عندما اختار حزب الاصلاح... الشمس لتكون شعاره الرسمي .. فقد اراد منذ البداية .. لفت الانتباه الى شعاره المبتكر..الذي استوحى مفاهيمه من معاني الشمس الجميلة..!! لرسم صورة مستقبلية مشرقة عن الحزب ..وترسيخها في اذهان الراي العام ..والايحاء بانه لن يكون كبقية الاحزاب الاخرى..!! ولن يحذو حذوها .. او يصبح مثلها مطية او مظلة للظلم والظالمين ..او يكون تجمعا فئويا او نخبويا قبليا..كما يشاع عنه..!! على اعتبار..ان الشمس هي نقيض الظلام ..وهي رمز الاشراق و الضياء وانبلاج النور..وبزوغها.. ينبىء عن قدوم فجر جديد.. وبداية يوم اخر..يتجدد فيه الرجاء والامل ..بميلاد عهد مختلف ..اكثرتفائلا و اشراقا ... واقل ظلما وظلاما وفسادا وتخلفا من ذي قبل..!!!! لكن يبدو ان " شمس " الاصلاح الاصطناعية..!! صنعت بطريقة خاصة .!! لا تسمح لها بالشروق على ربوع الحزب ومضاربة ..!! وتمنع اشعتها الوهاجة ..من انارة دروبه الموحشة ..والنفاذ الى اروقة حصونه العالية ..وتبديد ظلامها الدامس.. !! والحيلولة دون تحويلها الى ماوى وملاذ امن لاساطين الفساد ولرموزه الاكثر ظلما وظلاما واستبدادا ونهبا للمال العام ..!!
خلاف انها كشفت مبكرا..عن الغايات والاهداف الخفية المراد تحقيقها.. من وراء تكوين حزب الاصلاح...في ان يصبح واجهة حزبية ..يتخفى خلفها التحالف القبلي والعسكري الحاكم ..ويضفي نوعا من الشرعية الدستورية والقانونية والاخلاقية... على وجودهم في السلطة..!! الممسكين بمفاصلها الهامة.. واذرعتها الضاربة.. منذ إقصاء المشير عبدالله السلال زعيم ثورة 26سبتمبر عام 63م عن الحكم ..والانقلاب عليه في عام 67م والى غاية اليوم...!!!
ومن اجل ذلك..تغافل صناع فكرة التاسيس عن تقديم مشروع وطني نهضوي متكامل ..وبرنامج عمل تفصيلي .. يوضح رؤية الحزب وتصوراته ..لمجمل مشاكل البلاد ..وماهية الخطط والحلول المقترحة.. للخروج منها..واكتفوا بالصياغة الروتينية المعتادة للمبادىء ,والثواب..وباقي العموميات ..واسنادها .. لاسس واحكام الشريعة الاسلامية...!! سعيا ..لدغدغة مشاعرالبسطاء من الناس.. واستغلال عواطفهم الدينية..والعزف على اوتارها ..من اجل..التغلغل في الاوساط الشعبية ..لجذب واستقطاب اكبر عدد منهم ..املا في تشكيل قاعدة جماهيرية عريضة تجعله رقما صعبا في المعادلة الجديدة ..وتضعه في مقدمة الاحزاب والقوى السياسية...وتثبت جدارته وقدرته على المنافسة بقوة ..في سباق الانتخابات البرلمانية..والفوز بالحصة الاكبر من المقاعد النيابية .. تمكنه وقت الحاجة من تعطيل اي قوانين او تشريعات ..قد تطال او تمس مصالح وامتيازات مؤسسيه ورعاته.. وهذه الوظيفة على وجه الخصوص..تاتي في مقدمة الاولويات الموكله اليه.. من بين عدة اموراخرى.. مطلوبه منه ..لعل من ابرزها .. مواجهة دعاة التغيير والحداثة .. ومحاربة القوى السياسية والحزبية.. المطالبة بانتشال اليمن من مستنقعات الفسادوالظلم والاستبداد واخراجه من حالة الفقر والتخلف والجهل المفروضة عليه قسرا.. وإلحاقه بالركب الحضاري المتطورسياسيا و علميا وثقافيا واقتصاديا...وهذا مايفتقده اليمن وبحاجة اليه.. اكثر من اي بلد اخر.. على وجه المعمورة...!!
