيات ادرك العلماء ان هناك امكانات هائله ومثيره لاستخدام الخلايا الجذعية لتعويض ما تلف من الخلايا في شتى أنواع الامراض بل حتى تعويض الخلايا التي ولد البعض بدونها او اصلاح الخلايا الناقصه الفعاليه والمهنيه
ولكن بقيت امور لابد من التغلب عليها لادراك هذه الغايه ومنها:
1. كيف يمكن الحصول على كميات كبيره من خلايا جذعيه؟
2. كيف يمكن برمجه وتحفيز الخلايا الجذعيه –الفاقده للتخصص- إلى التطور والتمايز تجاه خليه متخصصة بذاتها لاستعمالها لامراض بذاتها.
3. كيف يكون من الممكن السيطره على عمليه التطور والتمايز بحيث نتجنب نحفيز نشؤ خلايا سرطانيه
لاشك ان الانسجه الاكثر عطاءا وثراء بالخلايا الجذعيه هوالخلايا الجنينيه ومن ذلك مرحله "الكيسَةُ الجَنينِيَّة" الذي يمكن التحصل عليه اثر اجهاض مبكر ثم من الفائض من الاجنه الناتجه من التلقيح الصناعي ( البيض الملحقه لاطفال الانابيب )
اما مصادر الخلايا الجذعيه من البالغين فهي الدم نفسه , نخاع العظام, دم الحبل السري والأنسجة الدهنية
الخلايا الجذعية الجنينية متميزه على الخلايا الجذعية البالغة في كونها متعددة الإمكانات.وقادره على أن تتطورالى جميع أنواع الخلايا في الجسم لأنها ذات قوة تناسلية متعددة. بينما الخلايا الجذعية البالغة محدودة القدره في ذلك. وهناك ميزه اخرى تتمثل في قدرتها على الاستنساخ والتكاثر والتناسل بسهولة نسبيا بالمقارنه بالخلايا الجذعية البالغة
هناك خطوره نظريه في ان الخلايا الجذعيه قد تتطور إلى خلايه سرطانيه نتيجة لتعرضها للتناسخ المتكرر الا ان احتمال ذلك يقل ان لم نستعمل خلايا تناسلت لاكثر من دورات محدوده العدد وايضا بفحص كل الخلايا الجذعيه للتاكد من خلوها من إي خلايا سرطانيه فيها قبل استعمالها.
. الا ان هناك جدل اخلاقي مستعر حول استعمال الخلايا الجذعية الجنينية في الولاياتالمتحده ة ويقف الرئيسان الامريكيان بوشو اوباما على طرفي نقيض حول هذا الموضوع فالاول حجر على التمويل المالي الفدرالي للبحوث في هذا المجال وما ان وصل الثاني إلى سده الحكم الا واطلق لها العنان.
في دورته لعام 1424 تدارس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي موضوع : (الخلايا الجذعية) وقد انتفع المجلس ببحث قيم اعدٌه خصيصاً للمجلس العلامه الطبيب محمد علي البار –احد خريجي كليه عدن (الرابط في اسفل المقال) وتوصل المجلس إلى مايلي
أولاً / يجوز الحصول على الخلايا الجذعية وتنميتها واستخدامها بهدف العلاج أو لإجراء الأبحاث العلمية المباحة ، إذا كان مصدرها مباحاً ، ومن ذلك على سبيل المثال المصادر الآتية :
1. البالغون إذا أذنوا ، ولم يكن في ذلك ضرر عليهم .
2. الأطفال إذا أذن أولياؤهم لمصلحة شرعية وبدون ضرر عليهم .
3. المشيمة أو الحبل السري ، وبإذن الوالدين .
4. الجنين السقط تلقائياً أو لسبب علاجي يجيزه الشرع ، وبإذن الوالدين ، مع التذكير بما ورد في القرار السابع من دورة المجمع الثانية عشرة بشأن الحالات التي يجوز فيها إسقاط الحمل .
5. اللقائح الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب إذا وجدت وتبرع بها الوالدين ،مع التأكيد على أنه لا يجوز استخدامها في حمل غير مشروع .
ثانياً / لا يجوز الحصول على الخلايا الجذعية واستخدامها إذا كان مصدرها محرماً ، ومن ذلك على سبيل المثال :
1. الجنين المسقط تعمداً بدون سبب طبي يجيزه الشرع .
2. التلقيح المتعمد بين بييضة من متبرعة أو حيوان منوي من متبرع .