متوترٌ قلق. جحظت عيناهُ من قلة النوم والأرق. يبدو مثل أي أحدٍ هنا في (عدن) يدسُ أنفه في بركة السياسة الآسنة والقذرة.. وهو مثل أي أحد هنا أيضا لا يثق بالساسة ولا بالحكومة. يشكك في كل شيء.. كل شيء.. دائما سوء ظنه بالحكومة هو الراجح.. فعندما يتحول إلى محلل سياسي دائما ما يغلب على رأيه في الحكومة الجنوح إلى تحليلات وفرضيات بعيدة أقرب ما تكون إلى الخيال .. لا تستخلص من أعمال الحكومة ومشاريعها إلا الشر.. ولأشيء سوى الشر!.. ينفث سيجارته بشراهة وكأنها الأخيرة ربت النفس النيكوتيني الأخير الملفوظ مع قوله لي عندما سمعني وقد أشدتُ بالمشروع الحكومي الذي يهدف لتبليط الحي الذي نسكن فيه : - أتدرين ما هو غرض الحكومة الأساس من مشروع تبليط الحي ؟! قلت:- ما هو غرضها الأساس؟! قال لي هامسا:- غرضها الأساس من تبليط الحي. حتى لا يجدا الملثمان المستقلان الدراجة النارية صعوبة في الهرب والاختفاء بعد القتل!.. ضحكتُ وقلت مازحا : ألم يكن غرض الحكومة اضفاء مظهر حضاري للحي ولعدن!... لم يعر كلامي أدنى اهتمام و أكمل حديثه المريب بالقول : سيشهد حينا في القريب العاجل عمليات قتل وتصفية!.. سرت في جسدي ارتعاشه و قشعريرة من كلامه هذا .. وظللت أردد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..أعوذ بالله من الشيطان الرجيم... شعرت برغبة جامحة في تغيير الموضوع ..فرمتني الصدف إلى حدث الساعة ( حدث انقطاع الكهرباء عن عدن لمايزيد عن نصف يوم رابع أيام عيد الأضحى المبارك ) ، فجاء سؤالي عن سبب انقطاع الكهرباء لما يزيد عن نص يوم..بمايزيد الطين بلة ومرة أخرى هبت علي رياح حديثه الدخاني المريب هكذا :- كل الأسباب الفنية التي تعلل سبب انقطاع الكهرباء عن عدن يومنا هذا ..كلها كذب وافتراء وتشويش..؟ تعجبتُ وقلت :.. كيف يعني..؟! ما فهمت عليك ! ..ممكن توضح لي أكثر ؟ أيش تقصد بكلامك هذا ؟!. فأردف قائلا: يا أختي لا يوجد عطل فني في كهرباء عدن !..يوجد تعمد في قطع التيار الكهربائي مع سبق الإصرار والترصد الحكومي.. وتعمد قطع التيار بعد عيد الأضحى غرضه الأساس : إفساد ما تبقى من لحمة العيد المدخرة في ثلاجات المواطنين الغلابى!..مما قد يضطرهم إلى طبخ كل ما لديهم من لحم ( هذا إن وجدوه أصلا) وأكله دفعة واحدة حتى لا يفسد!. هكذا هي الحكومة دائما ما تسعى في عدن إلى تكدير فرح الناس والتنكيد عليهم!.. قلت - معقولة !..معقولة تكون الحكومة بهذه الخسة والدناءة؟! فقال:- أي نعم معقولة. ومعقولة ان تفعل أكثر من هذا كمان..!. انتهيت منه وأنا أردد: وقد وصل الكفر الشعبي بالحكومة إلى هذا الحد...لاحول ولاقوه إلا بالله. لاحول ولاقوه إلا بالله!.