وهنا لابد من الاعتراف بان ( المولود) الجديد قد قام بدوره على اكمل وجه ..وادى واجبات وظيفته بتميز واتقان..وابدع في تنفيذ المهام المنسدة الية...بشكل ادهش خصومه.. واذهل مؤسسيه ودفعهم الى مضاعفة الانفاق عليه..و تدعيمه ..من خلال نفوذهم الطاغي ..بكل امكانيات النجاح ومستلزمات التفوق وعوامل البقاءوالاستمرار.. في صلب المنافسة .. وتسخيرها في سبيل تحقيق امال وطموحات الرعاة والمؤسسين ..المتطلعين بشغف الى ما ينفي عنهم تهمة اغتصاب السلطة..ويصرف عنهم شبةالعداء التاريخي للحزبية..ويبرهن على انهم باتوا قوما..يؤمنون بالديمقراطية ويقبلون بنتائجها ..بعد ان اعدوا لها العدة ..ولم تعد تهدد وجودهم او نفوذهم بالزوال..!! بالاضافة الى حاجة الرعاة الماسة..الى احتضان شعبي ..وغطاء سياسي وقانوني..يحصن لهم النظام برمته ويؤمنه من اي محاولة للاختراق ..او المساس باسسه ومقوماته .. وان يكون بمثابة الحصن الحصين.. والدرع الواقي .. الذي يحمي ويضمن بقاءهم الابدي في السلطة..ويحول دون انتقالها سلميا الى قوى الحداثة والتغيير.. واحباط محاولاتهم الحثيثة والمستمرة ..الى احداث تغيير جذري و شامل ..يبدأ باسس النظام ...ويمتد الى بنيته الاساسية ..ويبلغ تركيبته القيادية والقبلية ..واعادة بناءه من جديد على اسس وطنية وعلمية ودستورية..تساهم في انتاج دولة مدنية حديثة ..تتكافىء فيها الفرص ..وينتهي في عهدها التمييز الجهوي والمناطقي والقبلي.. ويتساوى في ظل صرامة قوانينها وعدالة قضائها.. جميع المواطنين في الحقوق والواجبات..!!
ومن خلال الامكانيات المادية والمعنوية واللوجستية .. التي وضعت بتصرف الحزب ..استطاع الاصلاح ..ان يكًون قاعدة جماهيرية واسعة ..عمادها الراسخ ..المليشيات القبلية الموالية لمشائخ القبائل ورموزها .. ومحورها الاساسي .. وعقلها المفكر .. فرع( اخوان اليمن ) باعتبارهم حركة غير معترف بها رسميا..وهو ما اوحى بفكرة التاسيس..وساهم في تشجيع الرعاة على الشروع في تنفيذها.. طمعا في احتوائهم .. والاستفادة من قدراتهم التنظيمية الجيدة..واستثمارها .. في تسريع بناء الحزب ..وتمكينه من مزاولة نشاطه الحزبي ..في زمن قياسي قصير ...قبل الاستعانة بالعديد من كوادرهم المؤهلة علميا وسياسيا..وزرعها في مختلف اجهزة الدولة الامنية والعسكرية والتعليمية ..حتى امسوا يسيطرون على معظم مرافقها بصورة شبه كاملة ..خصوصا المؤسسات العلمية والتعليمية على وجه الخصوص ..وهو ما اغراهم .. وفتح شهيتهم ..وجعلهم يندفعون نحو توطيد العلاقات التحالفية مع القبيلة والعسكر.. الى حد اصبحوا فيه.. جزء لايتجزى من هذا التحالف..!! لا بل..اضحوا راس حربته.. وسلاحه الامضى والافعل ..لاسكات الخصوم والمعارضين....!!
