خير دليل على أنّ القوات الأمريكية الموجودة في سورية- التي يعتزم الرئيس الأمريكي ترامب سحبها لأسباب مالية - هي في خدمة أمن إسرائيل بدرجة أساسية، هو حالة الهلع التي أصابت تل أبيب وحكومتها –وللأسف بعض الأنظمة العربية-، والجهود التي تبذلها إسرائيل لإفشال ذلك القرار الذي سيعني تنفيذه- وفقا للزعم الإسرائيلي- خدمة لإيران وتهديدا للأمن القومي الإسرائيلي وليس خدمة للجماعات الإرهابية التي من المفترض أن تلك القوات أتت لمحاربتها... فحكاية محاربة الإرهاب ليست أكثر من غطاء لذلك الوجود العسكري الذي ساهم بإطالة عُمر تلك الجماعات و أوجدت لها الملاذات الآمنة بل وأمدها بكثير من الأسلحة بطريقة مباشرة وغير مباشرة ،وعمل على نقل عدد من قياداتها الى أماكن آمنة من ضربات الجيش السوري والروسي وحلفائهما- بحسب تقارير غربية- ... فأليس من الغريب بالأمر أن تكون معظم دول المنطقة- وبالذات الدول المحيطة بسورية- تخشى من أن يمتد الى داخلها شرر نيران الإرهاب وتتسلل الى أراضيها تلك الجماعات إلّا اسرائيل وحدة التي لا تبدي أية مخاوف حيالها ؟..إسرائيل التي تقف تلك الجماعات على تخوم حدودها ،ووصلت الى مرمى حجر من أراضيها -أو بالأحرى الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل دون أن تهتز لها شعر من خوف أو قلق أمني وهي الدولة البوليسية المسكونة بالهاجس الأمني حتى الجنون. ولكن لماذا ستخشى اسرائيل من هذه الجماعات وهي تحارب ألد أعداء ها " سورية وحلفائها من حزب الله اللبناني والإيرانيين في سورية"؟ ثم أليس اسرائيل هي من احتضنت قطاعا واسعا من تلك الجماعات وأمدّتها بشتى أنواع الدعم العسكري والاستخباراتي بل فتحت مشافيها لجرحى تلك الجماعات ومنها داعش "النُصرة" وتحرير الشام وغيرها من الجماعات الإرهابية؟. ولِمَ تُصاب تل أبيب وحاكمها المضطرب بنيامين نيتنياهو بحالة من الرعب والخيبة كلما تعرضت تلك الجماعات للهزائم؟ ...فلم يسمع العالم تصريحا واحدا لإسرائيل يتخوف فيه من تمدد هذه الجماعات الى داخل أراضيها ولم تطلق صاروخا واحدا أو تقوم بغارة جوية واحدة ضد أي هدف لداعش أو أي جماعة إرهابية أخرى كما تفعل ضد الجيش السوري والقوات المساندة له.. وبالمقابل لم يسمع العالم بيانا واحدا لهذه الجماعات تتوعد فيه الدولة التي تحتل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بالويل الوثبور كما تفعل مع غيرها, ولم تصدر تلك الجماعات -على تعدد مسمياتها وتوحش خطابها التدميري ودموية أعمالها المروعة - تصريحا أو بيانا للنفير صوب القدس الشريف وتحرير أرضي المسلمين الواقعة تحت اسرائيل الصهيونية بدلاً من تحرير بلاد المسلمين من المسلمين, وتحرير سورية من السوريين أو العراق من العراقيين ولبنان من اللبنانيين. فهل يحتاج العالم الى أدلِّة دامغة أكثر من هذه الأدلة ليقتنع فيها أن هذه الجماعات هي صنيعة إسرائيل، وتوأمها السيامي المخصّب بهيجين: أمريكي خليجي.. وتقوم " الجماعات الإرهابية" بخدمة اسرائيل السياسية والعسكرية والتوسعية بدعم خليجي هائل لتقويض وإسقاط الأنظمة المقاومِة للاحتلال بالمنطقة؟... وهل يحتاج هذه العالم براهين أكثر نصوعا هذه لتؤكد له أن هذه الجماعات هي في رعاية اسرائيل وأمريكا وتتحرك تحت مظلتها وتنفذ أجندتهما أمريكية إسرائيلية، مظلة تم نجسها بمصانع أنظمة عربية خليجية لدواعٍ توسعية وطائفية وإنفاذا لأوامر حكام البيت البيضاوي منذ نهاية سبعينات القرن الفارط ,منذ أن ارتدَتْ تلك الأنظمة جلابيب فضفاضة أكبر من أحجامها الرخوة وجعلت من نفسها جسر عبور أمريكي باتجاه الشرق، وتوجهت أخر ما توجهت صوب بلاد الشام (تتهاوش)) فيها - بحسب تعبير أحد قادة الخليج -.وتدمّر فيها البشر والحجر والشجر بواسطة مخالبها وأنيابها الناشبة تلك.