هناك فرق بين الإختلاف والتباين ، وبين الخلاف والخصومة والحقد والكراهية التى تتحول إلى عداء اما الاختلاف والتباين فهذه سنة الله في خلقه فاختلاف وتتنوع البشر بأشكالها والوانها وثقافتها وآرائهم امر حتمي ، الا ان الإشكالية التى نعاني منها ان البعض مع الأسف لايفرق بينهما ،، بين الخلاف والحقد والحسد والخصومة التى يمكن ان تتحول إلى عداء وصراع تناحري ، وبين الإختلاف الذي يفرضه إختلاف قدرات وثقافة ووعي وفهم البشر من شخص لآخر في تقييم وحلول هذه القضية او المشكلة او تلك . والذي ينبغي أن يخضع حل مثل هذه التباينات للحوار والحجة والمنطق والتمحيص ، ولذلك يخلط البعض بين الإختلاف والخلاف ولا يستطيع أن يميز ويفرق بينهما مما يندفع البعض ويضع من يختلف معه في قائمة الأعداء أن لم يضعه العدو رقم واحد ، وفي اعتقادي ان مرد هذه الحالة تعود إلى تدني الوعي السياسي وضيق الافق الثقافي والعلمي والتعصب والتعبئة الخاطئة وموروث الفكر الشمولي الذى يضيق بالرأي الاخر حتى وان تغني البعض باحترام وقبول الرأي الآخر وردد شعار التصالح والتسامح والجنوب لكل الجنوبيبن. اننا بالفعل في حاجة إلى أن نتعلم ثقافة الاختلاف واحترام وقبول الرأي الآخر ليس في الشعارات والتغني بها ولكن في تحويلها إلى قناعات ووعى حقيقى ، يقول الإمام الشافعى يرحمه الله (راينا صوابا يحتمل الخطاء ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب )ز ويقول الإمام الشافعي كذلك لأحد طلابه الذى اختلف معه في مجموعه من النصائح منها قوله ( يايونس انتقد القول ، لكن أحترم القائل، فإن مهمتنا هي ان تقضي على المرض ، لا على المرضى ). ان تسفيه كل رأي نختلف معه واتهام كل صاحب ذى رأي مخالف بالعمالة أمر يتنافى مع سنه الله مع العقل والواقع ، ان الذي لايحترم الآخر لايحترم ذاته ، وان احترام الرأي الآخر لايعني بالضرورة الموافقة عليه وقبولة، ولكن أحترام حق الآخر في التعبير عما يجول في فكرة ، ويشكل هذا الاختلاف نوعٌ من الثراء الفكري فالبشر وكل مخلوقات الله سبحانه ليس قطع صناعية منسوخة او متكررة تم صناعتها وهنا تتجلى قدرة وعظمة الخالق في تنوع وتميز واختلاف مخلوقاته حتى في إطار الصنف الواحد كاتنوع البشر والشجر والطيور الخززز ولله سبحانه وتعالى حكمة في ذلك القائل : {ولَو شَاء ربُّكَ لَجعلَ النَّاسَ أمَّةً واحِدةً ولاَ يزَالُونَ مُختَلِفينَ{118}إِلاَّ مَن رَّحمَ ربُّكَ ولذَلكَ خَلقَهُم وتَمَّتْ كلِمةُ ربِّكَ لأَملأنَّ جهنَّمَ منَ الجِنَّةِ والنَّاسِ أَجمَعِينَ {119} (هود ). ويبقى السؤال هل استوعبنا حتمية ثقافة الاختلاف كاسنة كونية في طبيعة اختلاف البشر التى أودعها الله فيهم ؟ وهل نستطيع أن نميز ونفرق بين الإختلاف والخلاف ، وبين النصيحة والتشهير ، وبين النقد التجريح ؟