لعل من الممكن ألان ان نواجه أنفسنا، ونعيد تقيم واقعنا، و ترتيب أوراقنا، ونعيد السؤال نفسه في كل مرة لماذا اخفقنا؟ ولماذا فشلنا؟ ولماذا لم نحقق طموح الشعب و تحقيق بناء دولة مستقرة خلال مسيرة خمسون عام منذ الاستقلال.. !!! منذو فجر الاستقلال، واجهة الدولة الجديدة، الكثير من المصاعب و الانتكاسات والأزمات والصراع الدامي على السلطة...! قد يكون الوعي والإدراك قد تغير الآن.. وأن باستطاعتنا الان ان نقيم التجربة او المرحلة وفق مفهومنا المعاصر للمستقبل القادم وبناء ألدوله ألحديثه.. ان إشكالية الماضي ومفهومنا للمستقبل جأت من التسلط الفكري و تداعيات رفض الآخر ورفض الاختلاف والتوجه المغاير للفكر ألآحادي او الراديكالية المتطرفة. ولو قيمنا الأمر الآن منذ بداية الاستقلال لوجدنا أن إقصاء الآخر او الشريك كان ملازم في كل مرحلة من المراحل بناء الدولة بل ان القمع الثوري و الهمجية في القتل والتخوين لشركاء العمل الثوري جئت من تضليل الفكر الثوري الواحد للنظرية البلشفية. أن إقصاء جبهة التحرير من الجنوب وهو الجناح الليبرالي و الشريك في الثورة والاستقلال بقيادة مكاوى والاصنج وباسندوه وقادة من الجيش والأمن في فجر إعلان الاستقلال لم يقف الأمر عند ذلك بل جأت انقلابات أخرى داخل قيادة التنظيم السياسي للجبهة القومية وتم إزاحة قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف ومحمد علي هيثم وقيادات أخرى في الجيش والأمن من مؤسسي العمل الثوري و التنظيم السياسي وهكذا استمر الأمر أن الاختلاف في الرأي صعد أوجه الخلاف حتى في إطار الحزب الواحد وهي الساديه الثورية ونشوء حرب اهليه وما حدث في يناير خير دليل... ان مشكلة الثورة والثوار في عالمنا العربي هي الاستحواذ على السلطة وليس الانتماء للوطن وتقديم السلطة للشعب و الأفضلية للحكم في إطار الحرية والشكل الديمقراطي. ان التفسير الطفيلي وشعار المكسب والغنيمة وقبول الثمن من السلطة والحكم وليس لاجل الوطن او ولأجل الشعب إنما لأجل الذاتية الفكرية وفرض الحكم بقوة الحديد والنار وأن الشعارات الرنانة والكلام والخطب الجماهيرية هي شعارات مغايرة للواقع ولم تلامس حياة الشعب لأن من استولوا على السلطة لم يؤسس نظام مؤسسي وحكم رشيد ويختار الشعب من يمثله وإعادة العملية الانتخابية ونترك الشعب يختار ان الحرية في التعبير ومقاضاة الناس على الرأي اخفت الشفافية والتداول السلمي للسلطة ولهذا خلقنا صراع دموي في كل مرحلة من مراحل بناء الدولة وظللنا الطريق إلى المستقبل وفي كل مرة لم نستوعب الدرس بل نزرع الشوك في طريقنا و إمامنا ان كل إعمالنا الحاضرة لايمكن ان تخلق لنا مستقبل زاهر في ظل العزلة الدولية والفترة السلطوية الحاكمة آنذاك دون التخلص اول من أرث الماضي والحرس القديم الذي لا زال قابض على مفاصل السلطة داخل ألدوله ... ولعل ماحدث في مؤتمر الحوار الوطني كانت تجربة وثورة شبابيه وثورة جديدة لأجيال جديدة كان من ممكن لها أن تنجح لو تم عزل الستار الحديدي للسلطة الشرعية قبل الحوار ولكن سلمت الثورة إلى ايد غير أمينه والتدخل المباشر من السلطة الذي غير مجرى الحوار و مخرجات الحوار إلى برنامج او قوانين ولوائح حكم محلي واسع الصلاحية وتلك إشكالية الحرس القديم فوض نفسه ممثل عن الشعب وعن المتحاورين ولم يترك لعبة الخيار للشعب وتلك إشكاليه قائمه إلى الآن ان وجود الستار الحديدي من الحرس القديم وبشرعية فرض الأمر الواقع يستعصي الخروج من ألازمه والخروج إلى واقع مغاير وجديد ان مفهوم الماضي يظل سائد في كل مرحله من مراحل مفهوم بناء ألدوله وبناء المستقبل لا يمكن أن يتم دون الخلاص من مفهوم الماضي للستار الحديدي (الحرس القديم ) .