مرت سنة و لازال الشعور يراود الكثيرين منا بأننا سنصادفه يجلس على كرسيه الذي يبعد مسافة خمسة أمتار بجانب العمود أمام المنبر.. ذلكم هو الشيخ عادل! النسمة الخفيفة الطيبة التي كأنت تهب بنعومة لتلفح قلوبنا جميعاً... الشيخ عادل البدر الذي أخفته سحب ركامية سوداء في فجر حزين كأد من الحزن أن يبكي دما.. الشيخ عادل صديق هذا و حبيب ذاك و أخ هولاء و معلم أولئك و أب هذا و مربي هذا.. الشيخ عادل الفضيلة المتحركة و الخير النشط الذي يقذف خيره و حبه و نصحه من فوهة قلبه الذي لم يكن ليسكن إلا للنوم.. الشيخ عادل الإبتسامة الطيبة التي لم تختفي إلا في ذلك الفجر الحزين حينما سُمِعَ أنينه الخافت في الجوار و رغم الألم لم يصرخ بشدة وكأنه لم يشاء أن تنتهي حياته و قد أزعج أحد من الجيران و سبب له الذعر.. بذأت الوجه الملائكي الطيب الذي عاش بيننا و مع كل ذلك التعامل السامي و الأخلاق العالية التي كأن يتبادلها معنا و بكل تلك الطيبة التي كأنت تحيط به كهالة تشع حوله مع كل ذلك رحل يحمل معه حسناتها أثقالا في ميزانه بإذن الله،، قبل عام تقريباً و في فجر دامي و شديد الحزن، كنت في وداعه و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة... مغدورا سقط، ثم بكل لطف مضرجا بدمائه التي بدأت واضحة على قميصه الأبيض توسد الأرض، و من تحته إرتوت الحبيبة عدن من دمه الطاهر.. تشربته في إندماج أبدي يمتزج بدماء الأبرياء ممن إرتقوا قبله.. حملناه إلى المقعد الخلفي لسيارة هبت لإسعافة و كل جوارحنا تتضرع إلى الله أن يعيده إلينا سالما و لكن لله حكمة لاتفهمها مخلوقاته و عليها أن تسلم و تشكر.. لا أدري من كأن بجانبي لحظات إسعافه فقد كانت عيوني لاتبصر إلا إياه و بقايا الروح التي لازالت حينها لم تغادره ثم سكن جسده أما روحه الطاهرة رجعت إلى ربها بإذنه تعالى مطمئنة راضية مرضية.. غادرنا مبكرا و نحن في أشد الحاجة لأمثاله و لكن اللهم لا إعتراض ولك كل الحمد على ماقضيت.. ذرفنا الدموع الصادقة الحارة و كأننا لم نفقد حبيبا قبله.. بكينا بألم و كأننا لم نكن نعرف الحزن قبله..إنتحبنا كالأطفال و كأننا كنا ننعم في سعادة ليس فيها حزن حتى فجعنا به، أحببناه و كأن يستحق كل حبنا..إحترمناه و كأن جديرا بذلك..قصدناه و لم يكن ليردنا..أفادنا بعلمه و حكمته أعجز...لم أعد أستطع أن أبلغ في الكتابة لإنصافه و لو حتى بجزء مما أكنه له في قلبي.. لقد إفتقدتك يا أخي و حبيبي و معلمي و شيخي و صديقي و لكن اللهم لا إعتراض الله يرحمك إيها الشيخ الذي لم يكذب من سماءك عادل نبيل محمد العمودي