عاشت المدينةعدن في معاناة شديدة قبل ثلاث سنوات، ليست بأقل من معاناة هذا اليوم، واجهت الجوع بكل جيوشه، والخوف بكل فيالقه، والرعب والقتل والاقتتال.. فلم تُبق دار مدرٍ ولا وبر إلا وانخرطت فيه. زادت الأمراض والأوبئة، وكثرت الاغتيالات، والإصابات، والفيروسات، والأوجاع.. وقلّت ذات اليد في هذه المدينة المنكسفة.. البائسة!. في هذا الظلام الحالك، والسواد العظيم المتتابع: أياد تعبث، وأيادٍ تبني..!. أبواب الخير ليست حكرا على أحد، لكن بالمقابل: لا يفتحها إلا الرجال، إلا النادرون، والقادة العظماء. يعطي الله الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، وإنما أهل المال صنفان: -صنف جعله في قلبه وهم الكثير، -وصنف جعله في يده، وهم أقل القليل.. وهم الذهب الخالص النادر الثمين..الذي لا يباع، ولا يستطاع. يُهيئُ الله سبحانه برحمته لهذه المجتمعات المُعدمة الفقيرة، عظماءَ نادرين، آتاهم الله العطاء، والسخاء، فينفقون على الفقير، ويعينون المعدم، ويداوون المريض. وبالمقابل: جعل الله في طريق الخير عقبات، وتنكّبات، ليبتلي عباده، فيصبرون، أو يكفرون. إذا كان الناس تحب أن يقال للمسيء أسأت، فإن الله يحب أن يقال للمحسن : أحسنت. الشيخ المبارك، والرجل الصالح غسان العيسي: رجل الخير والعطاء، مُعيل اليتامى، وكافل المساكين، رجل التواضع والحب والسلام، الرجل الحكيم، والقائد المحنك.. الشخصية الصالحة المستقيمة، والروح السمحة الرحيبة، الذي يحب فعل الخير، مهما كانن الظروف، ومهما بلغت الديون.. وهكذا رجل الخير العيسي، قبل أن يكون رجل الدولة. هو رجل العطاء والسخاء والبذل، الذي ينفق نفقة من لا يخشى الفقر، ولن يخشاه. من أين أبدأ، وكيف أبدأ؟ ثم كيف أنتهي؟! وقواميس اللغة ومعاجمها ومفرداتها وحروفها كلها -إن احتشدَتْ-عاجزةٌ أن تُسعفني بعبارة جامعة مانعة، توفي بحق هذا الرجل الكبير، في هذه الأسرة والنبتة المباركة. حين تطأ قدما كل مسافر إلى مصر تراب ذلك الوطن، إلا ورأيت اسم العيسي أمامك ماثلا، بالعلاج والصدقة والسكنى. وللهندِ قصةٌ وروايةٌ تتحدث عنه هناك!. المُعدمون من الصحة، والآيسون من الشفاء والبرء: عادت لهم الحياة تشرق من جديد، وبشكل غير متوقع!. مستشفيات عدن بها المآت من المرضى بمختلف أطيافهم ومحافظاتهم وانتماءاتهم وأشكالهم؛ رجالا،ونساء، كبارا وصغارا، من الشمال، ومن الجنوب.. جميعهم:يتلقّون العلاج على يد ذلك الرجل المعطاء، وتلك الروح الكبيرة السخية.. بملايين تنطح ملايين، وبتكاليف يعجز عنها الناس.. دون أن يسأل عنك من أنت، دون أن يعالجك بالوساطات..أياديهم تتحرك هنا وهناك، وأعينهم تراقب عن كثب أولئك المعوزين المحتاجين. للكرم رواية كبيرة، تقرؤها في بيتهم النديّ، وفي حديثهم الشجي، ثم في الجلوس معهم. من يبلغك أيها الفخم السيد؟! من يستطيع أن يبلغك؟! الشيخ أحمد صالح العيسي، وابن أخيه الشيخ غسان، فعلوا للناس ما لم تفعله دولة رغم الحاجة والعوزة.. لو كانت الصدقة كافية، فكيف بصدقة يعطيها قوم هم قمة في الأخلاق والنبل والتواضع والمكارم.؟ يصير الأمر نورا على نور.. والله متم نوره ولو كره الكافرون أما البخلاء والأعداء: فبعد أن عجزوا عن فعل الخير ببخلهم وشحة أنفسهم، حشدوا التهم، وجيّشوا المكائد، وافتعلوا الافتراءات، وجاهدوا بكل جهيد، وبكل كذب وافتراء وخبث وحقد وصغار.. ولكن: لن يستطيعوا أن يطفئوا ضوء الشمس، ولو كانوا يستطيعون، لفعلوا في ذلك الزمن الأول. ما كلامُ الأنام في الشمس إلا أنها الشمسُ ليس فيها كلامُ وهاهم اليوم يضعون عنوانا بارزا مفاده: "أن العيسي يمنع شركة سعودية من تزويد محطات الكهرباء" فكذبوا، وخططوا وفشلوا!. وما أقصر حبل الكذب والكذابين!. نفت وزارة الكهرباء هذه الدعوى، وعللت بتعليلات معقولة صحيحة. وانقشع الكذب، وانقلع الدجالون. في الأخير: للعيسي: إن كان اليوم يعد مناسبة عظيمة في حياة اليمنيين، بإيقاد شعلة القضاء على الإمامة، فالمناسبة عندي هنا، أهم صلة، أن أنتهزها لأهنيك بما تقدم، التهنئة لك ، عن كل اليمنيين، وكل الكادحين، وكل الجموع والحشود. فلا تقر هذه الأهمية عن أي أهمية كبرى.. (وكذلك أبناء الكبار كبارُ) سر وعين الله ترعاك، سر فلا كبا بك الفرس، تحوطك الدعوات الكثيرة، تحرسك فيالق وجيوش من القلوب والألسنة التي تلهج بكل صدق وإخلاص.. استمر... فلن يخيب الله لك صنيعك، لن ينسى الله ذلك المريض الذي عجز عن العافية واستسلم للموت، فأوصلته العافية بإذن الله. لن ينسى الله لك ذلك الفقير المعدم الذي أعنته، وبنى بيته، وستر نفسه وأهله وأكل وشرب. لن ينسى الله لك ذلك الأعزب الذي زوجته، فاستقر وأكرمته فانتعش.. لا تخف، فوالله لا خوف على الصالحين المنفقين.. ولو كان أعداؤهم كل أهل الأرض، فما بالك، وأعداؤك ليسوا إلا حاسدين أو محسوبين، أو جاهلين مكانك ومقامك. شكرا لكم الشيخ أحمد والشيخ غسان بحجم روح اليمن، بحجم عافيته المسلوبة التي تجاهدون في علاجها، بحجم كل قلم يكتب، وعين تطرف، وبعدد كل أذن تسمع ولو أن لي في كل مفرق شعرة لسانا يبث الشكر، كنت مقصرا *26/ سبتمبر/ 2018م* عدن