وهذا ما يفسر..التمترس الدائم لحزب الاصلاح ..في خندق القوى القبلية التقليدية..وجناحها العسكري المحافظ ..!! ويؤكد على انه صنيعة لقوى الفساد والتخلف ..واداة طيعة يحركها المؤسسون كيفما شاؤوا..وحينما يشاءون..بدليل ماحدث مؤخرا اثناء انشقاق النظام القبلي الحاكم الى فريقين !! فعندما تبين عدم قدرة اي فريق على حسم المعركة لصالحه..استنجد الفريق الراعي للاصلاح بصنيعته ..وتم تكليفه بتفجير ثورة شعبية ( موضعية) هدفها اسقاط راس النظام فقط .!! مااستدعى من الحزب استنفار جماهيره ..وتحريضهم على احتلال الساحات والميادين في عواصم المحافظات والايعاز لعلماء الدين من اعضاءه .. ولجوقة مطبخه الاعلامي ..واوصاهم بتاليب الناس عليه .. واستغلال احتقان الشارع..وتاجيج مشاعرهم وغضبهم .. من سؤ الاوضاع ..وتحميل مسؤلية انحدارها للفريق الخصم منفردا... متجاهلين ان كل ما قيل من نعوت.. وكل ما سيق من اتهامات ..ضد نصفهم الاخر ..!! يصيب فريقهم في الصميم ..ويسري عليه حكما بالتساوي ..باعتباره كان شريكا اصيلا في كل مراحل الحكم السابقة ..ومشاركا فاعلا في اعلى هرم تركيبته القيادية..!! ومع ذلك لم تتوقف الاحتجاجات والاعتصامات الجماهيرية.. إلا عندما استجاب ( رئيس) الفريق ..!! للضغوط الشعبية والخارجية ..واعلن اعتزاله النهائي ..وعلى ايقاع هذا الانجاز اليتيم الذي اكتفى الاصلاحيون بتحقيقه..انتهت مسرحية الثورة.. واسدل الستار على فصلها الاخير..معلنا انتصاره وبقاء النظام القبلي قائما وبكامل عافيته ..ولم يطاله اي تغييرلا في الشكل ولا في المضمون..!! لكن الامر المثير للسخرية ..هو الموافقة على تكريم المعتزل ومنحه حصانه ابدية من المسائلة القانونية .. بالرغم من المفاسد والجرائم المرتكبه خلال فترة حكمه..مع ان هذا يناقض الوعود والتعهدات.. التي اطلقها ثواره بعدم مغادرة الساحات ..قبل تطهير النظام ومحاكمة الفاسدين..!!فلماذا سكت الثوار..عن نقض عهودهم وذهابها ادراج الرياح ..!! وهل يعلم الاصلاح ان الموافقة على الحصانه.. وسكوته عن الكلام المباح الذي كان يتغنى به في الليالي الملاح ..قبل انتصاره وانفرادهبالسلطة.. قد كشف لمن كان اعمى البصر والبصيرة ..عن وجهه الحقيقي.. وعن زيف شعاراته البراقة..وان تلبسه بلبوس الدين والعفة.. ليس سوى لبوسا خادعا.. البسه اياه اعتى رموز الفساد واساطينه.. لتضليل الشعب اليمني وتخديره ..وتغييب وعيه ..وافقادة الاحساس والشعور بمكامن علله وامراضه المزمنة..لكي لايصل الى اوكارالمتسببين في معاناته الازلية..ولايعرف هوية وحقيقة من يقف خلف تردي الاوضاع ..في بلاده وانحدارها ..وبلوغها حدا .. جعل اليمن ارضا وانسانا .. يتذيل قائمة الدول الاكثر فسادا وفقرا وتخلفا على مستوى العالم اجمع..؟؟؟