«هم اثنين مالهمش أمان.. الإخوان والأميركان»، «قل لكلينتون.. قل لبديع.. مصر بلدنا مش للبيع».. هذه الشعارات ليست من عندياتي، بل رفعها الشباب المصري الأسبوع الماضي، بعد زيارة هيلاري كلينتون لمصر ومقابلتها للرئيس المصري (الإخونجي) محمد مرسي.. ووصلة الغزل التي غردت كلينتون بها تجاه الإخوان بعد تلك الزيارة! سيل زيارات المسؤولين الأميركان من الحكومة والكونغرس إلى حزب «العدالة والسلام»، قبل الانتخابات الرئاسية المصرية، والتي لربما ساهمت في بزوغ نجم الحزب.. اثارت انتباه وقلق شباب ثورة 25 يناير غير المنتمين لحزب الإخوان، او الحزب السلفي المتحالف معه.. بعضهم اعتبر ذلك أمرا طبيعيا من قوة عظمى تريد الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، في ظل تغيير مراكز القوى في مصر، ولكن بعضهم لم يشعر بالارتياح تجاه تلك الزيارات.. ما لوحظ تكرار ظاهرة ازدواجية الإخوان المسلمين التي عهدها العالم منهم منذ تأسيس حركتهم، حيث التزم شباب الإخوان الصمت تجاه تلك الزيارات والغزل الاميركي الجامح تجاه حكم الإخوان، في حين أنهم يقوّمون الدنيا ولا يقعدونها عن اي شيء له صلة بالغرب الصليبي الكافر على حد وصفهم! ولكن بمناسبة تلك الزيارات يظهر ان «القطة أكلت لسانهم»، فالمصلحة اولى بالرعاية من المبادئ.. وهو شعار اخونجي معروف.. ولم يسمع من ناشطي الإخوان اي اصطلاح مثل «التدخل السافر في شؤون مصر الداخلية» الذي برعوا بترديده في الأعوام الماضية، كلما زار مسؤول اميركي مسؤولا مصريا، وخصوصا خلال حكم الرئيس حسني مبارك. *** شباب الإخوان كسروا حاجز الصمت بعد زيارة كلينتون الاخيرة، واجتماعها بالرئيس مرسي، والتصريحات الودية المصاحبة لها، وشنوا حربا ضارية ضد كل من تجرأ وانتقد كلينتون (يا سبحان الله!) وإعجابها وغزلها بالإخوان، وتدخلها الأكثر من «سافر» بشؤون مصر! ولاحظ المراقبون ان هذه التغييرات الشبابية تجاه الولاياتالمتحدة، نتج عنها ولأول مرة ان القوى الشبابية الليبرالية اصبحت معادية للولايات المتحدة، في حين أن القوى الشبابية للاخوان المسلمين اصبحت تسبّح بحمدها. ولاحظ المراقبون ان المسؤولين الأميركيين أثناء زيارتهم لمصر تجنبوا مقابلة الليبراليين، وحتى ممثلي القوى المسيحية الذين لم يلتفت لمطالبهم في أحداث ما قبل الثورة.. فسبحان مقلب القلوب! أحد الشباب المصري الساخط على التغيير الاميركي، وانقلاب الاخوان 180 درجة في مواقفهم مع الاميركان، يقول «الطريف ان غالبية من يصدّعون رؤوسنا بالغرب الكافر وأميركا الانتهازية او الحضارة الغربية المادية، يتمسكون بتلابيبها، فالمرشح الرئاسي السابق أمه أميركية.. والرئيس المصري الحالي لديه ابنان يحملان الجنسية الاميركية، ورئيس الوزراء الجديد يحمل شهادة دكتوراه من جامعة أميركية.. إذن كلنا نحبها حتى لو كرهناها» انتهى (الحياة 2012/7/30).. ونحن نقول للشعب المصري بليبرالييه ومسيحييه ووسطييه، ما اكتشفتموه من انتهازية الاخوان المسلمين «غيض من فيض» مما سترونه منهم في المقبل من الأيام.. أما نحن في الكويت فأصبحت لدينا اصطلاحات «الانتهازية المصلحية»، و«الحي يقلب» تكاد تكون صنوا او شعارا لإخوان الكويت المسلمين! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم