بلغنا خمس سنوات واليمنيين لم يكتفوا بعد من قتل بعضهم البعض ! أيام مؤلفة توالت ونحن لا نزال نتفنن في أراقة دماءنا، ألم يحن مجيء ذلك اليوم الذي نضع فيه نقطة النهاية لهذه الحرب ؟! فإذا لم يأتي هو ألينا، فلما لا نصنع ذلك اليوم نحن بأنفسنا !!
ما منا أحد إلا وهذه الحرب أفقدته عزيز، وسببت له جرحا ليس كأي جرح ! ليس فينا شخص، إلا وجرعته الحرب مرارة الرحيل لأشخاص طالما أحبهم..
أما آن لنا أن نحكم عقولنا، ونستمع لنداء فطرتنا، بأن الحياة حق وعلى الجميع عيشها !
بالله إذا كانت أعمارنا لا تتجاوز الخمسين والستين ألا ما ندر، فأننا نحن اليمنيين قد عشنا من حياتنا خمس سنوات حرب، ولا زال عداد أيام الحرب في تزايد ! سنوات من أعمارنا أكلتها نار الحرب، بلا رجعة أو إعادة !
والأشد ألما، والأعلى وجعا، والأكثر حرقة، هو حال أولئك الأطفال الذين ولدوا في هذه الحرب، لم يعرفوا من حياتهم بعد سوى الموت والقتل والتعازي والجنائز والعويل والفقد، ما من شيء ترسخ في داخلهم أكثر من الحرب، هي كانت قدرهم، وهم كانوا أشد ضحاياها ! مؤلم حين تمتزج براءة الطفولة مع بشاعة القتل وسفك الدماء، أولئك الأطفال أعمارهم بين الثالثة والخامسة أو أقل أو أكثر، ولكن جرعتهم الحرب ويلات ومواقف فأصبحوا أكبر من أعمارهم ! أسقتهم الحرب مرارة كأس حياة أصحاب الستين والسبعين !
أتسائل بمنتهى الألم والأمل معا، متى نحن اليمنيين نعود إلى رشدنا ونضع حدا لهذه الحرب ؟! متى نرجع لصوت العقل والحكمة، تلك التي وصفنا بها عمن سوانا ؟
إذ أنه عقلا ومنطقا وقسما أنه لا يوجد في هذه الحرب خاسر إلا الإنسان اليمني ! فأولا وأخيرا القاتل والمقتول يمني،
فمتى نحن كيمنيين نسعى ونتكاتف ونتعاون للوصول لحل ينهي هذه الحرب ؟
متى نعلنها للعالم برمته والبشرية بأجمعها، عن أسقاطنا لراء ال "حرب" وإستبدالها "حب"
ايضا متى نطوي ونمحي حرف الحاء، ولكن بترتيب مختلف، و نشهد الكون أن يمننا "بر" يتسع الجميع، وليس "بحر" يغرق فيه الكل !!
ومن نفس تلك الحروف، نصل إلى يقين أن لا أحد منا "ربح" أو رابح في هذه الحرب ! ولنتعايش نحن اليمنيين في وئام وتعاضد وألفة ويكون الكل "حر"
بسبب هذه الحرب "بح" صوتنا، ولكن لم يجف "حبر" أملنا،
لأن يوما ما.. ستشرق شمس هذه الأرض الطيبة بدون سماع أصوات أزيز الطائرات، بدون أصوات المدافع والراجمات، يوما، سننسى ضجيج الكلاشنكوفات،
سيأتي ذلك اليوم التي تكون فيه الحرب مجرد ذكرى من الماضي !