ما كنا على موعد لتقبل الصدمة ابدا لكن هي ارادة الله ولاراد لها..فله ماوهب وله ما اعطى.. كنت شخصيا اشعر بمعانات رفيقي واخي وحبيبي د.صالح باصرة من خلال معايشتي له مذ كان نائبا لمدير الدائرة السياسية بوزارة التربية والتعليم سنة 1976م، مرورا بحياته العلمية والعملية حتى دعوته لي للعمل في مركز الرشيد والمنتدى كغيري من الهامات والقامات العلمية والاكاديمية والسياسية..وكنت اشفق على رفيقي من جهد مضاعف يبذله وعلى حساب صحته ولم يكن يقبل من يثنيه لأنه وهب نفسه لهدف واحد ودفع حياته ثمنا له هو العلم وجعله المسار الاسمى لتقدم وتطور الناس والوطن على السواء وهو المؤرخ والسياسي والاكاديمي البسيط في شكله وتعامله..الكبير في مسلكه واخلاقه وعلمه المتفرد دون سواه.. كنت ارافقه احيانا الى منتديات عدنية لنقل بعض مايقوله فيها لوسائل الاعلام وكنت الاحظ الارهاق باديا عليه لكنه كان يصر على الا يخذل محبيه وحتى معارضي افكاره..لانه كان من الاقناع الذي يجعل معارضيه في صف المحبين والمتمسكين به ولمداومين على حضور وسماع محاضراته ولقاءاته المفيدة.. كان الاخ والصديق صالح باصرة قبل ان يصبح دكتورا..كان معنا وخاصة انا والاخ الاعلامي الرياضي والتربوي البارز عوض بامدهف ..كان ثالثنا في الوظيفة واولنا في الاخلاق والتعامل الراقي..وعشنا اجمل ايام العمر والعمل ولن ننساها ما عشنا وما دامت صورته في عقولنا وقلوبنا.. اتذكر في معمعة نضال الحراك السلمي الجنوبي ان كان يرهق نفسه لجمع الفرقاء في منتداه وكان يقسو عليهم احيانا ويوبخهم بصورة محببة فيها الغمز واللمز والابتسامة المميزة ليثني البعض من عنفوانهم المدمر..وكانت صراحته تسبب له مضاعفات صحية ومهاجمة كلامية من البعض لكنه كان يمتصها بحكمة وروية ولن اخفي سرا ان كان بعض مخالفيه يطلبون بتودد ان يحضروا المنتدى وفعاليات المركز لأمرين..اما للسماع والتثقيف او للادلاء باراء تكون احيانا قفزا على الواقع وناقدة للدكتور الذي كان القلة يصفه باوصاف منفرة لاسباب شخصية او سياسة مكايدة في الاغلب..وهو ما جعل الرجل محط أنظار واهتمام الجميع..من راس الدولة الى المواطن العادي.. كان الرفيق الحبيب صالح اسما على مسمى وتجلت مواقفه في اتخاذ مبدا الحياد وترك السلطة واغرائها وتفرغ للعمل الوطني التاريخي والبحثي والثقافي الفني لاظهار الموروث اليمني في كافة مناطق الوطن..وتميز بامميته المنتمية لليمن ولم ينزع الى حضرمية المولد او عدنية المنشأ.. ابدا..رغم ان روحه المرحة كانت تقفز احيانا الى المزح والتنكيت في هكذا مجالات من باب الترويح عن النفس وتقريب النفوس بحبية لا مثيل لها.. لقد اخذ منه توجهه الاخير في انشاء واشهار مركز الرشيد ومكتبته وفتح دورات تخصصية في مجالات عدة ،صحته وضاعف من مرضه في سبيل ان يوجد وقفا عاما للعلم والبحث يكون هو مايستند اليه في المواقف الوطنية والسياسية ويكون هو ما اكتسبه في حياته وادخره للناس والمجتمع وهي ماثرة سيسجلها التاريخ له وفقا لما رسم واتقن رحمة الله عليه.. في هذه العجالة تتزاحم الافكار لتدوين الذكريات وتعترضها الام الحزن والفراق المفاجئ لانسان عرفناه وعشنا معه مرحلة الشباب والعمل والتقينا في نهاية رحلة العمر القصيرة لتتويج هذا السفر الخالد في تو افقية زمنية فريدة كان صانعها وفارسها الخالد (ابو شادي) ..اخي ورفيقي وسندي الاوحد د.صالح علي باصرة طيب الله مثواه الذي صادف فعاليات الاحتفاء بذكرى مولد نبي الامة ورسول الله محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه..وهل اعظم من خاتمة حياة ،الا هذه الخاتمة لرجل احببناه واحبنا ،حتى الثمالة. رحمة عليك ايها الرجل الكبير بكل ماتعنيه الكلمة من معان..وستظل في العقول والقلوب كما كنت في المحافل العلمية والاكاديمية والانسانية..يااغلى الرجال.. والى ان نلتقي معا في الدار الاخرة.. تكون الرحلة بعدك مقفرة..الا من ذكرى نعلل بها النفس..ايها الراحل الحبيب.
(د.صالح علي عمر باصرة من مواليد 8يناير1952م.المكلاحضرموت..رحمة الله عليه).