لو أنهم قالوا إن سيطرة القوات الجنوبية على حضرموت هي التأبين الحادي والثلاثون لما كان يُسمّى الوحدة اليمنية، لتقبّل منهم البعض ذلك. بمعنى أنهم أصبحوا أمام حقيقة واقعة، هي استعادة الجنوبيين أرضهم كاملة، لكنهم يذرفون الدموع على حضرموت فقط. حضرموت وحدها، حتى المهرة لم يذكروها. قبل هذا لم يبكوا على عدن ولا شبوة عندما طُردوا منها، ولم يبكوا على بيوتهم وقراهم التي يقولون إنهم شُرّدوا منها، ولا على صنعاء مركز حكمهم التي استولى عليها الحوثي، ولا على جمهوريتهم التي وأدها الحوثي وحوّلها إلى ملكية إمامية. لأن فكرهم يقول: لا مشكلة أن نترك صنعاء للحوثي طالما أن الجنوب تحت سيطرتنا. لكن تحرير حضرموت أظهر الحجم الكبير من المحبة التي لها في قلوبهم. يا ساتر.
هل يُعقل أنهم يحملون كل هذا الحب لحضرموت وأهلها؟ بالتأكيد لا وألف لا. هم يحبون أرض حضرموت وثروتها التي فقدوها، أما الحضارم فلا والله ما أحبوهم قط. المستغرب في الأمر أن قوى الاحتلال جميعهم، كبارهم وصغارهم، المثقف والأمي، راعي الغنم والدكتور، القائد والسياسي، كلهم بكوا على حضرموت. بعضهم بكى على الهواء مباشرة، وآخرون بكوا في صمت كادت صدورهم تتفتق من العبرة، وصنف ثالث دمعت عيناه في مبرز قات واعترف بأنها أكبر صدمة تعرّض لها في حياته.
يا هؤلاء، بلادكم وعوراتكم وأعراضكم أولى بهذا الصراخ والعويل من حضرموت. حضرموت أصبحت بيد أهلها، التي تقولون إنها قوات احتلال. غريب وعجيب. طيب، ما صفتكم أنتم عندما قمتم باحتلال الجنوب كله من المهرة إلى باب المندب؟
ارقصوا رقصة الديك المذبوح، وابكوا بكاء الصبيان، وموتوا بغيظكم. الجنوب حزم أمره، واستعاد هويته، وسيصبح قريبًا دولة الجنوب العربي.