الحل للحرب اليمنية ليست باستمرارها. بل بالقضاء على الدولة الإرهابية العميقة. نعلم بان الدولة العميقة هي دولة بداخل الدولة أي أنها تعطل الدولة الوطنية وتسقطها لصالح مراكز نفوذ غير وطنية. وذلك بإنشاء ودعم اتحاد مراكز قوى تتحكم بمفاصل الدولة ومؤسساتها وتعرقل أي توجه وطني لهذه المؤسسات. وفي الحالة اليمنية تتكون مراكز القوى او النفوذ من اتحاد (عسكري-قبلي-ديني) فلماذا نتجاهل الحقيقة المرة والتي تؤكد بان من يحكمنا في الجنوب وفي الشمال هي أدوات الدولة الإرهابية العميقة. والعميلة التي يتحكم بها ويديرها نافذو مركز الهضبة الزيدية المقدس في شمال الشمال اليمني. هذه الدولة العميقة في صنعاء أنشئت لتخدم المعسكر الغربي بقيادة أمريكا في الحرب الباردة أواخر السبعينيات وتحافظ على مصالح وكيانات ممالك وسلطنات الدول الخليجية أمام الهجمة الاشتراكية ولن تستمر وتعيش الا بوجود الإرهاب ورعاته. ولن يتواجد الإرهاب إلا بتعطيل مؤسسات الدولة الوطنية وأهمها مؤسستي الجيش والأمن الوطنيتين. يكذبون حين يقولون إن الحوثيين انقلبوا على الدولة في 2014م. والحقيقة إن أدوات الدولة العميقة وقادتها وادعميهم موجودين منذ انقلابهم على ثورة سبتمبر 62م وعلى الرئيس الشهيد الحمدي في الشمال، وما حكام صنعاء الجدد إلا شكل متجدد من أشكال الدولة العميقة في الشمال. فكل أدوات ومسارات ومظاهر وأفعال الدولة العميقة لازالت هي من تحكم وتعبث سوأ في صنعاء أو في الشرعية. وكل تأثير وأفعال هذه الدولة لازال كما هو بل وبدرجة أقوى في الجنوب منذ الوحدة المغدور بها حتى اللحظة. فحرب الإبادة بالاغتيالات وقطع المعاشات ونشر المخدرات بين صفوف المجتمع الجنوبي ليتم الإيقاع به في مستنقع الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة وحرب الخدمات لتركيع أبناء الجنوب لتمرير واغتصاب قرارهم السياسي. وإحياء الثارات لأحداث أقسى ضرر بالنسيج المجتمعي والقبلي الجنوبي وتعطيل المؤسسات الوطنية لإنهاء مفهوم الدولة الحامية والراعية للمجتمع لصالح دعم الجمعيات والمنظمات أكانت مدنية او إرهابية عسكرية الموالية للسيطرة على المجتمع الجنوبي. كل تلك الحروب القذرة متزامنة مع نشر سياسة تجهيل الأجيال والفقر والإقصاء والتهميش واكتظاظ مدن الجنوب بنازحي الشمال لمحاولة التغيير الديموغرافي. فلا تستغرب عندما يتم اغتيال ضباط وقادة جنوبيين أنقذوا الملايين في الجنوب والشمال من خطر المخدرات والإرهاب والاغتيالات. ولا تجد كلمة عزاء أو رثاء في إعلام الشرعية. بينما رعاة الإرهاب ومروجي المخدرات وتجار الدين المكفرين يطاردهم الإعلام بالتطبيل والمديح ويكرموا ويحكموا ويتم تامين حياتهم وحياة أسرهم وحياة قادة عصاباتهم ويعيشوا في بذخ. هذا هو حالنا في الشمال والجنوب يغتال ضابط شرطة مكافحة المخدرات ولأيتم القبض على الجناة. ويكرموا رعاة الإرهاب ويتقلدوا أعلى المناصب من نائب رئيس الجمهورية الى وزراء وسفراء ووكلاء ومدراء عموم وغيرها في الشرعية. لا تستغرب عندما يموت من الجوع المعلم والرياضي والمبدع والفنان الذين اسعدوا قلوب الملايين. ويكرموا ويعيشوا في بذخ المجرمين والمكفرين الذين أفتوا بقتل الملايين. لان نظام حكم الدولة العميقة يرعى الإرهاب والارهابيين ويقصي الإبداع والمبدعين. لا تستغرب عندما يكون المنفذ للجريمة جنوبي في شارعه او بيته او حتى في أهله أو شمالي أيضا في نفس بيئته لان سياسة الترهيب والترغيب تمارس من قبل قادة هذه الدولة الإرهابية العميقة. هذا هو حالنا في الشمال والجنوب لان الدولة الإرهابية العميقة لازالت تحكم في الشمال وتسيطر على قرارات الشرعية من خلال نفس قادة ونافذو أحزاب الشمال الذين ينتموا في معظمهم للمركز المقدس للهضبة الزيدية. وهم أنفسهم من أسس وقاد ولازال هذه الدولة العميقة. لا تستغرب حين يباد الشعب الجنوبي بوجود رعاية قادة وقوات دول التحالف العربي. لان أهم دولتين تقود التحالف كانتا من أسس ودعم وشكل هذه الدولة العميقة منذ الستينيات ولازالتا تعطيان لقادة وأعضاء هذه الدولة العميقة من مشايخ وعسكر ورجال الدين المعاشات والهبات والحماية والرعاية منذ الإنشاء حتى اللحظة. ما يجعلنا في الجنوب متفائلين إن الدولة العميقة دائما ما تأكل أدواتها. ففي الحرب الأخيرة في 2014م شاهدنا خذلان وخيانة وغدر قادة هذه الدولة الإرهابية العميقة لدول التحالف العربي والأمة العربية. ولا زلنا نشاهد التنسيق بين قادتها المتمردين الحوثيين في صنعاء وقادتها الهاربين في حكومات الشرعية في الرياض ومأرب لإفشال حرب التحالف العربي والأمة العربية على مخططات إيران وأعداء العرب. فهل ستتغير العلاقة ويتم التخلص من هذه الدولة العميقة وقادتها وأدواتها لصالح المساعدة في بناء دولتين وطنيتين في الجنوب والشمال. (صنعاء يا بلقيس مدينة / تنتشر فيها مقاصل الموت والخطر / إن الصمت يجعل من كل الصامتين إناث .. والقاتل ذكر/ إن السكوت يجعل من كل الساكتين طغاة ..والقاتل منتصر/ قولوا لكل شيخ طاغي ينتظر/ القصاص نافذ وان مد أياما آخر/ القصاص قادم إن طال الزمن او قصر/ وقولوا للملايين الصامتة / لن يصبح لسان الحق حجر/ قولوا لهم إن مشيختهم زريبة تملى بالبعر/ وان عصبة الطغيان لابد تندحر/ قولوا للملايين الصامتة / إن تأخذ من الماضي عبر/ إن لم يصرخوا الآن / فالقيد في الأرجل لن ينكسر )