سواء تم أو سيتم انسحاب الحوثيين من الحديدة من طرف واحد حتى الآن فإن الطرف الحكومي سيظل متمسكا بمواقعه ولن ينسحب منها, ومع ذلك لم يصدر أي تحفظ أو رفض من قبل الحوثيين على تنفيذهم للاتفاق ألذي أرغمهم على فعل ذلك ولا ندم على خسارتهم لمواقع كانوا يسيطرون عليها في الحديدة وموانئها الثلاث في مقابل احتفاظ قوات الحكومة الشرعية بمواقعها. أين الضرر في ذلك لو حدث فعلا كما يتم التصريح به على أعلى المستويات الدولية حتى نجد الحكومة تسارع في إصدار حكمها على العملية بأنها كاذبة؟ وتقدم على رفض ما أسمته إعادة الانتشار من طرف واحد بل تمادت واتهمت المبعوث الأممي مارتن جريفث مؤخرا بالانحياز لطرف دون آخر في إشارة إلى الحوثيين, بل سعت إلى أبعد من ذلك وراحت تطالب بوقف التعامل معه وكأنها ترجو من الأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي تغييره بمبعوث رابع وتصفير العداد ويظل الجميع يدورون حول حلقة مفرغة اسمها الأزمة اليمنية. كلما وجدوا حلا أو اقتربوا منه أعادها اليمنيون إلى نقطة بدايتها من جديد. لماذا؟ هل هي لعبة شد الحبل بين الحكومة الشرعية والحوثيين؟! لاشك الانسحاب وإعادة الانتشار من طرف واحد دون أن تسحب الحكومة الشرعية قواتها المتقدمة من مكانها هو مكسب استراتيجي يصب لمصلحتها أكثر ولا يرفضه إلا من أصابته لوثة إلا إذا كانت الحكومة غائبة عمليا عن الحديدة ليس لها ولا لقواتها وجود, وهي إنما تزعم إن لم تكن تحلم أحلام اليقظة أن بيدها قرار الانسحاب وإعادة انتشار اكتشف العالم أنها في سبات عميق. وخاصة أن الحكومة الشرعية لم تبين للمبعوث الأممي ولا لمجلس الأمن الدولي نوعية قواتها الموجودة في الحديدة وتتبع أي المحاور وتخضع لأي منطقة من المناطق العسكرية الأولى أم الرابعة أو أي واحدة منها. واتفاق استكهولم هو بين الحكومة الشرعية والحوثيين طرفان يجب أن يكون لهما القوة والنفوذ في تنافسهما ولا للتحالف العربي الذي مهمته عسكرية وإنسانية أي قرار ولا حتى رأي أو وجهة نظر في الاتفاق الذي تم الوصول له بين الطرفين برعاية وإشراف دوليان. فإثارة الحملة سواء كانت إعلامية أو سياسية ضد المبعوث الأممي من قبل الحكومة الشرعية إنما هي ردة فعل على موافقته إشراك الجنوبيين في المفاوضات المقبلة كطرف رئيسي لحل الأزمة اليمنية, وقبول المجتمع الدولي بالمجلس الانتقالي الجنوبي ممثلا وحاملا لقضية الجنوب والذي يتعين لكل القوى السياسية والمكونات الجنوبية الالتفاف حوله ليتمكن من انتخاب المفاوضين. إذن السبب الفعلي لغليان الحكومة الشرعية على المبعوث الأممي هو تمكين الجنوبيين لأنفسهم على أرض الواقع وفي أي مفاوضات لحل الأزمة اليمنية حلا جذريا دائما بعده يحل الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة برمتها. لا يهمهم إن انسحب الحوثيون أو أعادوا الانتشار من طرف واحد والقوات الجنوبية لن تنسحب ولن تعيد الانتشار إلا بعد مفاوضات يشترك فيها الطرف الجنوبي ويتم فيه عقد اتفاقات مع الطرفين اليمنيين الشرعي واللا شرعي حتى وإن كانا لا يرعيان العهود والاتفاقات فإن القرار بيد قادة الجنوب السياسيين مع الحفاظ على قوتنا ومصادرها.