الاختلاف سنة من سنن الله في خلقه فقد خلق الله الناس مختلفين أثنيا (( عرقيا )) وأجتماعيا وثقافيا ولغويا ولهذا فالاختلاف بين البشر أمرا مفروغا منه أيمانا بقول الله تعالى (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين )). وقوله أيضا عز وجل (( ومن آياته خلق السموات والأرض وأختلاف ألسنتكم والوانكم أن في ذلك لآيات للعالمين )) فمنهج الأسلام في مخاطبة المختلف قائم على الحجة والمنطق والدليل القاطع فالله بجلالة قدره وعزته عندما طلب منه سيدنا أبراهيم عليه السلام أن يريه كيف يحي الموتى لم ينعته بالكفر والألحاد بل حاوره الحجة بالحجة فسأله الله تعالى أو ولم تؤمن فرد النبي أبراهيم عليه السلام بلى ولكن ليطمئن قلبي كما أن حوار النبي أبراهيم عليه السلام مع الكافر أعتمد على المنطق والحجة فقال النبي أبراهيم للكافر الله يحي الموتى فرد الكافر وأنا أحيي الموتى فقال له النبي أبراهيم عليه السلام أن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب فبهت الكافر فألجمه وحجمه وهذا دليل قاطع على أن الغاية من اختلاف الآراء ووجهات النظر أقامة الحجة ودفع الشبهات وبيان الرأي الصائب والاستشهاد بالشواهد المناسبة حتى يتمكن المختلفون من الوصول إلى الحق والرأي السديد فالحوار العقلاني هو الوسيلة المثلى في تقريب وجهات النظر المتباينة وإظهار الحق فالواقع الذي نعيشه يحتم علينا جميعا الابتعاد عن التخوين والاتهام خاصة ونحن نحتاج إلى تعزيز وحدة الصف والتوافق والتلاحم الوطني لمواجهة التحديات التي تعصف بالوطن والمواطن لاسيما وأننا جميعا نمتلك الحق في التعبير عن أرائنا وأفكارنا ومواقفنا لتنمية ثقافة التعايش والتسامح والقبول بالأخر على مبدأ الاختلاف ونبذ ثقافة الحقد والكراهية حتى نستطيع أن نعيش في وئام وسلام لأن الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية ولكن من المؤسف له أن البعض يتخد منه ذريعة للعداوة والخصومة قال الأمام الشافعي رحمة الله عليه (( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب )) كما قال (( إلا نحسن أن نكون أخوانا )) ولكن الظاهر أن بعضنا يجهل الفرق بين السياسة والخصومة فقد قال فرج فودة الله يغفر له ويرحمه (( علينا أن نقبل بمنطق الصواب والخطأ في الحوار السياسي لأن قضاياه خلافية يبدو فيها الحق نسبيا والباطل نسبيا أيضا )) ولهذا فأن الاختلاف في الرأي بين الناس في رؤيتهم وحكمهم على كثير من الأمور طبيعي والأهم كيف نختلف ونوصل الى الرأي الأنسب والأمثل بدلامن الأنغلاق والتقوقع والمماحكات وسياسة كسر العظم والشحن والتمسك برأيي حتى وأن كنت مقتنعا أنه غير صائب مما يعمق الفرقة والتباعد وتوسيع فجوة الخلاف قال الشافعي رحمة الله عليه (( ماتناظرت مع أحد الأ وتمنيت أن يأتي الحق على لسانه )) فهل سيرتقي الجميع الى هذا المستوى من فن الاختلاف ويدركون جيدا أن الوطن ملك للجميع ومسؤولية الجميع