تعيش آلاف الأسر بمحافظة لحج أوضاع فقر مدقع يتراكم على كاهلها مع اشتداد الغلاء المعيشي الذي يتزايد صلفه كل يوم، في ظل استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب تفاقم أزمة شاملة تشهدها البلاد، مما جعل شباب لحج عرضة الاستقطاب المتطرف و الذي راح المئات منهم ضحايا الإرهاب والجريمة المنظمة، وساعد على ذلك غياب دور السلطة المحلية بالمحافظة، مما خلق استياء شعبي جرى تضاعف حجم المعاناة . تعد محافظة لحج من المحافظات التي أصبحت مهيأة لتحسين الوضع العام فيها بعد دحر الانقلابيين ، الا أن الحاصل حالياً استمرار تأزم حياة مئات الآلاف من أبناء المحافظة، فالإعمال الإنسانية أصبحت متاحة فيها وتتواجد كثير من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، كما ان المساعدات الإنسانية تتدفق الى لحج بشكل دوري بواقع (15000) سلة غذائية في الشهر الواحد، وتوزع وفق (6) معايير حسب منظمة الغذاء العالميwfp، ومن هذه المعايير الأسر النازحة والمهمشة ومن تعولها إمرأة وأسرة يعولها رجل مسن والأسر التي يعاني أطفالها من سوء التغذية و أسر يعولها اطفال، الا أن المعاناة لم تخفف عن كاهل الأسر الفقيرة، وهذا يظهر حجم فشل العمل الاغاثي في محافظة لحج ودور المنظمات. الأستاذة/ لينا رئيس جمعية الدباء بلحج تصف الوضع الأسر الفقيرة بأنه صعب نتيجة استمرار الحرب في البلاد، ممازاد من حدة الغلاء المعيشي وارتفاع أسعار السلع، مع انعدام فرص العمل لأرباب الأسر والتي لا تملك قوت يومها، وإن توفر للبعض، عجز البعض الآخر في الحصول على عمل الا انتظار المساعدات الإغاثية. مع تزايد عدد الأسر الفقيرة في المحافظة واشتداد معاناتها، ينتج عنها انحراف لأفراد الأسر باتجاهات مختلفة السلوك، وتشير الأستاذة ليناء إلى أن أغلب الأسر بالمحافظة تزج بأطفالها إلى أماكن لا تتناسب مع أعمارهم وذلك للبحث عن عمل، وسلبيات كثيرة تطرأ الى الواقع بسبب الحاجة، وتؤكد أن احيانا لا توزع المساعدات الإنسانية في مكانها الصحيح، وتقول بعض الأسر تتناول وجبة واحدة في اليوم الواحد، وهذا يعبر عن مدى تدهور الوضع المعيشي لكثير من الأسر في لحج. اما الأستاذة/ بشرى حنش، تعمل في مجال التدريب والتأهيل، و تتحدث بقهر عميق من هول ماوصلت إليه بعض الأسر في محافظة لحج من فقر فاحش كما تصفه بشرى و خاصة في حارة قيصى التي تسكنها وأحياء أخرى مثل العدني وبلغيث وحارة مساوى، فالمعيشة في كنف لحج الخضيرة معاناة تتضاعف مع مرور الأيام، فمن لم يقترب من جحيم العيش في محافظة لحج سيجده بين كلمات الأستاذة/ بشرى حنش، حيث "تقول" أن إحدى الأسر المجاورة لها تعيش في جفاف معيشي تام فأغلب الأوقات لا تملك حتى فلس واحد وتعاني قهر الفقر المجحف بحق براءة الطفولة وحاجة رب الأسرة لعمل يكفل له بعض الريالات للتخفيف من حدة الفقر. وبحسرة غارقة بالاستياء تواصل رواية معاناة الأسرة التي لا يواسيها احد من أهالي الحي الذي تسكن فيه إضافة إلى تجاهل وجهاء المنطقة والجهات المعنية لحال هذه الأسرة ، مما أدى إلى عزوف أبناءها عن الحياة الطبيعية وتلقفتهم تنظيمات الموت المجهول. صعوبة العيش الذي تعاني منه كثير من الأسر، يضع السلطة المحلية بالمحافظة أمام كم هائل من المسؤولية الاجتماعية والتي يجب أن تجد لها حلول ممكنة للتخفيف من شظف العيش، عوامل كثيرة تساهم في إفقار بعض الأسر كما هو الحال عند إحدى أسر مدينة الحوطة والتي تتكون من 7 إناث و والدهن متوفي مما جعلهن بلا عائل، وسكنهن منزل ايجار وهددن من قبل صاحب المبنى بالطرد عدة مرات، و كل هذا لم يشفع لهن الحصول على بعض المساعدات الإغاثية، وهنا تساءلت بشرى حنش "ما الحل ؟؟؟". مقومات الإنتاج التي تملكها محافظة لحج لا تحظى به أي محافظة أخرى، فالزراعة من وسائل الإنتاج الذي تميزت به على مر التاريخ المحافظة، ومع ذلك نجد الفقر يطحن الكثير من الأسر في الحوطة وغيرها من المناطق والتي تعتبر منطقة تتمتع بأراضي خصبة تنتج انواع الفواكه والخضروات إضافة إلى الثروة الحيوانية، وهذا التناقض الغريب لم يستوعبه الكثير من مثقفي لحج الفل والفن، وتتمنى بشرى أن يتم إنشاء لجان بحث حالة الأسر المعدمة والتي لا تملك قوت يومها وتتعرض لشتات ودمار . الكثير من شباب لحج يعيشون في حالة بطالة رغم أنه بالإمكان استغلال مقومات كثيرة في أراضيها لخلق فرص عمل وبمساعدة السلطة المحلية بالمحافظة، "وترى" الاستاذه/ بشرى حنش، أنه بإمكان إقامة برامج ودورات تنموية تنمي قدرات الشباب والبحث عن بدائل لتحقيق دخل معيشي وإعالة أسرهم، وتضيف فالحاصل هو أن الشباب ينظم الى القاعدة ويصل ذلك إلى إعداد كبيرة، فواحد من الأحياء السكنية يوجد فيه 7 شباب في صفوف تنظيم القاعدة، بعد تمردهم عن أسرهم، ففي الآونة الأخيرة ظهرت الجريمة بشكل ملحوظ والتي تنفذ بواسطة الشباب والذين أصبح الكثير منهم في السجون ومعهم بعض الأبرياء الذين لا علاقة لهم بالإرهاب. حياة معيشية تنذر بكارثة إنسانية في محافظة تسيطر عليها قوات الحكومة الشرعية والتي يتقاضى وزرائها آلاف الدولارات شهريا، في الوقت نفسه تعاني عشرات آلاف الأسر من شبح الفقر، فأين تكمن المشكلة ؟، أم أن التمايز هو الحكم بين المسؤول و المواطن. * من مكين محمد