كل مايحدث اليوم في عدن ..بشقيه السياسي والأمني ،ليس وليد اللحظة الراهنة ، المتمثلة في إنسداد الأفق السياسي للشرعية في التعامل الصحيح والحكيم لمابعد عملية تحرير عدن ،بحيث إن الشرعية عادت للتعامل مع الجنوبيين بطرق أستفزازية كسياسيين وكشعب جنوبي ،وبنفس طريقة صالح الذي تعتبر الشرعية وحلفائها بأنهم ثاروا على ظلمه وعهده البائد .. وبأسلوب أكثر ركاكة وضعف يعملوا على قسم الجنوبيين ضد بعضهم ..مستغلين الفجوة داخل الجنوبيين أنفسهم ،بأستعدادهم للإنقسام ضد بعضهم ،ليخوضوا حروبا فيما بينهم ..؛ بعضهم يدافع عن مصالح شمالين تحت شعار الوحدة وهو مرتبط حقيقة بالمصلحة والايدلوجية والسياسة ،والآخرين يندفعوا نحو تطرف أكثر وعدمية سياسية مبنية على تطرف يقابل التطرف الذي يواجهه . حقيقة الغليان السياسي والأمني كان قد تصاعد وتأجج في مرحلة حكم صالح ،بظهور الحراك السلمي، والحراك المسلح ،وظهور الجماعات الدينية المتطرفة التي أستغلت الصراع السياسي وعملت بعضها مع الاجهزة الأمنية ومع نافذين شماليين لهم علاقات بالجماعات المتطرفة ..تحت مبرر بأن الوحدة واجب ديني وشرعي .والبعض مع الطرف الآخر ..أي بأن جماعات دينية متطرفة حاولت الأنصهار والتقارب مع الحراك الجنوبي والتعبير عنه ،كما حدث ظهور عنف هو أقرب للحالة الجنائية وأبعد عن السياسة ،لكن كان يتم ربطه واستثماره سياسيا . عمليا وبكل موضوعية تامة بعيدا عن أي تبرير للوضع الأمني في عدن مرتبط جذريا بالوضع السياسي والاجتماعي ،ولايمكن حل الأمن والسيطرة النهائية عليه ،دون إحداث حل سياسي واجتماعي جذري وحقيقي ،وتعقيدات الوضع السياسي والاجتماعي ،ليست مرتبطة بمرحلة صالح وحسب ،فهنالك قضايا جوهرية مرتبطة سياسيا واجتماعيا منذ مابعد ثورة 14أكتوبر وماتلتها من أحداث وتعقيدات ساهمت أكثر في أصطحاب المشاكل وجرها للمستقبل ،وكل مرحلة تأتي أحداث وأنفجارات مبنية على الترسبات القديمة وتزاد تعقيدات جديدة . إحساس الحراك السلمي المبكر نوعا ما ،بعمق المشكلة الاجتماعية داخل الجسد الجنوبي نفسه ،ومحاولته عمل شيء في هذا القبيل ،بالتوجه نحو التصالح والتسامح ،يعني إحساس عام وتوجه مبدئي متواضع لم يرتقي الى عمق المشكلة وجوهرها وتشخيصها الحقيقي ووضع توجه حقيقي للتعامل معها. صنعاء كما هي عدن مرتبطة وضعها اليوم بقضايا تعود 26سبتمر ،إعادة قرأت المشاكل من جذوها الحقيقة ومازادت لها الأيام من أحداث وأضافت من تراكمات وتعقيدات جديدة ، باعتبار بأن أكتوبر وسبتمبر البحث عن بناء الدولة الوطنية الحديثة ،بعد التحرر من الاستعمار بعدن ،والتحرر من الفكر الكهنوتي والدولة التقليدية بصنعاء . وهكذا ،تظل سبتمبر وأكتوبر هي المنطلقات الاساسية والأرضية لبناء الدولة الوطنية والتحرر الفكري والسياسي بمعانيه المختلفة ،فقد تجلت فيها نجاحات عملية للحركة الوطنية ،ثم رافقتها أخطاء وتعثرات وأنحرافات ؛كان من شأن تلك الأخطاء أن تخلق العديد من التأزمات الاجتماعية والسياسية ،وفقدنا أي فرصة لاحداث مراجعات ووضع سياسات مسؤولة عن إصلاح الجانب الاجتماعي وحل تأزماته، وأنما تم القفز عليها واستغلالها واللعب على تناقضاتها حتى تفجرت كألغام قديمة ومنسية، وخلفت العديد الضحايا والتصدعات الوطنية المختلفة . وهكذا،فإن مسؤليتنا الوطنية والاخلافية اليوم ،هي التوجه الصادق والجاد لانتزاغ كل الألغام السياسيةوالاجتماعية والثقافية.. بطريقة حكيمة وآمنه وبأسلوب معرفي بعيدا عن العواطف والمبالغات والتطرفات المختلفة ، وبحذر شديد ودقة عالية لكي لا تنفجر بنا ونحن نحاول انتزاعها.. ودون أن ندعها حتى تنفجر فتفاجئنا بضحايا وانهيارات أكبر،فنفقد السيطرة تماما . الاندفاع والاستحواذ السياسي اليوم لأي طرف اجتماعي أو سياسي ،يعمل على تسطيح القضايا ومحاولة تجييرها ،والصراع على مصالح شخصية غير مشروعة ،والتمسك بأفكار ورؤى سياسية عدوانية او تقليدية ،وشخصنة القضايا والصراع جغرافيا أو سياسيا،وأفراغها من محتوياتها الحقيقة والقى اللوم على طرف معين أو مرحلة معينة. وعدم إدراك عمق هذه المخاطر والتحديات والتعقيدات الحقيقية الموجودة ستجعل هذا الطرف الذي يلعب بهذه الطريقة هو الخاسر الأول وأول الضحايا. خلاصة ،لدينا تأزمات وأنسدادت تراكميه لقضايا سياسية واجتماعية جوهرية ،علينا البحث عن الحلول الجادة لجوهر تلك القضايا العالقة ومعالجتها من جذورها ،وليس التوقف عند الأعراض ولا أستمرار اللعب بهذه القضايا ،وفتح صراع سياسي واجتماعي جديد لقضايا ثانوية واضافة مشاكل جديدة نتيجة للسياسات والتعامل بطريقة استغلالية للفجوات والثغرات التي تنخر بالجسد الاجتماعي وتنتج تطرفات وتأزمات سياسية تدور في متاهات معقده ،وغير قادرة على الانطلاق نحو المستقبل برؤية سياسية واضحة.