لم أتوقع بتاتاً أن يظهر الموسم السادس من البرنامج اليوتيوبي الشهير محلياً ( حضرم تون ) وهو يحمل الكثير من المضامين والإيحاءات الجنسية التي أقل ما يقال عنها أنها مصطلحات سوقية من المعيب أن تُشاع في مجتمعنا الحضرمي المحافظ. من المستغرب أن نرى أحد المجانين الذي يردد باستمرار كلمة ( يلعبّك ) وربما دعاه الآخرون بهذا الاسم الذي يثير الاشمئزاز في النفوس، قد يتعذّر البعض ببراءة الكلمة لكن نغمة نطقها إيقاعها يوحي بمضمونها السوقي، والكل يعرف ذلك. كذلك حلقة ( التيس العريق ) يمكن أن ندعوها بالحلقة المخجلة، فالشخص يمكن له أن يشاهد الحلقة بمفرده، لكن تأخذه مشاعر الحياء والخجل إن كان يشاهدها برفقة أسرته وما يمكن أن تحتويه الأسرة من بنات وأخوات وعمات وخالات، وربما تساءل الصغار عن بعض ما فيها من مصطلحات تبدو غير مفهومة لهم. الحلقات الأخرى تعج بألفاظ السب والشتم وقطع الصوت بنغمة تحفظية لم يكن لها من داعٍ لو أن المخرج تجنبها منذ البداية. كما أن إشاعة ثقافة المقويات الجنسية والحبوب الذي شاهدناه لدى ذلك البدوي الذي تزوج من الآنسة( منشن ) ثم شكا تغير معاملتها له بما يوحي أنها انزعجت من ضعفه وعدم قدرته على إشباعها، كل ذلك لا داعي له، فالمسلسل ليس هدفه تناول هذه الأشياء الهامشية والثانوية بقدر احتياج المجتمع لمن يطرق مشكلاته وهمومه التي يعانيها بشكل يومي، ويوصلها إلى أصحاب الشأن في قالب نقدي يمكن أن يكون لاذعاً في كثير من الأحايين حتى يعطي تأثيره المأمول وتصل رسالته. لقد انحرفت الدراما اليمنية بشكل عام والدراما الحضرمية على وجه الخصوص في مسلسلات هذا العام خلال شهر رمضان لتظهر الشخص الحضرمي كشخص مفتون بالعلاقات الغرامية، المهمل لدراسته، بل تظهره كالأبله المتخلف الميال للاستهبال والخفة وعدم الرزانة، أو اللص الذي يضيع الأمانة التي اشتهرنا بها على مرّ العصور. لقد أغضب واقع الفن أو العفن الفني في حضرموت الكثير من المشاهدين الحضارم وبات ينعكس في نقدهم وكتاباتهم المنددة بتلك الممارسات الرعناء التي أظهرت الشخصية الحضرمية المتفردة كشخصية حاملة للعديد من السلبيات، مع تأكيدنا أن الإنسان ليس منزهاً عن النقائص والمعايب، لكن الاهتمام بجانب وترك جوانب أخرى أكثر أهمية أمر مجانب للصواب. نأمل من منتجي ومخرجي تلك البرامج والمسلسلات البُعد قدر الإمكان عن الإسفاف والأفكار التافهة التي لا تليق بمجتمعنا وإيلاء العناية بالقضايا المحورية التي تنغص حياتنا، وإعمال مبضع الجراح في علاج العديد من مكامن الخلل في الحياة المعيشية الصعبة، والأوضاع المأساوية المؤلمة التي بات يكابدها مجتمعنا الحضرمي خاصة واليمني عامة.