أشرقت الشمس; أشرقت لتخبرني بأن شروقها يعتبر الشروق الأخير لثلاثة إخوة, سيشاهد جمال شروقها في الصباح الأخ الأول; ولكن لن يشاهد جمال غروبها الثاني, وربما الثالث قد ينجو ولكنه حتمًا بأنه سيلتحق بمسيرة إخوته الوطنية "الكاذبة". تستمر المسيرة -متعددة المُسميات- في اختطاف أبناء الوطن إلى الحفرة, بهدف تضحيات بناءه مُزيفة, وهيء ليس إلّا لتنفيذ مشاريع وأجندة معينة متفق عليها سياسيًا لا وطنيًا. قررت الابتعاد عن الأمور السياسية; مُغادرًا المنزل ومتجولًا في شوارع المدينة -عدن- أخبرت كياني بعد مغادرتي "ياليتك لم تغادر", شاهدت وأنا في طريقي الذي كان معظمه مشيًا على الأقدام من حي إلى آخر; وجوه تعيسة, مظاهر مسلحة, آليات عسكرية, مواكب مسؤولة مدججة بالحماية العسكرية الضخمة, مراكز مغلقة, امرأة مُسنة هالكة, طفل يتيم, شابة جميلة تخطو ببطء ويبدو على عيناها التعاسة, آخر يمضغ القات -مخدرات- ويحمل جعبة فيها العديد من القنابل ومخازن الرصاص, آخر يمر من جانبي بدون أن يتمنى لي السلام, ماذا يحدث! هل يمكن لأحد أن يخبرني ماذا يحدث بعبارة صغيرة؟ كذلك لا أنسى بأنني وقفت على حافة الطريق بينما كنت مستعد أن أخْطو ألّا إن طقم أمني لا أدري إن كان عسكري يأتي مسرعًا, لا يعترف بوجود "مطب" ليش هدفه إلّا تخفيف سرعة السيارات لمرور المواطنين من الشارع الأول إلى الآخر. ذهبت لأحقًا لأحتسي كوب من القهوة الإيطالية [تتحسينًا بمزاجي التعيس] أفتح الواتساب الخاص بي أجد أحد الاخوة يرسل إليّ مناشدة إنسانية; أخذت نفسًا عميقًا وتمنيت نجاح المناشدة وأن نقوم ولو بالقليل بالمساعدة, أرسلتها لرجال الخير مرة ومرتين, لكن... [علامة الحذف تحكي لكم]. أمسكت بكتابي الذي يعيش في ظلام بوسط حقيبتي; لأخبره بأنه سيرى النور الآن وسيلهمني بالعديد من الأمور المُنيرة, وأنا أقرأ أشاهد آخر أمامي يرتدي شماغ [لا أدري ماذا يحتسي] ولكنني لاحظت منه انظارًا اشمئزازية, فلم أعد أعلم هل المخطأ أنا أو هو! هل أنا في المكان الخطأ أو هو! هل أمسك أنا بالشيء الخطأ أو هو! لم أعد أعلم فأخبرت خير صديق وجليس بأن جميع الأماكن لم تعد مناسبة لنا "للأسف" أكملت قهوتي سريعًا وغادرت المكان, وأنا في حسرة شديدة عما يحدث.